أميركا غير متحمسة لتوجيه ضربة إلى مشروع نجاد النووي
إسرائيل- إيران: الحرب لن تقع غدًا

إيلي الحاج من بيروت:
إستبعد تقرير دبلوماسي ورد إلى بيروت أخيرًا اندلاع مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل، أقله في المدى المنظور، بسبب بناء إيران لقدراتها النووية، وذلك خلافًا لتوقعات كثيفة تحدثت عن حرب محتملة وشيكة. ويلاحظ التقرير أن المفاوضات الإسرائيلية ndash; السورية غير المباشرة حيّدت دمشق عمليًا عن الصراع المسلح، وأن حماسة إسرائيل للتحرك ضد طهران تتصاعد كلما ظهر إحجام الولايات المتحدة الاميركية عن القيام بهذا العمل بنفسها، وفوق ذلك كلما لاحظت إخفاق العقوبات والروادع الدولية المتنوعة في حمل القيادة الإيرانية على التخلي عن خيار إمتلاك القوة النووية .

ولا شك بحسب التقرير أن عملية إسرائيلية بهذا الحجم تتطلب تماسكًا داخليًا غير متوافر حاليًا في التركيبة السياسية الإسرائيلية، لكنه قد يتوافر خلال أسابيع بقيادة تسيبي ليفني المرشحة لتأخذ دور غولدا مائير في صنع القرارات الخطرة واتخاذها، كذلك ترتبط العملية بقدرات سلاح الجو وفاعليته ، فضلاً عن الإستعداد البري لخوض حرب في لبنان ضد quot;حزب اللهquot; الذي سيتحرك على الأرجح ويضرب الأراضي الإسرائيلية في العمق إذا ما هوجمت إيران.
وغني عن الإشارة أن حماسة واشنطن لضربة عسكرية اسرائيلية للمنشآت النووية الايرانية لم تعد متوافرًا والدلائل على ذلك كثيرة أبرزها أن واشنطن لم تعط موافقتها سابقًا على تحليق المقاتلات الاسرائيلية فوق العراق، علمًا أن الإذن يجب أن يكون مشتركًا أميركيًا- عراقيًا. وليس واردًا أن تتمكن واشنطن من انتزاع موافقة من الحكومة العراقية في هذا الشأن. ثم أن الهواجس الأميركية في المنطقة باتت تتركز على تكريس الاستقرار وتوفير الظروف المناسبة لإقامة نظام اقليمي يحمي المصالح الاميركية ويلحظ مصالح الآخرين. ويندرج في هذا السياق ترتيب سلمي لأزمة الصراع العربي - الاسرائيلي وحصر امتلاك ايران للطاقة النووية في المجال السلمي، وحتى الاستعداد الأميركي للتجاوب مع الدعوة الى تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي.

ويشير التقرير إلى رفض واشنطن تقديم أسلحة هجومية لإسرائيل تمكنها من ضرب منشآت إيران النووية، وبروز أصوات في اسرائيل تدعو الى خيارات عقلانية بدون اراقة دماء من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية الاميركية والاوروبية من نوع الحصار على قطع الغيار لصناعات النفط والمصافي ومقاطعة كاملة للنظام المصرفي الايراني. لذلك كله يبدو التلويح بالضربة العسكرية الاسرائيلية للمنشآت النووية الايرانية مجرد فصل من quot;حرب نفسيةquot; تسعى إلى إعطاء العقوبات والحوافز الاميركية والاوروبية بعدًا عسكريًا.

وكان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني وكبار المحافظين الجدد شجعوا في الماضي على الخيار العسكري ضد إيران، لكن دورهم تراجع حاليًا بعدما عززت وزيرة الخارجية ا كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس quot;الخيارات الدبلوماسيةquot; للملفات الثلاثة: العراقية والايرانية والفلسطينية. ومعروف ان غيتس كان أحد المشاركين الأساسيين في تقرير بيكر هاميلتون الذي يحدد التوجهات المشتركة للحزبين الجمهوري والديمقراطي. وفي كل الأحوال تفتح حرب اسرائيلية - ايرانية الباب الابواب على احتمالات quot;حرب كبيرة جديدةquot; وفوضى عارمة في المنطقة لا تريدها أميركا الغارقة في حربين صغيرتين في العراق وأفغانستان.

ويدعو التقرير إلى التنبه من إقتصار الإحتمالات على حرب جديدة بين اسرائيل وquot;حزب اللهquot; في لبنان ، على قاعدة أن هذا الحزب هو الخطر الاقرب وايران بعيدة، والفرصة مناسبة لضربه والتخلص من قوته الصاروخية عند توافر أقل ذريعة لذلك . ويتحدث عن احتمال دخول قوات برية إسرائيلية إلى لبنان عبر البقاع الغربي بما لا يفرض عليها تجاوز القوة الدوليةquot;اليونيفيلquot;. إلا أن ما أخطار مثل هذا العمل على إسرائيل تظل كبيرة وقد لا يؤدي إلى النتيجة المتوخاة.

لكن ثمة رأيًا آخر في إسرائيل يقول أن إنهاء المشروع النووي الإيراني لا يحتاج إلى قوة كبيرة إستثنائية وليس مسألة معقدة، إذ يكفي قصف منشآت quot;ناتانزquot; لتوقيف البرنامج النووي الإيراني نحو من 6 سنوات، كما أن قصف quot;بوشهرquot; لوحدها، سيترك إيران بدون برنامج نووي مدني 10 سنوات على الأقل.

ويورد التقرير تقويمًا مختصرًا فحواه أنه إذا لم تحسم قضية إيران النووية عسكريًا في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش فإنها لن تحسم أبدًا. ويلاحظ أن إسرائيل تفضل مليون مرة دورًا محرضًا الولايات المتحدة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وأنها تبدو مستعدة نسبيًا لتحمل نصيبها من رد الفعل الإيراني، كما فعلت عندما وجه إليها صدام حسين 38 صاروخًا في حرب الكويت عام 1991 من دون أن ترد في اي شكل.

وينام عدد كبير من الإسرائيليين ويقومون على تقدير لم يقتنع به أحد حتى اليوم، مفاده أن لدى إيران برنامجًا نوويًا عسكريًا نشطًا، وأن محمود أحمدي نجاد الذي يواظب على التهديد بإزالة إسرائيل عن الخريطة سوف يمتلك القنبلة التي تتيح له ذلك خلال سنتين!