فجّر نقض نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي لقانون الانتخابات العراقية مشهدًا أثار أزمة سياسية واحتمالاً كبيرًا لتأجيل الانتخابات التشريعية المقررة مطلع العام المقبل، واليوم رد عمر المشهداني المستشار الإعلامي ومدير مكتب اياد السامرائي على الهاشمي. كما دعا رئيس البرلمان إلى اجتماع لقادة الكتل السياسية، للتوصّل الى حل توافقي. واعتبر المشهداني في تصريح لإيلاف أنّ نائب الرئيس لا يملك سندًا دستوريًا في نقضه لقانون الانتخابات، إلا أنَّه أكد ان مجلس النواب سيعدل القانون حسب مطالب الهاشمي.


الهاشمي يلجأ للدستور لمواجهة رافضي نقضه لقانون الإنتخابات

إتهام الهاشمي بخدمة البعثيين بنقضه لقانون الإنتخابات

بغداد: دعا رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي قادة الكتل السياسية الى اجتماع صباح اليوم الخميس في محاولة للتوصل الى حل توافقي بشأن نقض طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي لقانون الانتخابات. وقال عمر المشهداني المستشار الإعلامي ومدير مكتب اياد السامرائي ان رئيس البرلمان دعا قادة الكتل السياسية لاجتماع طارئ عصر يوم الأربعاء للمناقشة وحل المشكلة. لكن تعذر جمع قادة الكتل السياسية. أدى الى تأجيل الاجتماع الى صباح الخميس..

واستبعد المشهداني في تصريح لإيلاف ان يؤدي نقض طارق الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي لقانون الانتخابات الى تأجيلها وقال: سيستجيب أعضاء مجلس النواب وسيتم تعديل القانون حسب مطالب طارق الهاشمي. وسيتم التصويت على التعديل في المقاعد التعويضية من 5% الى 15% مقعدًا، لكن المشهداني ابدى مخاوفه من ان التصويت سيأخذ بعض الوقت، خصوصًا أنَّ البرلمان يعاني من غياب الأعضاء المستمر، وقال: التصويت على تعديل الفقرة الخاصة بالمهجرين مثار الاعتراض تحتاج الى اكتمال نصاب أعضاء مجلس النواب اي يحتاج الى حضور قرابة 120 نائبًا وهو امر سيصعب تحقيقه وسنحتاج الى مزيد من الوقت من اجل إكمال النصاب والحضور. لكي يتم التصويت على التعديلات المطلوبة لكن غياب النواب الدائم أمر من شأنه أن يؤدي الى التأخير في التصويت على التعديلات.

وبخصوص تصريحات فرج الحيدري رئيس المفوضية الانتخابية عن إيقاف إجراءات واستعدادات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. قال: المفوضية استكملت جراءاتها الأساسية ولن يحول أي شيء دون إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

وفي الصدد نفسه، قالت النائبة لقاء ال ياسين ان الشعب العراقي والعراق لا يستحقان ان يعاملا بهذه الطريقة، وقالت: العراقيون لا يستحقون تأخير استحقاقهم الانتخابي ولا الوطن يستحق ذلك وعلى المسؤولين وضع مصلحة العراق والعراقيين قبل أي شيء. وأضافت في تصريح لإيلاف بخصوص مطالبة طارق الهاشمي بإجراء تغيير على الفقرة ا من قانون الانتخابات أمام البرلمان خيارات عدة منها نقض النقض، او التصويت على التعديل المقترح او اعتماد مبدأ التوافق وهذا لن يتم الا بحصول توافق بين الكتل البرلمانية..

وأردفت النائبة الصدرية: الكتل السياسية أعلنت عن رغبتها صراحة في عدم تأجيل الانتخابات، وتم التصويت على القانون وأضافت: الامر منوط بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في تحديد النسب واتخاذ التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر. وألمحت الى ان نقض نائب رئيس الجمهورية لقانون الانتخابات لا يخلو من مآرب سياسية... وقالت: أظن ان مطالبة طارق الهاشمي لها منفعة سياسية انتخابية أكثر من ان تكون شيئًا آخر، لأن تخصيص 45 مقعدًا كما يطلب الهاشمي للمهجرين هو مطلب مبالغ به كثيرًا.

اما النائب حسام العزاوي عن القائمة العراقية المتحالفة مع كيان طارق الهاشمي فقد قال ان الانتخابات يجب ان يتم تأجيلها على لمدة شهر او 3 على اقل تقدير، وأضاف: لا يجوز إجراء الانتخابات بدون إجراء الإحصاء السكاني او سن قانون الأحزاب، وأردف: وفقا للدستور فإن المجلس الرئاسي يمتلك حق النقض وهو ما فعله طارق الهاشمي ويجب الأخذ في الاعتبار مطالبة تعديل فقرة المقاعد التعويضية. وفي حال لم يتم التصويت والموافقة على إجراء التعديل وتغيير نسبة التمثيل الى 15% .فلا بد من تأجيل الانتخابات.

وعبر الشيخ جلال الدين الصغير رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في مجلس النواب عن أسفه لسلوك نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قائلاquot; هذا ليس بسلوك رجل يمثل الجمهورية العراقية وأنا آسف لموقفهquot; وتسائل الصغير: اين كان طارق الهاشمي وفريقه خلال الستة أشهر الماضية، عندما كنا نتباحث ونتحاور حول قضية كركوك، أين كان الهاشمي، ولماذا لم يتحدث قبل أشهر او يبدي اعتراضًا. ولماذا لم يطرح القضية للنقاش. ولماذا اختار اليوم الأخير ليعلن نقضه؟

وواصل: اثبت طارق الهاشمي جهلاً واضحًا بالقانون لأن المقاعد التعويضية لا علاقة لها باصوات الخارج. إنما تحسب المقاعد التعويضية بحساب نسب القوائم الفائزة في الداخل، مضافًا إليها أصوات الفائزين في الخارج اي أصوات الفائزين بالمحافظات العراقية مضافًا إليها أصوات الفائزين خارج العراق، وتابع: قيمة أصوات الفائزين في المحافظات اعلى من الفائزين في الخارج وهذا شيء طبيعي، هناك فرق نسبة بحدود 2-3 لا غير.

