جاء إنعقاد مؤتمر الحزب الحاكم في مصر هذا العام وسط تصاعد الجدل بشأن احتمالات تولي جمال مبارك السلطة اثر انتهاء ولاية والده، ورفض قطاعات من المعارضة المصرية أي ترتيبات قد تهيئ الأجواء لمثل هذه الخطوة، غير أن مبارك الابن قال في مؤتمره الصحافي quot;إن كل ما يتردد بشأن التوريث ليس سوى افتراضات، وأن مسألة تسمية مرشح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة المقبلة تخضع للنظام الأساسي للحزب، وسيتم تسمية مرشح الحزب للرئاسة مع بداية عام 2011 quot;، مع الإشارة هنا إلى أن ذلك العام سيشهد انتهاء ولاية الرئيس المصري حسني مبارك الحالية .

القاهرة: يختتم الحزب الوطني (الحاكم) في مصر مؤتمره العام يوم الاثنين، وعلى الرغم من عدم إقدام المؤتمر على تسمية مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد كان نجل الرئيس المصري جمال مبارك هو نجم المؤتمر بلا منازع، وفي مؤتمر صحافي نادر من نوعه أكد خلاله أنه يرحب بالحوار والمناظرات بين قيادات الحزب الوطني وأي من قيادات أحزاب المعارضة .

وأكد مبارك الابن الذي ترشحه التكهنات لخلافة والده في رئاسة مصر، أن الحزب يقبل الحوار الجاد مع الآخر مع اقتراب الانتخابات من أجل الوصول لرؤية واضحة للمستقبل .

ومضى جمال مبارك قائلاً إن الحديث عن مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة هو أمر سابق لأوانه، مشيرًا إلى أن الحزب يضع الآن استعداداته لتنفيذ برنامجه الانتخابي استعدادا لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في نيسان (أبريل) المقبل، وانتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، وأضاف أن الحديث عن مرشح لانتخابات الرئاسة في الدورة المقبلة هو أمر مشروع، ولكن هناك أطرًا قانونية ودستورية تحدده وترسم ملامحه .

أما مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية فقد رد على سؤال حول عدم طرح الحزب لمرشحين للرئاسة في هذا المؤتمر لخوض الانتخابات المقبلة، قائلاً إن هذا الموضوع له طبيعة محددة خاصة أن هناك إجراءات ونظامًا خاصًا في الحزب. ولا يمكن أن يتم إدخال موضوع بمثل هذه الأهمية علي المؤتمر لأنه سيتم عقد مؤتمر خاص للحزب لمناقشة هذا الموضوع، وأشار إلى أنه من السابق لأوانه أن يتم التحدث عن مرشح الحزب من الآن قبل عامين من الانتخابات في الوقت الذي لم نجد حزبًا حتى الآن أعلن عن مرشحه.

من جانبه، فقد رفض علي الدين هلال القيادي البارز في الحزب الوطني (الحاكم) تعبير quot;التوريثquot; الذي يتردد في إشارة لاحتمال تولي نجل الرئيس المصري حسني مبارك مقاليد الحكم وقال ان هذا التعبير غير قانوني والانتخابات في مصر تجري على أساس تنافسي وديمقراطي، وأضاف أن ارتفاع وتيرة الحديث في هذا الموضوع يندرج ضمن موسم الهجوم على الحزب الحاكم الذي يتزامن مع انعقاد هذا المؤتمر حاليًا.

هيكل والتعديل الوزاري

وفي معرض رده على سؤال حول أنباء تتردد عن تعديلات وزارية قد تجري على حكومة رئيس الوزراء أحمد نظيف، قال جمال مبارك إن هذا الأمر خارج اختصاصه، وأن الحكومة لديها برامج واضحة وستستمر في العمل مضيفًا، أن الحساب داخل الحزب عسير وكثيرًا ما يحدث خلاف داخلي في حالة التقصير في تنفيذ أجندة الحزب السياسيةquot;، على حد تعبيره .

وردًا على مبادرة الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل حول إنشاء مجلس أمناء يقود البلاد خلال المرحلة المقبلة، قال جمال مبارك quot;إن كل شخص حر في رأيه ومسئول عنه، والمجتمع مفتوح لكل الآراء لمناقشتها؛ إلا أنه أكد أن مواد الدستور هي الفيصل في مسألة تنظيم الحياة السياسية، سواء في ما يتعلق بالرئاسة وإدارة البلاد، أو في ما يتعلق بالمشاركة السياسية لفئات المجتمع المختلفة .

ويدور جدل واسع منذ أكثر من عشرة أيام عبر صفحات الصحف وفي البرامج السياسية التلفزيونية حول اقتراح طرحه الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل من اجل تامين quot;انتقال آمنquot; للسلطة عنه انتهاء الولاية الخامسة لمبارك بعد عامين.

