&
حوار: نبيل شرف الدين
اللواء حسن أبو باشا، صاحب تجربة طويلة وفريدة في مواجهة جماعات التطرف الديني، عمل أربعين عاماً في جهاز مباحث أمن الدولة المصري، قبل أن يصبح وزيراً للداخلية في واحدة من أدق المراحل التاريخية التي شهدتها مصر، في أعقاب اغتيال الرئيس المصري السابق السادات وأثناء تصاعد المنظمات الراديكالية المسلحة، وكان من الأهمية بمكان أن تلتقيه "إيلاف" ليفسر العديد مما يجري على الساحة المحلية والإقليمية والدولية من تصاعد أنشطة هذه الحركات، ولنستمع لجانب من شهادته الطويلة على التنظيم الأبرز في بنية الحركات الأصولية الدولية، وهو "تنظيم الجهاد" المصري، ويطرح رؤيته لتراجع أنشطة هذه التنظيمات داخل مصر، وما إذا كان ذلك يعود لأسباب ضعف أدواتها داخل مصر وانهيارها، أم لأسباب أخرى، كما يستشرف آفاق مستقبل المواجهة مع هذه الحركات عموماً، وتنظيم "الجهاد" على وجه الخصوص في البداية يقول اللواء حسن أبو باشا هناك كثير من الإيجابيات في الأداء الأمني والتعاطي السياسي مع هذه الحركات، ومنها التطور الملحوظ في جهاز الأمن خاصة في السنة الأخيرة من حيث القدرة علي الرؤية المستقبلية لحركة النشاط الإرهابي، والتقدير السليم والاختراق العلمي المدروس، لذا أصبح للأمن القدرة علي الفعل وليس رد الفعل‏،‏ كما كان يحدث من قبل
أخطاء فادحة
ويعترف أبو باشا بأنه قد حدثت في الماضي سلبيات عديدة كان أبرزها السماح لعدد كبير ممن أفرج عنهم بعد قضاء عقوباتهم وعلي رأسهم أيمن الظواهري بالسفر للخارج‏‏ بدعوى التخلص منهم‏،‏ وكانت النتيجة تجمع هؤلاء في الخارج وبدأوا في الترتيب لتمويل نشاطهم‏،‏ والاتصداخل وتشكيل عمل إرهابي منظم مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات ونفذت عمليات ضخمة سببت خسائر بالمليارات‏،‏ نتيجة قصور في الرؤية الأمنية‏،‏ ولكن حالياً ـ كما يؤكد أبو باشا ـ فإن جهاز الأمن يتحرك بأسلوب علمي وبعيد عن العمل العشوائي والدعاية الفجة، وهو عطي له القدرة علي معرفة الخريطة الكاملة للنشاط الإرهابي والعمل غير المشروع وأمكنه الرؤية المبكرة والتوقع مما يجعله قادرا علي الاجهاض المبكر‏،& كما ان الرأي العام استنفر ضد أسلوب الجماعات وحركتها‏، وحدث تعاون دولي مثمر‏ كان من نتيجته تحول ملحوظ علي المستالعالمي بالنسبة للعمل الإرهابي‏،& وعلي المستوي العربي كانت من ثماره توقيع الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب،‏ وجاءت نتائجها بتبادل بعض الهاربين، ويؤكد أبو باشا أن السياسة الأمنية المصرية نجحت في إفراجها عن دفعات ممن يطلق عليهم التائبون، لأن مثل هذه الدفع لها رد فعل إيجابي يؤدي إلي انسلاخ أعداد من العناصر التي كانت مرتبطة بالعمل الإرهابي سواء من الجماعة أو الجهاد ومراجعة مواقفهم والابتعاد عن الارتباط التنظيمي‏، والبيانات التي صدرت من الجماعة بوقف العنف‏ تكشف وجود خلاف في وجهات نظر الجماعات بصفة عامة عن استمرارية في العمل الإرهابي ويستطرد اللواء أبو باشا قائلا‏:‏ نعم حدث تراجع ملحوظ في العمليات‏،‏ نتيجة للدور الذي يؤديه جهاز الأمن‏،‏ ولكن مازال أمامنا نوع من التحفظ ان التراجع ربما يكون مرحليا‏،‏ لا شك أن الضعف أصاب الهيكل التنظيمي للجماعات‏،‏ ورب المرحلي لاستعادة القوة وسد الثغرات التي أصابت هياكلها التنظيمية في انتظار ظروف قد تفتح لها أبواب الحركة مرة أخرى، بجانب ضعف الحركة السياسية وهي من الأسباب التي فتحت الباب بدرجة كبيرة لهذه الجماعات لاستقطاب آلاف الشباب‏، ومن هنا مازال التيار الفاعل في محي الشباب هو التيار السياسي الديني وأيضا بين المثقفين‏،‏ والنتائج الخطيرة هنا لا تظهر بسرعة كبيرة ولكن علي المدى الطويل‏،‏ ولابد من النظر لمسألة العمل الإرهابي والجماعات علي المستوي العالمي علي أن لها وجودا وقدرة علي التمويل والامتداد للداخل وتلك نقطة مهوضع في الاعتبار مستقبلا‏ً.
