quot;شطحةquot; دينية صحية لكاتب أعلن تحولاته مراراً
كاتب سعودي يقول إن quot;السجودquot; يكافح التدخين

سلطان القحطاني من الرياض: رأى كاتب سعودي أن السجود يُساهم إلى حد كبير في القضاء على ظاهرة التدخين وفي الإقلاع عنها. جاءت آراؤه هذه في سياق مقال نشرته صحيفة quot;الرياضquot; السعودية الصادرة اليوم الخميس حيث اعتبره متابعون سعوديون quot;شطحةquot; دينية صحية لكاتب عرف بالتحولات المتواترة من اليسار إلى اليمين.يأتي المقالبعد أسبوع واحد من كتابة الصحافي سعد الدوسري لمقال آخر يعتذر فيه عن كل أعماله الأدبية السابقة التي لا تتلاقى مع توجهاته الدينية الجديدة، وأعلن فيها أنه أصبح الآن أكثر قربا من الله.

وكان الكاتب الدوسري قد فاجأ قراءه، للمرة الأولى منذ عقد ونصف هو عمره الكتابي والصحافي، في عموده اليومي بصحيفة quot;الرياضquot; السعودية وفي زاويته (باتجاه الأبيض) يوم الأربعاء الخامس من الشهر الحالي بمقال يحمل عنوان(اعتذار)، قال فيه:quot;أعتذر اليوم عن كل الأعمال الأدبية التي تداولها قرائي، ووجدوا فيها جهداً أو اجتهاداً إبداعياً، راجياً منهم أن يعتبروها غواية شعراً أو نثراً وأن يغفروا لي غوايتي لنفسي أو لهمquot;.

ومنذ ذلك الوقت يتساءل مثقفون سعوديون في مجالسهم الخاصة عما يعتذر عنه الكاتب الدوسري، خصوصاً أن مكانته على الساحة الأدبية السعودية تقهقرت إلى حد كبير منذ إحجامه عن نشر أولى رواياته التي كان يسجل فيها ملامح حرب الخليج الثانية، الحرب الأولى التي عاشها السعوديون حقيقة، وكانت فرصة تاريخية أهدرها الدوسري بعدم طباعة الرواية والاكتفاء بتوزيعها منسوخة على quot;طريقة المناشير السريةquot; على حد قولهم. في مقاله المنشور اليوم الخميس روى الدوسري حكاية يختلط فيها العامي بالعربي الفصيح حول رجل يعتبر من أشد المدمنين الذين عرفهم الدوسري على التدخين والسيجارة، وهو رجل صلب وجاف مثل كل الأشخاص الذين تربطهم بالصحراء علاقة مودة، لكنه تفاجأ ذات يوم من الأيام بأن الروائح الدخانية المعتاد انبعاثها من بيت المدخن الشره لم تعد كذلك، بل حلت محلها روائح العود والعطور النفاذة على غير ما اعتاد الكاتب من صاحبه quot;أبو برquot;.

ويكمل في سياق المقالة قصته حين سأل quot;أبو برquot; عن سبب هذا التحول المفاجئ من روائح الدخان إلى العطور، وجاءته الإجابة أنه، أي أبو بر، منذ أن سجد لربه تلك السجدة التي دعاه فيه وترجاه ليجنبه أذى هذه السيجارة التي سببت لعائلته الكثير من المشاكل، لم يلمس سيجارة قط، بل كلما امتدت يده إلى سيجارة تذكر سجوده الخاشع إلى ربه ذلك اليوم وأصيب بالخجل والامتناع.

وقد تحدث مثقف سعودي إلى quot;إيلافquot;، رافضاً ذكر اسمه ليتسنى له التكلم بحرية على الموضوع، فقال إن الارتباطات الدينية أمرٌ جُبل عليه الشعب السعودي كونه شعبا متدينا بطبيعته منذ أن بدأت منه أول تعاليم الدين الإسلامي من ساحله الغربي مهد الرسالة الدينية الإسلامية، إلا أن الحديث بهذه الطريقة التي قرأناها في مقالة الدوسري عن طريقة الإقلاع عن التدخين لا يستند إلى أطروحة علمية دقيقة تجعل من كلامه ما يحمل وقعا كبيرا على مسامع القراء.