ودعا هيكل، إلى تشكيل quot;مجلس أمناء الدولة والدستورquot; ليتولى مهمة محددة هي انجاز التحول الديمقراطي في مصر، كما اقترح أن يقوم هذا المجلس بإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات يتم خلالها وضع دستور جديد للبلاد .

وانتقد قادة الحزب الوطني بشدة اقتراح هيكل وخصوصا فكرة مراجعة الدستور الحالي والمؤسسات القائمة، بل إن الرئيس المصري شخصيًا أعرب بشكل ضمني عن رفضه لها في خطابه السبت اذ اكد مرتين ان quot;المؤسسات باقية والدستور هو الحكمquot; .

وتركزت التكهنات حول المتنافسين المحتملين لخلافة مبارك على ابنه. والآخرون الذين يمكن أن يكونوا مرشحين بينهم الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة أو مرشح عسكري آخر.
ويتفق محللون كثيرون على أن فرص جمال أكبر اذا رفض مبارك الترشح لفترة رئاسة جديدة وأقر ابنه كمرشح للحزب الوطني لانتخابات الرئاسة العام بعد المقبل لانه بذلك يقوده الى الحكم من موقع قوة، وحين سُئل رئيس الوزراء أحمد نظيف قال ان هناك quot;امكانيةquot; أن يكون جمال مرشحا للخلافة لكنه قال انه سيؤيد من يختاره الحزب الحاكم .

معارضون ومؤيدون

خلافًا لمؤتمرات الحزب الوطني (الحاكم) التي عقدت في الأعوام السابقة، فلم يكن صوت المعارضة قويًا وشعبيًا خلال مؤتمر هذا العام، غير أن كتاب الرأي في الصحف المعارضة والخاصة سخروا من شعار المؤتمر quot;من أجلك أنتquot;، وقال أحدهم إن الناس في الشارع يسألون .. من أجل من على وجه التحديد ؟ من أجل المواطن أم من أجل جمال مبارك ؟ .

وترى معظم دوائر المعارضة أن اولويات الحزب في هذا المؤتمر هو استمرارالسلطة واحتكار الحياة السياسية وعدم افساح المجال للمعارضين وتضييق الخناق عليهم، وتتهم المعارضة سياسات الحكومة والحزب بالتسبب في اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وأن الحزب الذي يتحدث الآن عن الاصلاح والتطور الاقتصادي تسببت حكومته برفع الدين الحكومي من 292 مليار جنيه عام 2004 الى 511 عام 2009 .

من جانبه، أكد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن الجماعة لن تحاول تحدي الحزب الوطني الحاكم في انتخابات الرئاسة، وأضاف إنه إذا أصبح جمال والذي على عكس كل رؤساء مصر ليس له خلفية عسكرية رئيسًا فإنه سيكون مدينًا بالفضل لقوات الأمن .

واضاف ان quot;جمال مسؤول عن كل شئ فهو الذي يعين الوزراء ولجنة السياسات هي المسؤولة وجمال لا يملك من امر نفسه شيئًا، جمال الامن يحكمهquot;، على حد تعبيره .

أما أمين الإعلام في الحزب الوطني الحاكم علي الدين هلال فيقول إن شعار المؤتمر quot;من أجلك انتquot; يأتي ليعكس فكر الحزب وسياساته المتبعة من أجل صالح المواطن العادي وهو مايتطلب سرده من مشاريع في مجالات التعليم والصحة والمشاريع الخدماتية من كهرباء وشق طرق وغيره.

وأكد هلال أن الرئيس مبارك حريص على حفظ حرمة الزعماء السابقين لمصر فالحزب غير مسؤول عن كل المواضيع الصحافية التي تنشر في الصحيفة الناطقة بلسانه، لكن التعرض لرؤساء مصر السابقين أمر غير مقبول، وسوف نبحث ما تم نشره في صحيفة quot;الوطني اليومquot; لسان حال الحزب الحاكم .

وحول الهجوم الذي شنه أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب على جماعة الإخوان المسلمين، والذي قاده جمال مبارك على المعارضة، فقال هلال إن الهجوم في العمل السياسي أمر وارد، لكنه يتوقف على طبيعة المرحلة، وأضاف ساخرًا، إنه يتصاعد عادة خلال فترة انعقاد المؤتمر ونحن نرحب بكل الهجوم سواء من المستقلين أو المعارضة، وأشار إلى أن كوادر الحزب تطالبه بالرد على المعارضين، لكنه أكد أن الحزب لن يقف خلال الفترة المقبلة فقط للدفاع عن إنجازاته وسياساته، بل سيقف ليهاجم المعارضة وهذا حق مشروعquot;، على حد تعبيره .