عبد الله الدامون من الرباط: قلائل همالذين اختبرواالسعادة المطلقة التيأحسهاالعداء العالمي المغربي هشام الكروج حين حقق حلمه بالفوز في أولمبياد أثينا خلال العام الماضي. فبعد خسارة الكروج في سباقين متتاليين السنة الماضية ضمن ألعاب القوى في سويسرا وروما، نعته الصحافة العالمية والمغربية التي وجهت اليه انتقادات لاذعة وتساءلت عن خلفه.

لكن الكروج انبعث من رماده كما ينبعث طائر الفينق من قلب النار. ففي أولمبياد أثينا لم يصدق هو نفسه ما جرى بعد ان حصل على ميداليتين متتاليتين في سباقي 1500 و5000 متر وعاد إلى المغرب والسعادة تملأ وجهه وكأنه بطل صاعد سيبدأ بحصد الألقاب.

إلا ان الحملة الصحافية التي استهدفتالكروج بعد خسارته في سباقي سويسرا وروما أثارت استياءه. وذهب أبعد من ذلك حين اتهم الصحافة الفرنسية بالذات بأنها تحاول دفنه حيًا لتفسح المجال لعداء فرنسي من أصل جزائري للوصول إلى منطقة الأضواء في ألعاب القوى العالمية.

الكروج اتهم أيضًا بعض الصحافيين المغاربة كونهم قلدوا الصحافة الفرنسية وبدؤوا في إهالة التراب عليه.

إلا انهحين ذهب إلى أثينا، بدا وكأنه ولد من جديد. وهاهي الصحافة الفرنسية، التي اتهمها بمحاولة دفنه حيا، هي نفسها التي تكرمه وتمنحه لقب "بطل الأبطال" للعام الماضي. وها هو الكروج يتربع اليوم على قمة ألعاب القوى العالمية وهو على حافة الاعتزال. ففي أوليمبياد أثينا مسح كل أحزانه وضرب خصومه بضربة سيف واحدة وجعل الجميع ينسى الجدل حول الكروج العداء والكروج الإنسان.

وعندما فاز الكروج بجائزة أمير أستورياس السنة الماضية في إسبانيا قرر منح قيمة الجائزة، وهي خمسون ألف أورو، لبناء مدارس في جنوب المغرب. وعلى الرغم من أن أحدا لم يفهم لماذا لم يقرر الكروج بناءها في منطقة شمال المغرب، وهي منطقته الأم، إلا أن الجميع تذكر وقتها أن الكروج يمكنه تخصيص بعض المال لأهداف إنسانية كما يفعل باقي العداؤون في العالم.

وللعداء الكروج طريقته المختلفة في التفكير. فقد قبل بسرور هبة ملكية عبارة عنضياع كبرى لإنتاج البرتقال في مدينته بركان رغم أنف عمالها، لكنه خصص بعض المال الذي ربحه لبناء مدارس في الجنوب، بالرغم من أنمدينته تعاني من فقر فظيع. كما أنه يدخل أحيانا في جدالات طفولية لا تسمنه ولا تغنيه من جوع. وفي كل الأحوال فإن الكروج يفكر داخل المضمار بطريقة أفضل بكثير من الطريقة التي يفكر بها خارجه. وهو في جميع الأحوال بطل كبير.