العربية وشقيقاتها وضعت وزارة الإعلام السعودية في زاوية ضيقة
قناة quot;السياسة الناعمةquot; تحتفل بمرور 5 سنوات على ظهورها

سلطان القحطاني من دبي: مضت خمسة أعوام على ظهور قناة العربية كضيفة جديدة على التلفزيون السياسي في منطقة مزدهرة بالمشاكل والحروب منذ فجر الخليقة. بيد أن هذا لم يكن السبب الوحيد في ظهورها عبر تمويل من مجموعة (c.b.m)، التي يملكها الشيخ وليد الإبراهيم، بل إن وجود قناة مثل الجزيرة كان له دورٌ أكبر تأثيرًا في التحفيز لهذه الولادة. وظلت quot;الجزيرةquot; صوتًا مزعجًا لكثير من الأنظمة العربية، على مدار سنوات صاحبت انطلاقتها من قطر التي تعتقد أن هذه القناة هي مفاعلها النووي الذي تهدد به خصومها، بينما تُحسب هذه القناة الوليدة على خط الرياض المعتدل، الحكومي إلى حد ما، الأمر الذي يجعلها صاحبة صنعة جديدة هي quot;السياسة الناعمةquot;.

وظهرت العربية لتكون خطًا موازيًا في وجه الإعلام المُسيطر عليه من قبل القوميين العرب والإخوان المسلمين الذين قدموا دعمًا لوجستيًا للفكر الديني المتطرف من خلال بث بيانات تنظيم القاعدة وإتاحة الفرصة لرؤسائه المغضوب عليهم، والضالين في الظهور على الشاشة من وقت إلى آخر.

ويقول محللون إن التفكير بأن هاتين القناتين هما شكل آخر من أشكال صراع الرياض- الدوحة في الفضاء أمرٌ فيه الكثير من السطحية، إذ إنهما وجبتان منفصلتان تقدمان إعلامًا يمتلك نسبة لا بأس بها من الاستقلالية، على الرغم من أنه في حالة العربية فهي محسوبة على مجموعة تلفزيونية تقدر أرباحها بملايين الملايين الدولارات في كل عام.

غير أن مدير القناة عبد الرحمن الراشد يقول في أحد حواراته الصحفية: quot;إن العربية لم تنشأ للرد على الجزيرة. لو لم تكن الجزيرة موجودة لظهرت محطة اسمها العربية أو تحت أي اسم آخرquot;. ويزيد في قوله quot;ليس المطلوب أن نسحب منهم البساط أو يسحبوه منا. المطلوب أن تتوفر للمشاهد العربي محطات كثيرة وألا تحتكره قناة واحدةquot;. وقدمت هذه المجموعة صورة مضيئة للمملكة العربية السعودية أمام العالم العربي بقوة أكثر مما فعلته وزارة الإعلام الحكومية.

وتواجه هذه الوزارة ذات الميزانية الضخمة المزيد من التحديات في ظل تحول نظيراتها المجاورات في العالم العربي إلى الظل أو التخصيص الجزئي لمعظم أنشطتها الأمر الذي يجعل منها أكثر ديناميكية وحركة، بعد أن تكون قد تخلصت من البيروقراطية التي تشتهر بها حكومات المنطقة. وبينما ألغيت الوزارات الإعلامية في ما يزيد على خمسة بلدان في العالم العربي، فإن الوزارة السعودية التي يقع تحت قلاع نفوذها أربعة قنوات تلفزيونية وأخرى إذاعية، قد تواجه منافسة شرسة ليس في وسعها مقاومتها.

وبالنظر إلى ما حققته مجموعة أم بي سي الفضائية ذات التمويل الخاص التي يملكها أحد أصهار الملك الراحل فهد، وهو وليد الإبراهيم، فإنها الدليل الحي على أن هذه الحركة التلفزيونية التنويرية الدؤوبة قد خدمت سياسة الرياض وثقافتها بشكل أكبر مما قام به هذا الجهاز الحكومي المسؤول عن الإعلام وتفرعاته.

وقال محمد آل الشيخ، وهو أحد أشهر كتاب الصحف السعودية، عن هذه المسألة في حديث مع quot;إيلاف:quot; : quot;محطة الـ MBC السعودية أنجزت للمملكة ما عجزت عن إنجازه كل وسائل الإعلام الحكومية مجتمعة. هذه المحطة هي منجز سعودي بالكامل، وتدار بعقول سعودية، واستطاعت -كما تقول أرقام إحصاءات المشاهدة- أن تتربع على القمة الإعلامية الناطقة بالعربية، ودخلت كل بيت، وصدّرت الصورة المتحضرة عن السعودية والسعوديين إلى الخارجquot;. وبعد هذه الإلغاءات المتكررة لوزارات الإعلام كما حدث في الأردن وقطر وربما البحرين وعمان فقد يأتي وقت يجتمع فيه وزراء الإعلام العرب مع أنفسهم فقط.

ويضيف آل الشيخ المشهور بولعة بالمشروب الغازي quot;دايت كوكاكولاquot;، على غرار بيل كلينتون، قائلاً:quot; كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة أن الإعلام الحكومي المقيّد بالأنظمة الحكومية أثبت فشله، الأمر الذي يجعل الصرف عليه ضرباً من ضروب التبذير، نظرا لتدني عائده وجدواه في صناعة الرأي، خصوصاً في ظل عدم قدرته على النفاذ إلى ذهنية المتلقين للرسالة الإعلاميةquot;.

وسبق وأن كشفت quot;إيلافquot; الدعاوى التي تحدثت عن وجود quot;سوء استخدام أموالquot; في هذا الجهاز الرسمي بعد أن أنفق ملايين مملينة من الدولارات على مسلسلات لا تصلح للعرض أو ليست بالجودة المطلوبة، وهذا ما تسبب في التأثير على الدراما السعودية لولا ما تقوم به مجموعة (m.b.c) من جهد تمثل في إنتاج عدد من المسلسلات بجودة عاليةquot;.

إلا أن هذا لا يعني أن صفحة القناة بيضاء حد الكمال. يقول صحافي لم يشأ ذكر اسمه عن ملاحظاته حول أداء القناة: quot;لا تلتزم المذيعات بلباس محتشم يليق بقناة إخبارية. كما أن هنالك عددًا من البرامج لا يعرف ما هو خطها بالتحديد من ناحية اختيار الضيوف، وصوت الناس غائبquot;.

ويقول مسؤول قسم المنوعات والموسيقي في صحيفة الجزيرة السعودية محمد يحى القحطاني، وهو يتحدث مع quot;إيلافquot; حول القناة: quot;وجودها في دبي أسهم في جعلها أكثر قربًا من جو المنطقة ونهضتها سياسة واقتصادًاquot;. وربما تكون إحدى الملاحظات على مجموعة يديرها شيخ يفكر خارج الصندوق هي أنها إنتقلت من quot;لندن العظمىquot; إلى quot;مدينة الملاهي الكبيرةquot; دبي المشهورة بمبانيها وزحامها، مما أحدث فراغًا قد يؤثر سلبًا على نفوذ الإعلام السعودي المرئي في عاصمة إعلام العالم ومخابراته.