ويقول متدينون سعوديون في تعليقات رصدتها quot;إيلافquot; على المقالة الدينية الصحية إن quot;الدعاء أمر إيجابي ومن أركان العبادة، لكنه يرتبط بالمشيئة الإلهية لعباده، فليس كل من سجد ودعا الله أن يجنبه التدخين، يجد نفسه قد أقلع عن التدخين فجأة دون سابق إنذار،ذلك أن لكل شيء سبب يجب على المؤمن القيام به أولاً، ومن ثم انتظار رحمة ربهquot;، وهذا القول وسابقه من ناحية دينية وصحية يخالفان بشكل كبير ما ذهب إليه الكاتب الدوسري خلال مقالته.

والدوسري يكتب عموده اليومي في صحيفة quot;الرياضquot; منذ أوائل التسعينات كما تقول المصادر الصحافية التي راقبت شؤون الإعلام السعودي، وهو عمود صحافي بدأ في منتصف عام 93، وذلك رغم أنه بدأ في كتابة العمود منذ أواخر السبعينات الميلادية من القرن المنصرم في صحيفة quot;المدينةquot;، ومن ثم quot;الجزيرةquot;، ومجلة quot;اليمامةquot; فجريدة quot;الحياةquot; ومجلة quot;الوسطquot;، ثم حط رحاله أخيرا في صحيفة quot;الرياضquot;.

وتكشف الخريطة المرحلية لتحولات الدوسري كما يراها قريبون منه عاصروا تحولاته، مدى ولعه بالتقلب بين أيديولوجيات تجعل من حالته دليلا عل عدم الاستقرار الداخلي، إذ إنه حين كان في مطلع العمر والحبر كان ذا التصاق كبير بالرؤى الشيوعية التي أسرته لوقت قصير، إلى أن تحول إلى الموجة المعتادة آنذاك، وهي القومية العربية ورموزها الصوتيين في سائر أرجاء الوطن العربي.

وبعد المرحلة العروبية عاش الكاتب والروائي والقاص سعد الدوسري مرحلة من التدين المرحلي لم تطل إلى أن اعتنق الأفكار الليبرالية في شكل لم يعد يخفى على متابعيه خلال المرحلة الأخيرة والمراحل التي سبقتها من التحولات الفكرية، إذ لم يسبق أن كتب صراحة عن تحولاته الإيديولوجية. وفي مقاله الاعتذاري السابق، قال الدوسري:quot; سأتمسك اليوم بكل الأعمال الأدبية التي كتبتها للأطفال، وببعض الأعمال الإبداعية التي كتبتها للكبار مثل المجموعات القصصية والمسرحية: laquo;انطفاءات الولد العاصيraquo; وlaquo;بلاط السيدة الأخيرةraquo; وlaquo;عندما يكتب البطل هزيمتهraquo; وlaquo;شتات الظلraquo;، وlaquo;مصابيح العزلةraquo; وlaquo;رعدٌ يسابق برقَهraquo; ومثل رواية laquo;الرياض نوفمبر 90raquo;، وكل هذه الأعمال سأقدمها إن شاء الله للإعلام الداخلي لطباعتها طبعة أولى أو ثانيةquot;.

ويقول معلقون سعوديون أن المقال الذي كتبه الدوسري ما هو إلا quot;قصة قصيرةquot; لا أكثر على غرار مجموعاته القصصية التي سبق أن كتبها خلال العقود الثلاثة المنصرمة، وإن كانت هذه القصة ذات نفس ديني كتلك التي كانت تمتلئ بها الأشرطة الدينية لشيوخ الصحوة فترة التسعينات ومنتصفها، والتي تحوي كما كبيرا من القصص العاطفية الدينية التي لا تستند إلى مصداقية تذكر، غير أنها من وجهة نظرهم تندرج تحت باب quot;الكذب الحلالquot; ، على ما يقولون خلف الكواليس.

لينك المقال