العلم الأميركي يرفرف في سماء الرياض الصديقة
نظرة اجتماعية سعودية ايجابية مع زيارة الرئيس بوش

بوش يصل المنامة وإعتصام أمام سفارته

بوش يزور الكويت محطته الخليجية الأولى

بوش يزور النصب التذكاري لضحايا المحرقة ويبدي تأثرا

سخرية تزامن جولة بوش مع الإنتخابات الرئاسية

بوش يشيد بأولمرت أمام وزرائه

بوش يزور رام الله للمرة الأولى ليدافع لدى عباس عن أمن إسرائيل

بوش: دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا خلال عام

النص الكامل لتصريح بوش في اسرائيل والاراض

ممدوح المهيني من الرياض:
لأعوام طويلة، وخصوصا بعد الحرب الأميركية على الإرهاب والعراق, شنت وسائل الإعلام السعودية المحلية والعربية حملة واسعة ومنتقدة للأخطاء الأميركية ولكنها في جزء كبير منها كانت حملات معادية أيديولوجياً للدور الأميركي العالمي وللثقافة والطريقة الأميركية التي تجتاح العالم. العلم الأميركي حمل كل دلالات التشويه، فالعلم الذي يعبر بنجومه عن عدد الولايات الأميركية المتحدة فقد هذه الرمزية الوطنية وتحول إلى رمز للشر والعجرفة والظلم.
مع كل ذلك ففي قلب العاصمة السعودية الرياض يرفرف هذه الأيام العلم الأميركي الذي وضع على امتداد الشوارع الرئيسية استعدادا لاستقبال الرئيس الأميركي بعد أيام. قد يبدو أن هذا العلم مزروع في مكان معادي لأميركا وقد يشعر الكثير من السعوديين بمشاعر الاستفزاز لمجرد رؤيتهم هذا العلم ولكن كثيرون أيضا يمرون بسياراتهم بدون أن يشعروا بأي مشاعر غاضبة. وربما يعكس كل ذلك تغيرا ايجابيا في المشهد الشعبي السعودي تجاه أميركا وخروجا عن التعبئة الإعلامية العربية المسيسة . ويمكن القول أن التغيير في المشهد الشعبي السعودي لم يرجع لتوجيه إعلامي مخطط أو جهود دبلوماسية ( مثلا قناة الحرة تحظى بمتابعة ضعيفة في السعودية ولا يعرف غالبية السعوديين من هي كارين هيوز المسئولة السابقة عن تحسين صورة أميركا في العالم الإسلامي) بل للتجارب والتأملات الشخصية والملامسة الواقعية أكثر من أي شيء آخر .
في الفترة الأخيرة يمكن ملاحظة بعض الوقائع الجيدة بعد سنوات من ذكريات الإرهاب وحرب العراق وغوانتناموا السيئة . في استطلاع أجراه مؤخرا مركز quot; غد خال من الإرهابquot; وهي المجموعة الدولية لاستطلاعات الرأي العام قال أن أغلبية سعودية لديها موقف إيجابي من الولايات المتحدة الأميركية أكثر من أي دولة أخرى في العالم الإسلامي، حيث يؤيد 40 في المائة الولايات المتحدة.
موجات الإبتعاث للطلاب السعوديين اعتبرت أيضا حدثا منعشا وايجابيا في عقول الكثير من السعوديين تجاه أميركا , على الرغم من حرب الإعلام الكبيرة على أميركا إلا إن هذا لم يمنع أبدا احد الطلاب من اختيار مكان آخر لبعثته غير الجامعات الأميركية بل يعتبر الأشخاص الذين يحصلون على فرصة للدراسة في أميركا هم الطلاب المحظوظون.
الأعداد الضخمة من الطلاب السعوديين المبتعثين لأميركا بدوا متفقين وهم يتحدثون عن صورة أخرى للمجتمع الأميركي الطيب والمضياف والمتعاون ولأميركا المنظمة والواضحة غير تلك الصورة الرديئة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام المحلية والعربية . إنهم بأعدادهم الضخمة يشكلون أكبر شاشة إعلامية حية يمكن أن ينقلونها لأهاليهم في السعودية . يقول الطالب عبدا لله رشيد الرشيد :quot; كل الحديث الذي سمعناه عن أميركا اكتشفنا انه خاطئ جدا. إن الحياة في أميركا مميزة بوجود أناس طيبين ومتعاونين . لا تشعر بأنك غريب أبدا إذا كانت تأتيك دائما دعوات للمشاركة في حفل أو فريق كرة السلةquot;.
السعوديون يعرفون في لا وعيهم أنهم يعيشون وفق نمط حياة أميركي. إنهم يترقبون في كل عام الموديل الجديد من السيارات الأميركية ويفضلون الأكل في الوجبات السريعة الأميركية ومغرمون بمشاهدة المسلسلات والأفلام الأميركية وتتطلع نسبة منهم في كل عام لقضاء عطلة الصيف في نيويورك أولوس انجليس . وأكثر القضايا التي تشغلهم هذه الأيام هي جمع المال من سوق الأسهم المتصاعد لديهم ولا تشغلهم أبدا قصص السياسة إلا إذا كانت ستزعزع أوضاعهم الاقتصادية وتقلل من معدل أرصدتهم البنكية. إنهم يدركون أن النظام الذي يمنحهم كل هذه الثروة في الأصل نظام غربي. أما النظام العربي فهو فضلا على أنه غير جاذب للمال هو مثير للمشاكل السياسية والأمنية.
في الواقع أن نسبة كبيرة من السعوديين مؤد لجين دينيا ولكنهم غير متعصبين سياسيا. إنهم يحملون أيديولوجيا معادية لغير المسلمين ولن يسمحوا بممارسة عباداتهم بشكل علني على أرضهم ولكن ليس هناك أي أيديولوجية سياسية معادية للتعاون مع غير المسلمين إذا كان ذلك سوف يعني ازدهارهم ماديا. السعوديين يفضلون الأطباء الأميركيين على غيرهم ويحلمون بالاشتغال في شركة أميركية محترفة و يدركون بشكل عام أن العلاقات التي تربط بين بلدهم وأميركا مفيدة لهم أكثر من أي علاقة مع أي دولة عربية أخرى.
السعوديون كائنات دينية ولكنهم يتصرفون بشكل سياسي فقط عندما تثار القضايا الدينية. أكبر تحرك سياسي شعبي شهدته السعودية خلال السنوات الأخيرة هو مقاطعة البضائع الدنمركية وكان ذلك بسبب حادثة دينية تم فيها الإساءة إلى الرسول برسامات كار كتورية . التحريض الديني في السعودية أقوى بكثير من التحريض السياسي الذي لا يمثل بالنسبة للسعوديين إلا فورات عاطفية تحدث فقط مع اندلاع الحروب أو النزاعات أو فضيحة أخلاقية وإنسانية مثل فضحية quot; أبو غريبquot; . إسامة بن لادن نجح في كسب تعاطف السعوديين عندما كان يستخدم المصطلحات الدينية ولكن عندما مس أمنهم السياسي والاقتصادي فقد كثير من شعبيته وعلى الرغم من انه يحاول بشكل مستمر إثارتهم سياسيا في كل مرة يخرج فيها إلا انه لا يحقق أي نجاح يذكر.
مع عدد متزايد من الطلاب السعوديين المبتعثين المحبين لأميركا و تصاعد سوق الأسهم واستقرار الأوضاع في العراق, كل ذلك سيجعل زيارة الرئيس الأميركي بوش للسعودية ايجابية وربما ستساهم بجعل العلم الأميركي يرفرف قريبا في سماء صديقة جدا.
.