اليمنيون ينقسمون في ذكرى حرب1994
رئيس كتلة الاشتراكي: أنا موجود في قلب الحراك اليمني الجنوبي
علي عبدالجليل من صنعاء: انقسم اليمنيون في اليومين الماضيين وهم يتذكرون حرب صيف 1994ونتائجها بطريقتين مختلفتين، فمن بين من يعتبرها إنتصارا للوحدة ومن يعتبرها انتكاسة للمشروع الوحدوي. واعتبر الدكتور عيدروس نصر ناصر النقيب رئيس كتلة الحزب الاشتراكي اليمني في البرلمان quot;أن إصرار السلطة على الاحتفال بيوم السابع من يوليو، باعتباره يوم نصر مؤزر، يمثل نوعا من المكابرة والعناquot;.
وقال quot;إنه عناد لحقائق التاريخ التي أكدت أن يوم سبعة يوليو لم يأت بمنتصر ومهزوم بقدر ما جاء بهزيمة للشعب اليمني كله، وهو يمثل استفزازا لمشاعر الشعب اليمني وإصرارا على العيش في أجواء الحربquot;.

وأضاف النقيب في تصريح خاص لـ (يلاف): quot;كان من المستحسن أن السلطة كفت عن الاحتفال بهذا اليوم في سنتين أو ثلاث خلت لكنها استحضرت أجواء الحرب من جديد واستعادت نشوة النصر المزيفة لتذكر الشعب اليمني وخاصة في المحافظات الجنوبية، بشعوره بالمرارة من إدارة البلاد بالحرب والاستقواءquot;. ووصف يوم السابع من يوليو عام 1994 بأنه quot;يمثل يوم انتكاسة المشروع الوحدوي السلمي الديمقراطي، واستبداله بمشروع الضم والإلحاق، وتحويل الجنوب من شرك ند في مشروع الوحدة إلى تابع ملحق، أو إلى مجرد فرع أعيد إلى الأصلquot;.

وأضاف: quot;إذا ما ربطنا هذه الأجواء الاحتفالية الزائفة بما يجري في محافظات الجنوب من حملات الاعتداء المسلح على المواطنين وما ينجم عنه من قتلى وجرحى، وحملات الاعتقال الجماعي والعشوائي للسكان فإن هذا وحده يكفي لكشف نوع الوحدة التي يحتفل بها الحكام، وحدة القتلة وأولياء دم القتلى وحدة الناهب والمنهوب والسالب والمسلوب، وهذا وضع مختل لا يمكن أن يعيش لا موضوعيا ولا حتى بالتعسف والإكراه لأنه ضد منطق التاريخ. في الجانب الآخر تقوم فعاليات الحراك السلمي بمجموعة من الفعاليات الاحتجاجية السلمية (وأقول السلمية) التي ليس فيها أي مظهر من مظاهر التحدي لأحد ولكن للتعبير عن الرفض لما ترتب على سياسات ما بعهد سبعة يوليو، من سياسات النهب والسلب والإقصاء والتمييز والتعالي والتعسف، وهذا النشاط مشروع، لأنه يأتي في إطار الدستور والقانون، لكن علينا أن نلاحظ أن حملات الاعتقال وإعلان حالة الطوارئ التي ترافقت مع هذا اليوم قد منعت حتى حصول هذه الفعاليات وهذا يبين لنا أن السلطة تصر على الاحتفال بانتصارها الزائف ولا تسمح للطرف الآخر أن يعبر عن رفضه للهزيمة كموقف له من هذا اليوم وهذا يكشف زيف الادعاء بالممارسة الديمقراطيةquot;.

وسألت (إيلاف) النقيب حول تصوره عن مستقبل الأزمة وإلى أين تمضي فأجاب: quot;أتصور أنه وفي ظل الصمم السياسي الذي تتعمده السلطة في تعاملها مع مطالب المواطنين الجنوبيين، ومع الأزمة الوطنية بعامة، وإصرارها على التمسك بثنائية المنتصر والمهزوم، وما يترتب عليها من تناسل مقيت لعدد آخر من الثنائيات، فإنها لا تعمل سوى الاستمرار بدفع الأمور نحو مزيد من الانزلاق الذي قد يؤدي بالبلاد إلى التشظي والتمزق،
وهذا سلوك (من قبل السلطة) لا ينم عن أي رغبة ليس فقط في حل الأزمة الوطنية بل وفي إحداث أي انفراج سياسي قد يخفف من حدة الأزمة الوطنية، أعتقد أن التحذير من الصوملة الذي جاء على لسان بعض المسؤولين الرسميين المحترمين، قد بدأ يقترب وما لم يتم تدارك الأمور فإن الأوضاع مفتوحة على جميع الاحتمالات بما فيها الأسوأquot;.

وفي رده حول ما يتردد عن انضمامه إلى الحراك الجنوبي قال: quot;كيف أنضم إلى الحراك الجنوبي وأنا موجود في قلب الحراك منذ يومه الأولquot;. وأوضح: quot; الحراك الجنوبي ليس منظمة حزبية أو إطار تنظيمي بل هو فعاليات جماهيرية ميدانية، مفتوحة لكل من يناصر مطالب المواطنين الذين سحقتهم السياسات الرسمية غير الرشيدة منذ السابع من يوليو 1994م، وأنا لا أجد نفسي إلا منحازا للمطالب السياسية والحقوقية الهادفة إلى استعادة الشراكة الوطنية التي دمرتها الحرب اللعينةquot;.

