تظاهرة مؤيدة لحماس في ذكرى تأسيسها

على الرغم من التحذيرات الجمة التي أطلقها إعلاميون مستقلون بعدم التراشق الإعلامي بين الحكومة الفلسطينية في رام الله، وحكومة حماس المقالة في قطاع غزة إلا أن الإعلام الحزبي أثر بشكل مباشر على كافة مناحي الحياة عند الفلسطينيين، وتعدى ذلك بإستغلال إسرائيل الموقف لتهويد القدس وتسمين المستوطنات، حسب رأي مراقبين. واعتبر المراقبون أن التراشق الإعلامي بين أكبر تنظيمين فلسطينيين، أضر بالقضية الفلسطينية، وأثّر في التأييد العربي والدولي لها.

غزة: قال الإعلامي الدكتور تحسين الأسطل لـ quot;إيلافquot;: quot;الإسرائيليون يستغلون الانقسام كفرصة ذهبية لهم، لمواصلة تهويد القدس والضفة الغربية، ولا يمكننا كشعب متفرق أن يواجه أو يتصدي لمصادرة أرضهquot;، منوهًا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تعملان من اجل إدامة الانقسام لأطول فترة سواء بشكل مباشر أو من خلال دول حليفة لها تزعم أنها من دول الممانعة، فيما هي تدعم وتضغط على حماس لاستمرار الانقسام ضمن المخطط الأميركي.

وباتت لغة التهديد بين سياسيي الحركتين هي الدارجة في ظل قرب موعد الإنتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية، بحسب القانون الفلسطيني. ففي الوقت الذي أكد فيه الرئيس محمود عباس أن موعد الخامس والعشرين من يناير المقبل سيكون يوم الإنتخابات في وقت أعلن فيه عدم ترشيحه لمنصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، رفضت حركة حماس بالمطلق ذلك، وأعتبرته إبتزاز سياسي للضغط عليها من أجل الموافقة على الورقة المصرية.

وأكد الدكتور الأسطل أن المستفيد الوحيد من استمرار حالة الانقسام هي إسرائيل، التي تحاول طمس القضية الفلسطينية وإشغالنا بتوافه الأمور. وقال لإيلاف quot;أطالب كافة وسائل الإعلام المختلفة بالارتقاء لمستوى التحديات ونبذ الفرقة والانقسام، وتغليب المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، ليتمكن الجميع من تجاوز المرحلة العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينيةquot;.

ودعا وسائل الإعلام إلى نشر quot;ثقافة الحوار والتسامح بين أبناء الشعب الفلسطيني، فلا بد من وقف حملات التشويه المستمرة بحق القضية والقيادات الفلسطينية، خاصة في ظل عدم ثقة دول كثيرة بالقيادات الفلسطينية، بسبب الإنقسام الحاصل بينهمquot;.

أنصار حركة فتح يستقبلون موكب الرئيس الفلسطيني محمود عباس

ورأى عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس الدكتور يحيى موسى أن أي خلاف فلسطيني- فلسطيني من شأنه أن يؤدي إلى أثار سلبية على المتعاطفين مع القضية الفلسطينية وحتى على المراقبين لمسار قضيتنا العادلة. وإعتبر أن quot;الخلاف الفلسطيني الداخلي يرجع إلى توقيع إتفاقية أوسلو ذات الطبيعة الأمنية التي تقوم على إستنزاف الوحدة الوطنية.

وقال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني لإيلاف quot;الخروج من الإختلاف برمته، بما فيه التراشق الإعلامي، لن يكون إلا من خلال إنهاء هذه الإتفاقيات، والعودة إلى برنامج يجمع كافة القوى الفلسطينية في إطار مقاومة المحتل الإسرائيليquot;، منوّهًا إلى أن التراشق الإعلامي هو نتيجة لإختلاف جوهري في برامج الحركتين.

