تعيش الكثير من العائلات في قطاع غزة بالقرب من أحواض مياه للصرف الصحي، ما بات يشكل خطرًا على تلك العائلات، وخشية من أن يصاب المواطنون خاصة الأطفال بأمراض مختلفة، بعد أن تحولت مناطقهم السكنية إلى ما يشبه quot;مكرهة صحيةquot;. وعلى الرغم من طمأنة المسؤولين في غزة وتأكيدهم أن الوضوع ليس خطرًا بشكل كبير، إلا أن السكان يرون ذلك محاولة فقط للتخفيف من الآثار النفسية المترتبة على هذا الموضوع، في وقت تزداد فيه الخطورة على المياه الجوفية في القطاع بسبب اختطلاها بمياه الصرف الصحي.

غزة: باتت المشاريع التحتية في قطاع غزة تهدد ساكنيها في ظل رفض إسرائيل إدخال المواد الخام اللازمة لاستكمال هذه المشاريع ومعالجة وتصريف مياه الصرف الصحي، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة إنسانية وبيئية خطرة بفعل تسرب المياه العادمة لجوف الأرض وتضرر المناطق الزراعية والسكنية المجاورة لتلك البرك.

وأكد رئيس بلدية خان يونس المهندس محمد الفرا، إحدى المحافظات الجنوبية لقطاع غزة، أن الأحواض المقامة في منطقة المواصي، غرب المدينة، ستشكل مشكلة بيئية في حال بقيت برك المياه العادمة في مكانها. وقال لإيلاف quot;بحسب المخطط التنظيمي الرئيس لمياه المجاري، فإنه من المفترض أن تكون شرق المدينة، على الحدود بين خان يونس والأراضي الإسرائيلية، لكن بسبب منع إسرائيل لإستكمال المشروع، إضطرت البلدية لأن تقيم مجمعًا كبيرًا لتلك المياه في منطقة المواصيquot;.

وأشار المهندس الفرا إلى أن البلدية تباشر الآن بإستكمال المشروع، بعد سماح الجانب الإسرائيلي بإستكمال الأطقم الفنية للعمل في منطقة الفخاري، المنطقة المقرر أن تستوعب مياه المجاري لمحافظة خان يونس، ثاني اكبر المحافظات في قطاع غزة والتي تقع على الحدود مع إسرائيل.

رئيس بلدية خانيونس يتحدث لمراسل إيلاف

وتعتبر محافظة خان يونس، وقرية أم النصر شمال غزة، نموذجين صارخين لحالة التردي البيئية لسكان قطاع غزة، إذ يتخوف الفلسطينيون من إنتشار الأمراض المختلفة بسبب كثرة الحشرات الضارة التي تغزو المنطقة.

وأشتكى محمد اللحام، أحد سكان منطقة المواصي غرب خان يونس، من الروائح الكريهة المنبعثة من أحواض المجاري في منطقته. وقال لإيلاف quot;أخشى أن يسبب ذلك أمراض مختلفة لأسرتي وباقي العائلات التي تسكن المنطقة، والتي يقدر عددها بـ 7000 فردquot;، معربًا عن تخوفه من تسرب مياه الصرف من أحد أحواض تجميع الأربعة قبل شهرين.

وأضاف اللحام الذي يعمل مزارعًا في أرضه كغيره من مئات الأسر بالمنطقة نفسهاquot; الخوف الأساسي عندنا في الوقت الحالي هو تسرب المياه العادمة إلى مياه الري التي نروي بها مزروعاتنا، خاصة وأن المياه الجوفية في منطقتنا قريبة جدًا من سطح الأرض(..) ونخشى أيضًا من أن تتسبب مياه الأمطار في كسر أحد الأحواض وغرق منطقتهم التي هي أقل انخفاضا من منسوب الأحواضquot;.

إلا أن رئيس بلدية خان يونس قلل من ذلك تخوف الفلسطينيين. وأكد لإيلاف أن بلدية تقوم quot;بمكافحة البعوض يومياً في الأحواض الأربعة المخصصة للمياه العادمة، إضافة إلى وجود طاقم فني يقوم بصيانة الأحواض بشكل دوريquot;. وقال quot;قمنا بإنشاء شبكة مياه صالحة للشرب لمنطقة المواصي بأكملها كي نستعوضهم عن أبارهم الملوثةquot;.

وأكد أن الأحواض المقامة في المواصي هي موقتة لحين إستكمال مشروع الصرف الصحي على الحدود مع إسرائيل والذي يستغرق أربع سنوات متواصلة العمل. وقال quot;ضخ المياه للأحواض غرب المدينة كان الخيار الأصعب في ظل عرقلة الحصار عمل البلدية ومنع إسرائيل دخول المواد الخام للعامين متتاليينquot;، منوهًا إلى أن إتمام المشروع هو في مصلحة كافة البلدان المجاورة لقطاع غزة quot;لأن البقاء الوضع على ما هو عليه سيسبب ضررًا بيئيًا لكافة المنطقةquot;.

من جانبه أبدى رئيس جمعية أنصار البيئة المهندس وسام أبو جلمبو تخوفه من ترسيخ وجود أحواض مياه الصرف الصحي في منطقة المواصي. وقال لإيلاف quot;استمرار مشروع الأحواض لأكثر من سنتين حسب الحد الأقصى لخطة التي أقيمت الأحواض من اجلها، من شأنها أن تسبب ضررًا فادحًا لسكان المنطقة والزراعة والمياه الجوفية في الوقت ذاتهquot;، منوهًا إلى أن منطقة المواصي تعتبر السلة الغذائية الأساسية لسكان المناطق الجنوبية والتي يبلغ عددهم أكثر من ربع مليون نسمة.

وأوضح المهندس أبو جلمبو أن سكان قرية أم النصر الذين يسكنون على حافة محطة معالجة المجاري والبحيرة العشوائية التي خلقتها، quot;هم أكثر سكان محافظة شمال غزة تأثرًا، فهم يعانون من التلوث الذي لحق بمصادر المياه الجوفية، ومن الغازات والروائح التي تصدرها أحواض تجميع الصرف الصحي والبحيرة والتي تحمل مواد نيتروجينية وكبريتية طيارة تترك تأثيراً على المدى البعيد وتتسبب بأمراض تنفسية، وكذلك من انتشار الكثير من حشرات البعوض، التي وجدت بيئةً مثاليةً للتكاثر حول تلك الأحواضquot;.

وقتلت الأحواص والبحيرات التي غمرت قرية أم النصر العام الماضي خمسة مواطنين، بعد أن إرتفع منسوبها بسبب مياه الأمطار التي سقطت على قطاع غزة، وهو ما يتخوف منه سكان المواصي في خان يونس، إذا أن البرك الأربعة التي تمتد على مساحة ما يقرب من 4 دونمات، ترتفع عن سطح منازل المواطنين التي تحط بالخطر البيئي القادم