وعما إذا كان هناك تواصل بين الحزب الاشتراكي وعلي سالم البيض أو بين لجنة الحوار والبيض قال: quot;الأخوان البيض والعطاس قياديان معروفان في الحياة السياسية اليمنية، ولا يمثل الاتصال بهما أي قضية لكن يظل هذا محكوما بظروفهما وبالدواعي التي تقتضي مثل هذا التوصل، وفي الحقيقة الاتصالات قد تتم بصورة شخصية وموسمية، وليس لها طابع رسمي، وهذا الأمر ربما ينطبق على لجنة الحوار الوطنيquot;.
وكانت التظاهرات قد تواصلت جنوب اليمن وسط اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن ومتظاهرين يدعون إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله، وخرجوا ابتداء من الثلاثاء الماضي في تظاهرات في عدة محافظات جنوبية بمناسبة ذكرى انتصار السلطة اليمنية في حرب صيف 1994فيما خرجت تظاهرات مماثلة تشيد بهذا اليوم التاريخي الذي هزم فيه المشروع الانفصالي متهمين قوى الحراك الجنوبي بالعمالة للخارج.

وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر عن مقتل شخص على الأقل في حضرموت، ذكر شهود عن قيام السلطات الأمنية باعتقال العشرات في محافظات عدن وأبين ولحج و الضالع وحضرموت جنوب اليمن.
وقال مصدر أمني مسؤول في وزارة الداخلية إن الأجهزة الأمنية أوقفت قرابة خمسين شخصاً ممن وصفتهم بـ quot;الخارجين على القانون في كل من محافظات عدن, لحج ,الضالعquot;. وأضافت وزارة الداخلية في بيان لها quot;إن الأجهزة الأمنية تعاملت بروح وطنية مسؤولة مع محاولات القيام بتظاهرات غير مرخصة في المحافظات المذكورة وتمكنت من احتواء تلك المحاولات وتفريق الأشخاص الذين انساقوا وراء دعواتها المشبوهة التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرارquot;. من جهتها قالت أحزاب اللقاء المشترك في محافظة حضرموت في بيان لها quot;إن السلطات الأمنية والعسكرية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق سكان الجنوب ومارست القتل والتعذيبquot;.

العودة إلى قرارات دولية
وكان الزعيم الجنوبي المقيم في الخارج علي سالم البيض قد وصف يوم 7يوليو 1994 باليوم الأسود.
وبدا البيض في خطابه الذي تم تداوله في إميلات جماعية وبثته قناة عدن التي تبث من لندن أنه يرتب إلى خطوات سياسية يلجأ خلالها إلى المجتمع الدولي متكئا على قرارات الأمم المتحدة، مذكرا بقراري مجلس الأمن 924و931 أثناء حرب 1994في إشارته إلى أنهما لم يدينا إعلان دولة الجنوب في 21مايو 1994. ودعا البيض السلطة مجددا إلى quot;الاستجابة لصوت العقل والحكمةquot; والقبول بفك الارتباط مع الجنوب سلمياً quot;كما فعل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في مشروع الوحدة المصرية السوريةquot;، و quot;الاحتكام إلى دواعي الإخاء والمودة ما بين الشعبين الشقيقين، والاقتداء بالنماذج الدولية المماثلة، التي فضلت قياداتها السياسية فك مشاريع الوحدة فيما بينهما بالطرق السلميةquot;. وأعتقد أن القيادة في صنعاء quot;اختارت إتباع نموذج ميلوسوفيتش في مواجهة تفكك أقاليم الاتحاد اليوغسلافي واستقلال جمهورياته من الهيمنة الصربية في شن الحرب وسفك الدماءquot;.

من جهته هاجم أحمد عبيد بن داغر الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، الحزب الحاكم، علي سالم البيض مذكرا بالتاريخ، وقال في مقال وزع على وسائل الإعلام وتلقى (إيلاف) نسخة منه: quot;كنت ممن توقعوا، وربما ممن تمنوا أن يحافظ البيض على ما تبقى له من رصيد سياسي، بعدما أهدر كل رصيده الوطني، كان صمته محيراً، وكان كلما أمعن في الصمت ازدادت التكهنات حول حقيقة مواقفه.. وأزعم أنني لم أنخدع قط بهذا الصمت، فالذين خبروا حياة التآمر، والغدر قليلاً ما‮ ‬تصلح‮ ‬الأيام‮ ‬من‮ ‬أحوالهم‮. ‬ كانت الجبهة القومية التي انتمي إليها فصيلاً قومياً، وكنت أظن أن طول فترة التربية القومية تجعل المنتسبين إلى هذا الفصيل أكثر حصانة في وجه المشاريع الصغيرة، ومن باب أول قادتها، فالحركة علمانية بطبيعتها.. هذه الحركة كانت قد حسمت الجدل داخلها حول هوية القضية الوطنية في منافحة الاستعمار البريطاني وصولاً إلى الاستقلال.. فكانت الجبهة بهوية يمنية... كما كانت معظم فصائل العمل الوطني قبلها وبعدها، حققت استقلالاً يمنياً للشطر الجنوبي، وأنشأت دولته اليمنية على جزء في التراب اليمني، وآمنت بوحدة يمنية جعلتها طوال تاريخ وجودها‮ ‬كدولة‮ ‬قضية‮ ‬جوهرية‮ ‬تسبق أحياناً ماعداها من قضايا أخرى كانت تشكل الإطار السياسي لتلك الدولة .. وكان رجالها وطنيين وقوميين.. وفجأة قلب البيض ظهر المجن لهذا التاريخ وتلك الحقائقquot;