تحديات أمنية
وحدد اللواء حسن ابوباشا مسؤوليات جهاز الأمن‏،‏ وقال انها مازالت تتعاظم‏.‏ وعلي الأمن الا يركن للاطمئنان أمام التراجع المرحلي بل عليه زيادة التعاون الدولي واستثماره ودعمه ودفعه للأمام بصفة مستمرة‏،‏ للوقوف علي النشاط الخارجي‏،‏ ولابد ان تكون خريطة اواضحة باستمرار وهذا يتطلب القدرة علي الاختراق والتوقع نتيجة المعلومات سواء من التعاون الدولي أو الاختراق‏،‏ والاهتمام بكفاءة رجال الأمن المسئولين عن هذا النشاط وفتح الطريق أمام القوي السياسية الشرعية لتتحرك ولتفهم أن الخطر الذي يواجهها سيأتي من نمو هذا ايار بأجنحة المختلفة‏،‏ ووضع خطة لاجهاض الأيولوجيات المتطرفة من مفاهيمها‏،‏ وتفريغ الفكر المتطرف من مفاهيمه وأساليبه الخاطئة وتأويلاته للقرآن والاحاديث الشريفة ويستطرد‏:‏ القانون المصري مستمد من الشريعة بنسبة‏99.9%‏ ماعدا قضيتي الحدود والربا‏،‏ وه اجتهادات كثيرة بين الفقهاء عبر التاريخ الإسلامي‏، لذا فنحن لسنا في حاجة لمن يطالبون بحزب ديني‏،‏ والذي ينادي به الأخوان ويضيف‏:‏ كل تفريعات التطرف من الأخوان فكتاب معالم علي الطريق أصبح مفرخة التطرف وتلك مسئولية الجماعة المنحلة‏،‏ وخطورة الحزب الديكون مرجعية كل موقف وقرار‏،‏ وأي معارضة سيكون لها بعد ديني‏،‏ كما ان مثل هذا الحزب لن يقدم جديدا

ضعف التنظيمات
وأعتبر اللواء ابوباشا ان تنظيمي الجهاد والجماعة في حالة ضعف أصاب هياكلهما في الداخل والخارج‏، وربما هذا يدفعهما لتعديل مواقفهم مرحليا‏.‏ وممكن استمرار الضعف بسبب المواجهة المستمرة والتعاون الدولي ويؤكد الرجل المحنك‏:‏ أن جميع إيجابيات المواجهة‏،‏ جاولي حبيب العادلي المسئولية‏، فله رؤية علمية‏،‏ والتنسيق الجيد مع الأجهزة الأخرى، ويعمل بالمنطق العلمي الذي يفهم أن دور الأمن الإجهاض والرؤية المسبقة‏،‏ والامتداد للرؤية من الداخل للخارج وربط الأحداث‏،‏ وقال‏:‏ ان جهاز الأمن استعاد صحته‏،‏ ولديه كرة سواء في صورة الإجهاض أو دفع مؤسسات الدولة للتعاون معه ورسم الخريطة الكاملة أمامه‏.وفي تقدير أحد المحامين المحسوبين علي تنظيم الجهاد يعتبر ان التنظيم يعاني من صعوبات شديدة‏،‏ فصفوة قادته في الخارج محاصرون ويسعون إلي البحث عن التأمين الشخصي لأنفسهم‏،‏ وهذا يمنع فرصة اتصالهم بقواعدهم او عناصرأيضا جهاز الأمن استهدف عناصر الجهاد في الداخل في ضربات عديدة قوضت نشاطهم وأدت إلي إجهاض قواعدهم او بالتالي عدم امكانية قدرتهم علي اي رد فعل وامامهم سنوات لاعادة ترتيب أوراقهم لكن هذا لا يمنع من كون الجهاد حركة فكرية سرية تستوجب التعامل معها بحذر هم‏.