بارومتر نجاح الموسم الديني من عدمه في السعودية:
quot;رمي الجمراتquot; المحك السنوي لحجاج البيت العتيق

سلطان القحطاني من الرياض: لطالما اُعتبرت شعيرة رمي الجمرات محكاً سنوياً تواجهه الحكومة السعودية كل عام، وغدا فيما بعد بارومتراً لقياس نجاح السلطات السعودية في تنظيم سير الحج من عدمه، فإن تقلصت نسبة الضحايا أو خلا وجودها اعتبر السعوديون أن موسمهم كان ناجحاً، الأمر الذي يفسر انهمار الجرافات والمعدات في محيط مكان quot;جمرة العقبةquot; التي قتل بجوارها ما يقارب 400 حاجاً، لبدء عمليات توسعة جديدة تفادياً لحدوث تدافع واختناق كما حدث في الموسم الحالي وما سبقه.

ومنذ أمد طويل، أي في أوائل التسعينات تقريباً، أصبحت quot;الشعيرة المُهلكةquot; كما سموها، مثبطاً كبيراً لأولئك الذين يبتغون الحج إلى البيت العتيق، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، على اعتبار أن الذاهب إليه مفقود والعائد منه مولود، بعد تلك الكارثة التي سُحق فيها أكثر من ألف حاج في نفق quot;المعيصمquot;، وكانت مثار جدل وانتباه شديدين لدى السلطات السعودية، بل العالم الإسلامي بشكل عام، وهم ينظرون إلى القتلى بنوع من الرأفة والغبطة، إذ أنهم قضوا في أكثر البقاع قدسية لدى المسلمين كافة.

وفي حين أكد مسؤول سعودي أن السلطات السعودية ستهدم الأسبوع المقبل جسر الجمرات الذي شهد عدة حوادث تدافع في السنوات الأخيرة، لتتمكن من أعادة بنائه لموسم الحج المقبل ليصبح أوسع، فإن أعمال الهدم والإزالة قد بدأت فعلياً منذ يوم أمس الأول في عملية إعادة إعمار قد تناهز تكاليفها حاجز 50 مليون دولار. وسيتألف الجسر من أربعة مستويات عند انتهاء العمل فيه عام 2008.

وتتفاوت المسببات لحوادث التدافع ما بين إلقاء اللوم على البلد المنظم بحجة عدم تنفيذ خطط انسيابية بالغة الدقة أو على حجاج الخارج الذين يأتون دون الالتفات إلى أبسط أبجديات التوعية التي تبثها السلطات السعودية الموكل إليها تنظيم الحج عبر منشورات بلغات عدة، بينما يلجأ بعض كهول العالم الإسلامي إلى شبه محاولات الانتحار، وهم يلقون بأنفسهم إلى مناطق الاختناق بغية فوزهم بالشهادة.

ومع ذلك فإن تحركاً دينياً متصاعداً يدور في أروقة هيئة كبار العلماء، وهي أعلى مرجعية دينية في السعودية،لتدارس إصدار فتوى تُسهم ولو جزئياً في محاولة تضييق الخناق السنوي الذي يكابده الحجاج خلال شعيرة رمي الجمرات،التي تعد بحق أصعب مراحل الحج كما يقول العائدون من المدينة المقدسة لدى المسلمين.

هذا وأنحت المملكة العربية السعودية يوم الجمعة باللائمة على سلوك الحجاج في مقتل 345 حاجا على الأقل خلال رمي الجمرات فيما يمكن اعتباره أسوأ كارثة خلال الحج منذ 16 عاما، وهو ما أكده حجاج عائدون من أن ممارسات البعض ، من شرق آسيا على التحديد، كانت أكثر مسببات لسحق هذا العدد من الحجاج.

وقتل الحجاج دهسا بعد آذان الظهر مباشرة في آخر أيام الحج يوم الخميس الماضي في منطقة الجمرات في منى والتي شهدت حوادث مماثلة من قبل، لاسيما وأنه في حالة مسير هذا الطوفان البشري الضخم لن يكون بوسع أحد التوقف أو الإنحاء لالتقاط شيء ما من الأرض، لأن هذا يعني تلقائياً أنه سيُسحق تحت وابل الأقدام المتحركة.

وقال المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء بالسعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إن الدولة قد بذلت كل ما في وسعها لتجنب وقوع مثل هذه الكوارث متهما الحجاج بعدم الانضباط.

كما ألقى ولي العهد الأمير سلطان إلى جانب وزير الداخلية الأمير نايف بالمسؤولية أيضا على الحجاج الذين لم يلتزموا بالقواعد وحملوا متاعهم معهم وتجاهلوا فتاوى تجيز رمي الجمار في أي وقت خلال النهار. ولم تعلن السعودية جنسيات المتوفين، إلا أن عدد القتلى في كارثة الخميس هو الأسوأ منذ سقوط 1426 قتيلا في تدافع في نفق بمكة في عام 1990.