إستفتاء إيلاف حول تداعيات إغتيال بيناظير بوتو:
بداية أزمات أم نهاية للعسكر

تاج الدين عبد الحق من أبوظبي: على الرغم من غيابها المادي، فإن اغتيالها المفجع، لن يقلل الحضور الطاغي لبيناظير بوتو في المشهد السياسي الباكستاني، فكما كانت هي الرقم الصعب في حياتها فإنها تبدو الرقم الصعب بعد رحيلها الدامي. ولن يكون تأثير بيناظير بوتو الغائبة الحاضرة محصورًا بالانتخابات التشريعية التي ستجري الشهر المقبل، بل في تشكيل مجمل المرحلة المقبلة. وفيما يبدو مؤكدًا أن حزب الشعب الباكستاني سينال الغالبية في الإنتخابات المقبلة، فإن فوزًا من هذا النوع يعني أن البرنامج الليبرالي الذي دفعت بوتو حياتها قربانًا له هو الذي سيرسم الخريطة السياسية الجديدة لباكستان. وهذا يعني أن الحزب يضع نفسه في مواجهة متعددة المستويات والأشكال. وأول هذه المواجهات وأوضحها مع حكومة الرئيس برويز مشرف. فحزب الشعب الباكستاني حمل الرئيس مشرف مسؤولية إغتيال زعيمته التاريخية بعد حادث الإغتيال وشكك في روايتها لأسباب الوفاة.

على ان معركة حزب الشعب مع الحكومة ستكون محطة في حرب طويلة يخوضها الحزب حتى لو فاز في الانتخابات. بل يبدو ان الخلاف مع الحكومة سيكون الحلقة الاضعف، على الرغم من القبضة العسكرية الحديدية التي تمسك بها مقاليد السلطة . وقد ظهرت مؤشرات هذا الضعف واضحة في المحاولات المستميتة التي بذلها الرئيس مشرف قبل شهور من حادث الاغتيال لعقد تحالف مع بوتو او شراء مباركتها السياسية لولاية رئاسية جديدة .وكان من ابرز المحاولات التي قام بها زيارته الى ابوظبي حيث اجتمع مع بوتو التي كانت تقيم في دبي منذ ما يزيد على عشر سنوات .وهو اجتماع كان يحمل نكهة التنازل من الرئيس مشرف خاصة وان مطالب بوتو فيه كانت تشمل ضمن امور عديدة تخليه عن قيادة الجيش كشرط للسماح له بخوض انتخابات الرئاسة . كما ظهرت دلائل الضعف في ردة فعل العالم تجاه حادث الاغتيال والتي زادت من الضغوط التي يتعرض لها الجنرال مشرف من اجل اعادة الحياه الديمقراطية والتي حدت ايضا من اي فرصة له لتزوير الانتخابات المقبلة لصالحه .

اما المعركة الاصعب التي يواجهها حزب الزعيمة الباكستانية الراحلة فهي المعركة مع القوى المتطرفة التي لم تخف عداءها السافر لبوتو ولبرنامجها الليبرالي والذي تقول انه يصب في المشروع الامريكي الخاص بما تسميه مكافحة الارهاب . ومن الواضح ان مثل هذه المعركة لن تكون سهلة لعدة اسباب اهمها انها تتصل بشرائح اجتماعية من الصعب استقطابها لمعركة سياسية مع جهات ترفع شعارات دينية . كما انها ستكون مواجهة غير متكافئة ايدولوجيا من حيث ان الجهات المتطرفة لاتستخدم فقط خطابا دينيا في مواجهة خطاب سياسي ، بل تستخدم عند الضرورة وسائل عنيفه .والسبب الثالث ان قوى المعارضة في باكستان ليست موحدة بما يكفي لخوض المعركة الاساسية مع المتطرفين . فالاحزاب الاسلامية بما فيها الحزب الذي يتزعمه نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني السابق قد لا يكون مستعدًا لتبني التوجهات الليبرالية التي يحملها حزب الشعب باغتبار ان مثل هذه التوجهات قد تضر بالجسور التي نسجها شريف مع الحركات الاسلامية .

في ضوء ذلك طرحت ايلاف سؤالها وهو هل سيكون إغتيال بينظير بوتو بداية لمزيد من الأزمات في المنطقة؟ وقد اظهرت نتائج الاستفتاء الذي شارك فيه اكثر من 4000 شخص متابعة قوية واهتمامًا واسعًا من القارئ العربي لما يدور في باكستان، ما يدل على ان هناك ترابط بين امن باكستان كدولة اسلامية وكدولة جارة وبين امن المنطقة العربية وخاصة في منطقة الخليج . كما ان النتائج اظهرت فهما لوضع الساحة السياسية الباكستانية حيث قال 2370 شخصًا وبنسبة 59% من المصوتين ان اغتيال بوتو سيكون بداية مرحلة جديدة من الازمات ، في ادراك واع للدور الاساسي الذي كانت تلعبه بوتو في الساحة السياسية الباكستانية وللتوابع التي ستنتج عن زلزال الاغتيال. وفيما قال 427 مصوتًا انهم لا يعتقدون بامكانية حدوث ازمات في المنطقة كنتيجة لاغتيال بوتو، فإن الذين قالوا بأنهم لا يدرون والبالغ عددهم 1228 مصوتًا وبنسبة 30 % لا يعني انهم يستبعدون حدوث ازمات فهم يقفون على الخط الفاصل بين رأي اقلية قليله وبين رأي اكثرية طاغية وهو ما قد يدفع بعضهم لإعادة التمعن في المشهد الساسي الباكستاني من جديد ليتبن المعطيات التي بنت عليها الاكثرية رأيها .