الموت لم ينزع ما في عيون القتلى من غضب
شارون في الذاكرة الفلسطينية.... مرحلة من الموت
بشار دراغمه من رام الله: موتى بقيت أعينهم مفتوحة على المجزرة، وينظرون للقتلى بغضب، أطفال ونساء وشيوخ لا زالوا الشهداء الشهود على تلك الحادثة، رؤوس بدون جسد، ونساء شقت ثيابهن، وأجساد ممدة بين أكوام القمامة، حتى الموت لم يتمنكن من إزاحة ما في عيون القتلى من غضب، على تلك الثياب البيضاء للطفلة لطخت بالدم، أو تلك المرأة التي إنكفت على وجهها بعد أن مزقت ثيابها، وأجساد محترقة أو نصف محترقة أخرى مشوهة، وأناس تمكنوا من العيش لكنهم مصابون بعاهات وإعاقات حتى هذا اليوم.
كل تلك المشاهد ينسبها الفلسطينيون لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرائيل شارون، والتي تلخصت أحداثها بمجزرة صبرا وشتيلا التي وقعت في لبنان ضد مخيمات اللاجئين وراح ضحيتها الآلاف. هكذا ينظر الفلسطينيون إلى شارون وقد لخصوا صورته في أذهانهم: quot; القاتل السفاح، صاحب المجازر والتدميرquot;، فلا يوجد في أذهان الفلسطينيين أفضل من تلك الصورة حتى في تلك الفترة الحرجة التي يرقد فيها شارون بين الحياة والموت في مستشفى هداسا عين كارم بمدينة القدس، الكل عندما يذكر شارون تذكر معه اللعنة، فبالرغم من إصابته بجلطة دماغية حادة أدت إلى تعاطف العالم معه من الناحية الإنسانية، إلا أن الفلسطينيين لم يتمكنوا من إيجاد هذا التعاطف في قلوبهم.
وحاولت (إيلاف) استطلاع رأي الشارع الفلسطيني وموقفه من شارون في لحظات مرضه، إلا أن هذا الشارع تمنى له الموت فورا دون تردد، فهنا الكل يتهمهم بالتسبب في ألام ومعاناة الشعب الفلسطيني على مدار عقود مضت منذ أن كان جنديا في سلاح الجو، ومضى بوزارة الأمن ورئيسا للوزراء، ففي كل مرحلة ينسب الفلسطينيون له مجزرة ما.
صبرا وشتيلا والشهداء الشهود
quot;صبرا وشاتيلاquot; توجهت إيلاف بالسؤال عنها من سببها، فالكل أجاب بدون صمت أو تردد وبصوت جماعي :quot; أرائيل شارون، فصبرا وشتيلا المخيمان الجالسان في بقعة ضيقة من الأراضي اللبنانية، لا زالا حتى يوم يذكران صور الموت والرعب التي ألمت بهما، عندما ارتكبت المجزرة، هكذا يقول الشارع الفلسطيني. والكل يقول: quot; أوقفوه أقتلوه إنه مسؤول عنهاquot; والحديث هنا عن تسبب شارون بهذه المجزرة وهو من أعطى الأوامر المباشرة للكتائب اللبنانية الموالية لإسرائيل لتنفيذها.
أحد الشهود يقول: quot; عدت من عملي، ذهبت إلى البيت لم أجد احد هناك، سألت عن عائلتي، لم أجد أحد يجيب علي، سرت في الطرقات بين الجثث الممدة، ورائحة الموت المنتشرة في المكان، وصلت إلى المدرسة في المخيم، وجدت عشرات الجثث،
لكن عائلتي لم تكن هناك، واصلت المسير حتى دخلت مسجد المخيم، وهناك وجدت عائلتي مدرجة بدمائها، ابنتي الصغرى كانت معلقة بحبل ومقيدة اليدين والقدمين، ابن الأصغر كذلك كان مقتولا يمسك بيد والدته التي مزقت جثتهاquot;. تلك هي شهادة الحاج عدلي في ذلك المخيم الذي شهد أروع صور الموت.
دخول المسجد وانتفاضة الأقصى
قبل ستة أعوام اندلعت شرارة انتفاضة الأقصى، والكل هنا في فلسطين يرجع السبب في هذه الانتفاضة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرائيل شارون، فلا أحد في الشارع الفلسطيني يذكره بالخير.
في نهاية شهر سبتمبر إندلعت انتفاضة الأقصى وكان السبب الرئيسي فيهان قيام شارون بالدخول إلى المسجد الأقصى، وفي ذلك الوقت كان إيهود بارك رئيسا لوزراء إسرائيل، وكان عائدا من اجتماع انتهى بالفشل مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كامب ديفيد، وأجرى شارون جولته في الأقصى وفي اليوم نفسه اندلعت مواجهات عنيفة داخل المسجد، وانتشرت هذه المواجهات في كافة أنحاء فلسطين خلال ساعات، من الشمال إلى الجنوب، ومن غزة حتى جنين، وتنسب جميع مراكز حقوق الإنسان لشارون المسؤولية عن مقتل أكثر من 4000 فلسطيني خلال هذه الانتفاضة التي لا زالت مستمرة حتى هذا اليوم، وإصابة أكثر من 40000 بجراح مختلفة.
وفي مخيم جنين، يروي شهود عيان لـ(إيلاف) صور المجزرة التي وقعت خلال هذه الانتفاضة والتي راح ضحيتها، أكثر من 100 فلسطيني، في وقت لا زال الغموض حتى الآن يسيطر على العدد الحقيقي لتلك المجزرة، ويتحدث شهود العيان عن أن شارون وصل بنفسه إلى مشارف مخيم جنين للإشراف على هذه المجزرة، ويقول أحد الشهود: في ليلة لم تكن هادئة بدأت القوات الإسرائيلية تتقدم نحو المخيم، في حملة لم نكن نعرف أهدافها الحقيقة، إلا أن ما أفقنا عليه فيما بعد هو جثث منتشرة في الطرقات، ومنازل دمرت على من فيها، وطائرات إسرائيلية دكت أسرة الأطفال وهم في سبات النومquot;.
معرفة رأي الشارع الفلسطيني بشارون تحتاج إلى دراسات ومجلدات فلا أحد ينفي عنه من الفلسطينيين تهمة المجزرة التي وقعت خلال الانتفاضة في حي الدرج بمنطقة الشيخ رضوان بقطاع غزة، حيث ألقت طائرة إسرائيلة، قنبلة تزن 1000 كيلو غرام على بناية سكنية،بهدم اغتيال القائد في كتائب القسام، صلاح، شحادة، والكثير من الاحداث التي يذكرها الفلسطينيون في البلدة القديمة من مدينة نابلس.
الجدار الفاصل ورحلة الحصار
وهنا في فلسطين، الكل يكن حقدا على شارون بسبب الجدار الفاصل الذي بناه فوق أراضي الضفة الغربية، والذي تسبب في مصادرة مئات الآلاف من الدونمات الزراعية، والحصار الذي فرضه هذا الجدار وتحويل المدن إلى كانتونات معزولة عن بعضها، وكذلك الشارع الفلسطيني يحمل على شارون كثيرا بسبب عدم الإلتزام بخطة خارطة الطريق والذهاب نحو خطة quot;فك الارتباطquot; احادية الجانب لفرض الاملاءات على الفلسطينيين من طرف واحد، ودون أن تكون السلطة الفلسطينية طرفا في أي مفاوضات.
فهل يصلي الفلسطينيون من أجل شفاء شارون أم موته؟
التعليقات