وأضاف الدكتور موسى quot;نحن في حركة حماس لا نخون الشخص، إنما نخون عمله (..) فعندما يكون هناك تعاون بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإدلاء معلومات أو بيانات تنتهي بإعتقال المقاومين الفلسطينيين، فلا يوجد توصيف غير الخيانة. وكذلك عندما يتم السماح للسي أي إيه الأميركية بإجراء مقابلات لتجنيد عدد من الفلسطينيين، فهذا عمل خيانيquot;.

إلا أن الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ياسر عبد الغفور، رأى أن التراشق الإعلامي quot;أحد أوجه الصراع بين الحركتينquot;. وقال لإيلاف quot;ليس فقط نتاج الانقسام الذي حصل عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة منتصف سنة 2007، بل هو عملية رافقت الخلاف الأساسي القائم بين الحركتين، وساهم التراشق الإعلامي في تعميقه بشكل كبير جدًاquot;.

ونوه إلى أن الأمر لم يقتصر على هاتين الحركتين وعناصرهما فقط، quot;بل امتد ليطال مجمل الحالة الفلسطينية، عبر الإحباط العام الذي تولد بعد انحراف بوصلة الإعلام لدى الجانبين، وإن كنت لا أستطيع أن أضعهما في كفة واحدةquot;.

وإعتبر الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الخطر يكمن في إنزلاق الإعلام الفلسطيني المتحزّب لإثارة اتهامات باطلة ونشر إشاعات. وقال quot;هذا الأمر عمّق الأزمة، وفي الكثير من الحالات أستطيع الجزم من واقع المتابعة أن الإعلام وعبر ما تم ضخه خاصة عبر الإذاعات المحلية في مرحلة ما قبل الانقسام، تسبب في وقوع صدامات سقط فيها ضحاياquot;. وأضاف لإيلاف quot;المؤسف أن بعض الإعلاميين تحولوا إلى أدوات رخيصة في أيدي بعض السياسيين، والأسوأ في أيدي بعض قادة أجهزة الأمن عبر سلسلة مواقع الكترونية ليس لها هم سوى التشويه والتدمير الذاتي دون الالتفات للقضايا الوطنيةquot;.

وحذر الكاتب والمحلل السياسي عبد الكريم عليان، من ودور الإعلام المحلى في تصعيد وتغذية حدة السجالات التنظيمية بشكل يومي. وقال عليان لإيلاف quot;الإعلام الفلسطيني يساهم بشكل مباشر في صناعة الأحداث ولا يكتفي بنقلها كما هي، فحملة التصعيد الإعلامي بين رام الله وغزة المستمرة، تزيد من توتير الأجواء وليس تهيئتها، خاصة في ظل الضغط العربي والمصري من اجل إنهاء الإنقسام بين أكبر حركتين على الساحة الفلسطينيةquot;.

وأثار تأجيل تقرير ريتشارد جولدستون، كواحد من بين المفترقات الإعلامية الفلسطينية، من قبل مندوب السلطة الوطنية الفلسطينية في مجلس حقوق الإنسان العالمي التابع لمجلس الأمن الدولي، الذي يدين إسرائيل بإفراطها في إستخدام القوة ضد الفلسطينيين أواخر السنة الماضية، أثار زوبعة إعلامية لا زالت أثارها باقية في الإنعكاس ورقة المصالحة المصرية التي إقترحتها بين حركتي فتح وحماس، ورفضت بنوده حركة حماس حتى اللحظة.

ودعا الكاتب الفلسطيني عليان quot;جميع الأطراف لوقف التصعيد الإعلامي الخطير، لأنه يزيد من الإنقسامquot;. وقال لإيلاف quot;بات إعلامنا يركز على الخلافات الداخلية بين حماس وفتح، وترك الفرصة للإحتلال الإسرائيلي أن يعبث فسادًا في مدينة القدس، ويستبيح حرمة المسجد الأقصىquot;، مطالبًا بتوجيه بوصلة الإعلام نحو ما تقوم به إسرائيل من إنتهاكات يومية بحق المدن والقرى الفلسطينية.