اندريه مهاوج من باريس: لم يحمل كلام الناطق باسم الخارجية الفرنسية أي تاكيد او تعابير جازمة بشان ارسال مبعوث الى ايران او فتح مفاوضات مباشرة معها وانما ترك جملة افتراضات تندرح في اطار الموقف الفرنسي العام الذي اعلنه مرارا كبار المسؤولين والقائم على مبدا ترك باب الحوار مفتوحا مع طهران في حال استجابت لمطالب المجتمع الدولي .

وهذا الموقف اكده صراحة احد مساعدي الناطق باسم الخارجية ردا على استيضاحات منquot; ايلافquot; ومفاد كلامه ان كلام الناطق جان باتيست ماتيي عن ارسال مبعوث الى طهران لم يكن اعلانا من قبل الخارجية الفرنسية وانما ردا على سؤال صحافي استنادا الى مقال في صحيفة لوموند توقع كاتبه ارسال المبعوث المذكور. و اوضح مساعد الناطق باسم الخارجية ان ماتيي لم يؤكد معلومات quot; لوموندquot; لا بل انه نفاها و اضاف ان أي قرار لم يتخذ بشان ارسال مبعوث الى طهران او للقاء مسؤولين ايرانيين كبار في أي مكان ما وان الامر مجرد افكار تم تناقلها في وسائل وفي اوساط معينة من دون ان تكون صادرة عن أي جهاز رسمي فرنسي وشدد على ان فرنسا لا يمكن ان تقدم على خطوة من هذا النوع قبل التشاور المسبق مع كافة شركائها في الاسرة الدولية وان كلام ماتيي قد اسيئ تفسيره.

والواقع هو ان ما ورد على لسان الناطق باسم الخارجية الفرنسية خلال لقاء صحافي يحمل في طياته تفسيرات عدة ويترك الباب مفتوحا ليس فقط امام احتمالات اجراء حوارمع ايران في حال استجابت لمطالب تعليق انشطتها النووية كما اكدت فرنسا مرارا في السابق ولكنه يفتح الباب ايضا امام نظريات عدة للتعامل مع طهران وهو ما بدأ يظهر في اوساط دبلوماسية فرنسية وتحديدا بين رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية حيث لكل منهما وجهة نظر متفاوتة من جدوى فتح الحوار مع ايران ومن اعادة الانفتاح عليها ومن النتائج التي يمكن استخلاصها .

ولم يكن صدفة نفي الناطق باسم الخارجية وجود خلاف مع رئاسة الجمهورية وقوله ان رئيس الجمهورية هو الذي يحدد توجه السياسة الخارجية ولكن بالتعاون التام مع وزارة الخارجية . ومهما يكن فان فكرة ارسال مبعوث غير مستبعدة كليا وان كان اتخاذ قرار نهائي بشانها لم يتم بعد . والواضح ان العقدة لم تعد في فتح الحوار بحد ذاته وان مسالة التوقيت تنتظر ظروفا مؤاتية . ففرنسا التي تتمسك بالتشاور مع الشركاء وتشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة موقف المجتمع المدني لا تنفي وجود تفكير بارسال مبعوث مع تاكيدها على الا يكون ذلك متعارضا مع قرارات المجتمع الدولي بشان ايران ومع قنوات الاتصال الدولية المتفق عليها اكان عبر اللجنة السداسية او عبر الاتحاد الاوروبي .

و اذا كان الناطق باسم الخارجية لم يجب على سؤال عن الموعد المحتمل لاتخاذ قرار ارسال هذا الموفد وعما إذا كان سيتم قبل مؤتمر باريس 3 في الخامس والعشرين من الشهر الحالي ، فالواضح ان باريس وتحديدا الرئيس جاك شيراك الذي يضع هذا المؤتمر وكل خطوة تؤمن الدعم لحكومة فؤاد السنيورة في سلم اولويات تعاطيه مع الملف اللبناني لن تنقصه الحجج لاقناع شركائه الدوليين بضرورة الاقدام على خطوة ارسال مبعوث الى ايران اذا كانت مهمة هذا المبعوث ستسهل نجاح مؤتمر باريس 3 ولكن من دون تقديم تنازلات جوهرية لايران .

و من جانب اخر فان فرنسا التي لاقت بتحفظ استراتيجية الرئيس جورج بوش الجديدة في العراق والتي علق عليها وزير خارجيتها فيليب دوست بلازي بالمطالبة باستراتيجية متكاملة وبمقاربة دبلوماسية لحل الازمة العراقية لن تتاخر في الدفاع عن اهمية فتح حوار مع ايران لتامين الاستقرار في العراق من دون تقديم أي تنازل بشان مطالب المجتمع الدولي المتعلقة بالملف النووي الايراني والذي اصبح في عهدة الامم المتحدة .عنصر اخر لا بد لفرنسا ان تاخذه في الاعتبار في أي خطوة من هذا النوع وهو المصالح الامنية الاسرائيلية وقد اكد على ذلك الناطق باسم الخارجية هذا الى جانب المصالح الامنية الاميركية في الخليج التي لم يشر اليها الناطق الفرنسي ولكنها من البديهيات التي لا تحتاج الى تاكيد .وهناك اخيرا المصالح الدبلوماسية والتجارية الفرنسية التي لا بد من مراعاتها في كل عمل دبلوماسي .

يبقى ان فرنسا المستعدة للتحاور مع ايران لا تزال ترفض بشدة أي حوار مع سوريا وذلك لاسباب تتعلق بالعلاقة الصدامية المباشرة بين رئيسي البلدين والتهجمات العديدة التي تعرض لها الرئيس شيراك نفسه وسياسة بلاده اللبنانية على لسان مسؤولين سوريين او مقربين منهم في بيروت هذا اضافة الى جملة مطالب فرنسية لم تلبها سوريا بنظر باريس ومنها وقف زعزعة استقرار حكومة السنيورة مباشرة او عبر الحلفاء والتعاون الجدي في تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي وتنفيذ القرارات الدولية الاخرى وكف أي تدخل في شؤون لبنان. وقد جعل الرئيس شيراك من هذه الامور شرطا مسبقا لا ي حوار مع سوريا محملا اياها مباشرة ، وليس طهران، مسوؤلية أي عرقلة في الملف اللبناني نظرا لواقعها الجعرافي الملتصق بلبنان وتاثير ذلك المباشر على الوضع السياسي والاقتصادي والامني ونظرا لشبكة التحالفات التي اقامتها طوال 30 سنة من وجودها في لبنان