حيرة صمت أوباما تجاه غزة صفعة على وجه الدول العربية

عبد الخالق همدرد: إن باكستان في عين العاصفة منذ أن تكاتفت مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب في عهد الجنرال مشرف عام 2001؛ إلا أن الأمور لم تتغير حتى بعد تولي حزب الشعب للحكم. وكان التحالف بين حزب الشعب وحزب الرابطة جناح نواز شريف بارقة أمل لدى الشعب بعد الانتخابات العامة التي انعقدت في 18 فبراير/شباط الماضي؛ لكن لم يدم التحالف بسبب المخالفات التي قام بها حزب الشعب إزاء الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها.

وبعد خروج الجنرال مشرف من أروقة الحكم واحتلال الرئيس الشريك لحزب الشعب آصف زرداري لمنصب رئيس الدولة بدأت آمال التحالف والمصالحة تموت رغم أنه دائمًا يدعو إلى المصالحة والوئام؛ لأن الحقائق على الأرض لا توافق تصريحاته.

ومن المعروف أن الأفعال أكثر قوة من الأقوال. على صعيد آخر يبقى حزب الشعب حليفا في حكومة إقليم البنجاب التي يديرها حزب الرابطة جناح نواز شريف رغم انسحاب الأخير من الحكومة المركزية. وهناك صراع داخلي لتغيير الحكم في ذلك الإقليم أيضًا.

ويقال إن حاكم الإقليم سلمان تأثير هو رأس الحربة في محاولات إسقاط حكومة حزب نواز شريف؛ إلا أن محاولاته لم تؤد إلى النتائج المنشودة بعد. كما أن هناك موجة عارمة من الغضب الشعبي على الحكومة الحالية بسبب أزمة الكهرباء والطاقة. ويبدو أن الشارع قد ينفجر في أي وقت؛ لأن المدن الرئيسة تشهد مسيرات احتجاجية عنيفة منذ الأسبوع الفائت.

وفي هذه الخلفية التقت إيلاف رئيس حزب الرابطة جناح نواز شريف -أكبر حزب معارض في البرلمان المركزي- لمعرفة سياسات حزبه المستقبلية إضافة إلى معرفة أفكاره ومواقفه إزاء السياسة الداخلية والخارجية للحكومة. وإليكم نص المقابلة التي أجراها عبد الخالق همدرد مراسل إيلاف في إسلام آباد:

مرّ حزبكم عبر مراحل من التحالف مع حزب الشعب الحاكم، رغم مشاكل وعراقيل كثيرة. ما هو مستقبل العلاقات بين حزب الرابطة وحزب الشعب؟ لأن الشعب يرى أنه من اللازم أن ترفع المعارضة صوته في حقه. كما أنه مستاء من الحكومة الحالية.

أرى من اللازم التطرق إلى أصل الأمر، وهو أن عقد التسعينيات شهد خلافا قويا بين حزب الشعب وحزب الرابطة. مما أدى إلى فوضى سياسية في باكستان، ولم تدم أي حكومة أكثر من سنتين أو ثلاث، حتى جاء الجنرال مشرف ليقضي على الحكومة المنتخبة عام 1999م. وبالتالي نشأ انطباع بأن خلاف هذين الحزبين قد أدى إلى الفوضى. ولا يزال أثر هذا الانتقاد قائمًا. وبناء عليه قرر زعيم حزب الرابطة نواز شريف بأن نستمر في التعاون مع الحكومة ولو كنا في المعارضة، حتى لا تستغل أي قوة ثالثة الوضع.

إذن لما ذا انسحبتم من الحكومة المركزية؟

كانت هناك اتفاقيات بيننا وبين حزب الشعب ومنها إعادة القضاة المعزولين. وكان ذلك الأمر من بين شروط التحالف. وعندما خالفوها اضطررنا لمغادرة التحالف الحكومي. وبعد ذلك وعلى الرغم من الضغوط الشعبية بأن نتبنى سلوكًا عنيفًا لا نزال نواصل في لعب دور إيجابي؛ لكنني أرى أن أوضاع البلاد متوجهة إلى التدهور؛ لأن البلاد تواجه أزمة الكهرباء والغاز وارتفاع الأسعار؛ لكن لا يبدو أي تخطيط لضبطها. وقد دعت الحكومة إلى أول اجتماع يوم أمس ndash; 2/1/2009م- في هذا الصدد. وقد أبدى السيد زرداري تعجبه عندما أُخبر عن الأوضاع في البلاد. أرى أن هذه الحالة ناشئة من الصعود إلى الحكم. وقد آن الأوان لأن نقف إلى جانب مطالب الشعب العادلة ونتكاتف مع حوائجه.

تشهد البلاد موجة عنيفة من الاحتجاج بسبب انقطاع الكهرباء والغاز على مستوى البلاد؛ لكننا لا نسمع صوتًا لكم في هذا المجال. ما تفسيركم لهذا الأمر؟

نحن لم نشترك في تلك الاحتجاجات بعد؛ إلا أن السيد نواز شريف قد زار مدينة فيصل أباد الصناعية وقد أكد بأن الحكومة الإقليمية ستقوم بكل ما في وسعها من أجل القضاء على مشاكل الشعب. أما ما له علاقة بالحكومة المركزية فهي مسؤوليتها.

كيف ترون إلى الصراع الداخلي في إقليم البنجاب، في ضوء شد الحبل بين حاكم الإقليم التابع لحزب الشعب ورئيس الحكومة التابع لحزبكم. وقد كشف وزير الإعلام السابق محمد علي دراني أن حزب الشعب وعد بمنح حزبه منصب رئيس الحكومة في البنجاب؟

لا يمكن لحزب الشعب وحزب الرابطة جناح القائد الأعظم حرز الأغلبية البرلمانية في البنجاب. وإذا أمكن لهما ذلك لما انتظرا إلى هذا الحين.