وبخصوص خضوع مجلس النواب لمطالب طارق الهاشمي والتصويت بالإيجاب على التعديل قال: لن يرضخ مجلس النواب لمطالب لا تمتلك سندًا قانونيًا، اما في حالة في حالة إصرار الهاشمي على النقض. فإن البرلمان سينقض النقض ويعيد القانون الى مجلس الرئاسة . وفي حالة إصراره على النقض للمرة الثانية، وإعادة القانون الى البرلمان، فان البرلمان بموجب الدستور يمتلك حق المصادقة على القانون مباشرة وتحويله للمفوضية المستقلة للانتخابات لاتخاذ ما يلزم.

وقال الصغير: حدد قانون الانتخابات نسبة 5% مقاعد التعويضية ،أي ما يعادل 16 مقعدا من مقاعد البرلمان فإذا كانت مقاعد البرلمان هي 323 مقعدًا ناقصًا منها 16 مقعدًا تعويضيًا، فالمتبقي هو 307 مقاعد برلمانية، وهذه المقاعد هي نسب خاصة بتمثيل المحافظات في مجلس النواب. لكن مطالبة الهاشمي بزيادة نسبة المقاعد التعويضية الى 15% فهذا معناه انه ، يأخذ ويستولي ويسلب المقاعد المخصصة للمحافظات وهذا لا يجوز قانونا. أي محافظة عراقية تقبل بالتخلي عن عدد مقاعدها في البرلمان بناءً على مطالبة الهاشمي؟ على عكس الكثير من المحافظات العراقية التي تطالب بزيادة نسبة تمثيلها في مجلس النواب، فكيف ياتي طارق الهاشمي ويريد ان يسلب من عدد مقاعد المحافظات للمقاعد التعويضية؟ هذا سلوك غير قانوني. واختتم الصغير بالقول: محاولة تعطيل العملية السياسية بهذا الأسلوب الجاهل يعتبر خيبة أمل كبيرة.

رأي اللجنة القانونية في مجلس النواب

الى ذلك عقدت اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي بتاريخ 17/11/2009 اجتماعًا برئاسة بهاء الاعرجي رئيس اللجنة القانونية مع ممثلين من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وممثل السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وممثلة الأمم المتحدة لبحث موضوع الرسالة التي أرسلها نائب رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب بخصوص رفع نسبة المقاعد التعويضية للمهجرين في الخارج وقدمت مقترحات حول هذا الموضوع، تم النقاش فيها بين المجتمعين. وقد أجمعوا على أن نقض طارق الهاشمي لقانون الانتخابات ليس له سندًا قانونيًا ولا يمكن الأخذ به، ويجب أن تكون هناك إما مصادقة على القانون أو نقضه وفق الدستور.

رأي قانوني

وهذا ما اكده طارق حرب الخبير القانوني حيث صرح لايلاف قائلاً: ان طارق الهاشمي لا يمتلك الحق الدستوري في نقض قانون الانتخابات وان إصراره على نقض القانون ياتي من جهله بالقانون والدستور. وقال حرب موضحا: نقض نائب رئيس الجمهورية لقانون الانتخابات لا يمتلك سندًا قانونيًا، النقض يتطلب موافقة 3 أعضاء المجلس الرئاسي وليس فردًا واحدًا من المجلس الرئاسي ، لأنه يشترط وبموجب المادة 138 رابعًا من الدستور ان يتخذ المجلس الرئاسي قراره بالإجماع، أي النائب السني والنائب الشيعي والرئيس الكردي وهم مكونات الشعب العراقي. لكن هذا الشرط لم يتوفر إضافة إلى ان الظروف تبدلت أساسًا، فطارق الهاشمي لم يعد ممثلاً لسنة العراق، بل هو ممثل لكيان صغير من السنة.وينطبق الأمر على السيد عادل عبد المهدي، وعلى الرئيس جلال الطالباني باعتباره لا يمثل الأكراد وإنما فئة من الأكراد. فتبدل ظروف تمثيل كل من أعضاء مجلس الرئاسة قد تغيرت ألان لان كل واحد منهم يعتبر ممثلاً لفئة خاصة، هذا وحده كفيل بإبطال السند القانوني الذي يتحرك بموجبه طارق الهاشمي.

وكان إقرار قانون الانتخابات قد واجه مشاكل كبيرة جدًا الا ان مجلس النواب العراقي قام بإقرار القانون بعد خضوعه لضغوط الأمم المتحدة ومسؤولين أميركيين. ويأتي نقض نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي للقانون في وقت حرج-مهد للترويج عبر وسائل الإعلام عن تأجيل الانتخابات وتعذر إجراؤها في مطلع العام، وهو امر من شانه ان يخلق فراغًا دستوريًا وامنيًا حسب اراء لمسؤولين عراقيين. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد وصف نقض طارق الهاشمي لقانون الانتخابات بالتهديد الخطر للعملية السياسية. ومن المؤمل ان يؤدي اجتماع قادة الكتل السياسية الذي دعى اليه رئيس مجلس النواب-لحل الخلاف-الذي يصر غالبية أعضاء مجلس النواب على عدم دستوريته.