لليوم الثاني على التوالي تواصلت في القاهرة فعاليات المؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم في مصر بالتأكيد على أنه ليس بصدد الإعلان عن مرشحه للرئاسة في الانتخابات المقبلة حتى الآن، في ظل هيمنة حزمة من القضايا على أجندته. وكانت أبرز فعاليات يوم الأحد الكلمة التي ألقاها نجل الرئيس المصري جمال مبارك، الذي يشغل منصب الأمين العام المساعد للحزب ورئيس أبرز لجانه وهي quot;لجنة السياساتquot; .

جمال مبارك لدى زيارته ضريح السادات

في كلمته، نفى مبارك الابن اتهامات المعارضة للحزب الحاكم باحتكار الساحة السياسية في مصر، وأكد انفتاح الحزب الوطني (الحاكم) على المعارضة، في ما وصفه بحوار جاد يصب في صالح البلاد، وأضاف أن مصر تشهد مساحة غير مسبوقة من الحرية والاختلاف في الرأي والجدل السياسي، وقال quot; نتفق ونختلف معا هذا واقع جديد جزء منها بدأ وآخر لم يبدأquot;، وأشار إلى التعديلات التي أجريت على الدستور وطالت 34 مادة خاصة المادة quot;76quot; التي لا يزال يثور جدل حولها حتى الآن، كما تم توسيع صلاحيات مجلس الشورى والشعب ومجلس الوزراءquot;، على حد قوله .

ونفى جمال مبارك وجود أي انشقاقات داخل الحزب الوطني، وقال quot;نعم نحن نختلف داخل البيت الواحد بيننا وبين حكومتنا ولكن في النهاية نصل إلى اتفاق وإلى كلمة واحدة نقف جميعًا للدفاع عنها... وهذه هي حيوية الحزب الوطني، وأكد أن الحزب لا يحتكر السياحة السياسية بل يمتلك الرؤى والسياسات التي يؤمن بها وأن الحزب على استعداد مستمر للانفتاح على المجتمع والمعارضة .. وقال إن الحزب الوطني مستعد للدخول في حوار جاد للارتقاء بالوطنquot;، كما قال نجل الرئيس المصري أمام المؤتمر .

ومضى مبارك الابن قائلاً إن المؤتمر السنوي للحزب لا يناقش شعارات ولكنه يتوجه إلى أرض الواقع من خلال حوار وانفتاح على المجتمع وفي النهاية لا بد أن يكون له برنامج وموازنات محددة تضمن التنفيذ ، وهذا ما يتم تنفيذه كل عام ويتواصل الحزب والحكومة لتحقيق ذلك . واختتم كلمته بالقول quot;إننا سنرى تغييرًا حقيقيًّا على المدى المتوسط والبعيد، لا نقول أنه لا يوجد هناك فقر ولكن هناك أيضًا العديد من الإصلاحات التي ينبغي أن تحدث ولكننا في المقابل حققنا إصلاحات جذرية خلال السنوات الأربع الماضية .

تصعيد جمال

جمال مبارك وقادة الحزب

واعتبر المراقبون أن المؤتمر العام للحزب الوطني (الحاكم) في مصر هذا العام يستهدف تعزيز موقع نجل الرئيس المصري لتمهيد الطريق أمامه ليكون مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وشنت المعارضة هجومًا معتادًا على المؤتمر واتهمته بالعمل على تضليل الشعب، واعتبرت أن شعار quot;من أجلك أنتquot; يخاطب جمال مبارك شخصياً لترسيخ وضعه وليس من أجل مخاطبة المواطن المصري، كما تقول المعارضة .

وتراجعت يوم الأحد نسبيًا في تغطيات الصحف المصرية المعارضة والخاصة الحديث عن تسمية المرشح الذي يمثل الحزب في انتخابات رئاسة الجمهورية التي ستجري في عام 2011 حيث ستنتهي فترة رئاسة حسني مبارك، فمع أن هذه المسألة ليست ضمن بنود جدول أعمال المؤتمر، غير أن الصحف المصرية تذكر أسماء الأشخاص الذين يمكنهم تمثيل الحزب ومن ضمنهم جمال نجل الرئيس مبارك وعمرو موسى السكرتير العام للجامعة العربية ومحمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

ويسيطر الحزب الوطني على الحكومة ولديه الأغلبية البرلمانية. وتبقى أهم قوة معارضة في مصر هي حركة quot;الإخوان المسلمينquot; التي تعتبر رسميًا ممنوعة غير أنها ممثلة في البرلمان بنواب مستقلين، ولقد حصلت في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 على 88 مقعدًا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 454 مقعدًا، وحتى الآن ليس معلوما ما إذا كانت جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقررة في العام 2010 أم لا .

من جانبه صرح محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بأن الجماعة لن تحاول تحدي الحزب الوطني الحاكم في انتخابات الرئاسة التي تجري في 2011 في ظل الدستور الحالي، وأضاف عاكف quot;الرئاسة الآن ليست في أجندتي لان الرئاسة تحتاج الى مقدمات كبيرة جدًا حينما أريد أن أرشح للرئاسة وفي مقدمتها الحريات العامة والدستور النظيف وليس الدستور المعدلquot;، على حد تعبيره .

وفي تأكيد لموقف الإخوان المسلمين من أنهم لا يريدون مواجهة مفتوحة مع الدولة قال عاكف quot;لي تقديراتي هل ادخل بالقوة واصطدم مع النظام، وأنا قلت لهم لا .. إنما أدخل مع بقية كل الشرفاء من أبناء مصر ونتعاون معاً حتى نصلح هذا الفساد فأنا لست مصر بل مجرد جزء من مصر ومهمتنا أن نضع أيدينا في أيدي بعض حتى نصلح الحالquot;، على حد تعبيره .

ولم يعلن الرئيس حسني مبارك الذي يحكم مصر منذ عام 1981 ما إذا كان سيرشح نفسه في انتخابات 2011، وأثار صمته تكهنات بشأن من سيخلفه مع تركز الأضواء على نجله جمال البالغ من العمر 45 عاما، لكن مسؤولين يقولون إن هذه المسألة غير مدرجة على جدول أعمال المؤتمر العام للحزب الحاكم المنعقد حاليا في القاهرة، وأنها سابقة على أوانها فمازال أمام الرئيس نحو عامين في سدة الحكم وصحته العامة جيدة للغاية .