قد أشار محمد علي دراني إلى التحالف بين فصائل حزب الرابطة خلال مقابلة صحافية أخيرا. إلي أين وصلت جهود التحالف أم الانضمام؟

الحديث عن التحالف ليس على أسس منتظمة، رغم أن هناك رغبة من كل الجوانب في التحالف. وهي أكثر على مستوى نشطاء الحزب والناخبين.

هل يعني ذلك أن القيادات لا ترغب فيه؟

هناك بعض العراقيل، ولم تبدأ عملية التحالف بعد.

كما تعرفون أن الهند تبنت سلوكا عدائيا لباكستان عقب هجمات مومباي، رغم أنها لم تقدم أي دلائل إلى باكستان. كيف تحللون هذا السلوك وموقف الحكومة الباكستانية من تلك الهجمات؟

أرى أن باكستان في البداية لم تتمكن من مقاومة الضغط الهندي بأسلوب جيد. وقد ارتكبت أخطاء واضحة؛ إلا أنها أدركت بتلك الأخطاء مع مرور الوقت. وكان يبدو في البداية كأن باكستان تنطق على لسان الهند.

كيف تقيمون السياسة الداخلية والخارجية للحكومة في هذه الأيام؟ وقد قام الشعب في سوات ndash; إقليم الحدود الشمالية الغربية ndash; بمسيرات احتجاجية ضد الجيش والعملية العسكرية هناك. كما أن رئيس الحكومة الإقليمية مرة أخرى بدأ يقول إن الحوار هو الحل.

أصلا إنه لم يتم العمل على القرار الإجماعي لاجتماع البرلمان المغلق. وكان ذا نقطة واحدة، وهي إحلال السلام عن طريق الحوار، عوضا عن استخدام القوة. وقد انعقد اجتماع واحد للجنة المكلفة.

ولما ذا لم يتم العمل به؟ ما هو السبب؟

السبب هي الحكومة.

هل يمكن أن نقول إن الحكومة فشلت في سياساتها؟

لا أستطيع استخدام كلمة الفشل في هذه الحالة؛ إلا يمكن القول بأن تلك السياسات أصبحت غير مؤثرة.

لكن لماذا لم تتمكن الحكومة من تفعيل سياساتها؟

أرى أنه من اللازم الاستعداد والجاهزية قبل تولي الحكومة، وإلا سيكون الوضع كما نراه الآن. كما أنني أرى أن استشهاد بينظير بوتو لعب دوره أيضا؛ لأن بقية القيادات في حزب الشعب لم تكن على استعداد لقيادة الحكومة. ومن هنا يتضح كم كانت تلك المرأة سترث مواقع الضعف.

هل تعتقد احتمال الانتخابات المبكرة في هذا الوضع؟

لا أعرف؛ لكن يمكن ذلك.

لو فرضنا الانتخابات المبكرة، ماذا ستكون سياسات حزبكم؟

الحكومة تكون نافعة إذا تم الوصول إليها بعد إعداد لها وتشكيل لجان في جميع المجالات إلى جانب وضع البرامج لكافة القطاعات.

قد أبدى رئيس الوزراء كيلاني أمله مرارًا بأن مجيء باراك أوباما إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة سيتسبب في تغيير السياسات الأميركية في المنطقة. هل تعتقدون ذلك؟

لا. لا يقدر باراك أوباما تغيير أي شيء من تلك السياسات رغم جميع مواهبها؛ لأنه لا يستطيع أن يتحرر من النظام الحالي. هذا مستحيل. كما أنه قد عين زوجة كلينتون هيلاري وزيرة للخارجية؛ لكن في الوقت نفسه عيّن روبرت غيتس أيضًا في إدارته، على الرغم من أن غيتس جزء من حكومة بوش أيضا. وهذا يعني عدم تحرره من السياسات الراهنة. ثم إن باراك أوباما أميركي أفريقي، إضافة إلى كلمة حسين في اسمه والتي تشير إلى أصول إسلامية له. وبناء عليه عندما زار إسرائيل، ذهب إلى فلسطين وعلى رأسه القبعة اليهودية.

لماذا ساد الصمت حركة المحامين هذه الأيام؟

لم يحصل أي صمت. وأرى أن تلك الحركة أول حركة في تاريخ باكستان أعطت الشعب حماسًا لمجابهة الدكتاتوريين. ومثل هذه الحركات لا تموت بسهولة. كما أن زيارات قاضي القضاة لمدن مختلفة شهدت حفاوة وترحيبًا لا مثيل له. وقد خطط المحامون لمسيرة طويلة ثانية أثناء شهر مارس المقبل. وأعتقد أن الحركة ستزداد قوة مع مرور الوقت.

قد تمكنت حكومة حزب الشعب من إعادة معظم القضاة المعزولين إلى مناصبهم عن طريق المساومات. ولم يبقَ مع قاضي القضاة إلا عددًا قليلاً من القضاة ...

القضية ليست قضية الأفراد، بل الأصل عودة المؤسسة القضائية إلى وضعها في 2 نوفمبر 2007م وإلغاء جميع الإجراءات غير الدستورية التي تم اتخاذها في 3 نوفمبر 2007م. وأرى أن حركة المحامين هي التي ألجأت الحكومة على اختيار القاضي رضا خان لمنصب قاضي القضاة.