&
متابعة: نبيل شرف الدين
وقع أصوليون مصريون في مأزق أثناء عقدهم ندوة تحت عنوان "حرب أفغانستان وتأثيرها على العالم العربي" عُقدت بمقر نقابة الصحافيين مساء السبت الماضي، إذ استضافوا إلى جانب حشد من الكتاب والمحامين والضيوف المحسوبين على عدة تيارات سياسية وفكرية، كان أبرزها جماعات أصولية في مصر كالإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية وغيرها، استضافوا أستاذا أفغاني الأصل يدرّس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، هو الدكتور عبد الملك كاموي، وكانوا على ما يبدو لا يعرفون توجهات الرجل وقراءته الكاملة للأحداث الجارية في بلاده، لذلك توقعوا منه أن يتماهى مع رؤيتهم التي طرحت تحت مظلة نقابة الصحافيين المصرية، لكن الأستاذ الأفغاني تجاوز هذا الأمر، وفاجأهم بشن هجوم شرس على حركة "طالبان" الحاكمة في أفغانستان، واتهمها بالتشدد والجهل والفساد وإشاعة الفوضى في البلاد، رغم أنها قدمت نفسها في البداية كحركة إصلاحية على حد قوله، موضحاً أنه برغم قيام الحركة بإيجابيات في أعقاب خروج القوات السوفيتية في البداية، لكنها سرعان ما قفزت على السلطة واتخذت العديد من القرارات التي وصفها الأستاذ الأفغاني بالخاطئة، في إشارة لتلك القرارات المتعلقة بعمل المرأة وهدم التماثيل، مشيراً إلى أن ذلك يرجع إلى عدم توافر الخبرات الكافية لدى قادة الحركة، وغياب المتخصصين في إدارة البلاد، فضلاً عن جهلهم بشئون السياسة الدولية.
ولم يتوقف الأستاذ الأفغاني الأصل عند هذا الحد، بل أعلن صراحة عن تأييده لعودة الملك الأفغاني السابق ظاهر شاه إلى سدة الحكم، معتبراً أنه يمثل رمزاً لوحدة الصف الأفغاني، وهنا اندفع مضيفوه من الأصوليين ليردوا عليه بعنف وقسوة بلغت حد توجيه الاتهامات للملك ظاهر شاه بالخيانة والعمالة للولايات المتحدة، ولكل من يؤيده أيضاً، وقاطعوا الأستاذ الأفغاني عدة مرات، لدرجة أربكت الرجل، وجعلت بعض الحضور يتندرون على ردة الفعل العنيفة هذه، وأن هؤلاء الأصوليين "أفغان أكثر من الأفغان أنفسهم".
كما تحدث في الندوة أيضاً الدكتور محمد السيد سليم مدير مركز الدراسات الآسيوية بالقاهرة، متهماً الولايات المتحدة بأنها تشن هذه الحرب بهدف تحقيق جملة من المطامع غير الخافية في هذه المنطقة، والتي تتعلق بالبلاد المحيطة بأفغانستان، ومنها إيران والصين وباكستان، فضلاً عن دول الكومنولث المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفيتي.
وفجر د. سليم جدلاً حينما تحدث عن ملخص كتاب تلقاه من أميركا لمؤلف قال إنه يدعى "جيمس بارفورد"، يتهم فيه وكالة المخابرات المركزية بارتكاب انفجارات 11 سبتمبر أيلول الماضي، وأكد أن هناك محاولات تدمير وهدم لمبانٍ قامت بها المخابرات في السابق لتعبئة الشعب الأمريكي من أجل تحقيق أهداف سياسية، وهو الأمر الذي يعتبره المراقبون تصوراً يفتقد إلى أدنى درجات المنطق، على اعتبار أنه لا يمكن لدولة في وزن الولايات المتحدة أو غيرها ـ مهما بالغنا في تبني نظرية المؤامرة الكونية ـ أن تهدم هيبتها بيديها، وأن تقتل كل هذا العدد من المواطنين، وأن تعرض نفسها لتلك الهزة العنيفة، لتحقيق أهداف سياسية في بلد آخر لم تكن لتعدم الحيلة في اختراع سيناريوهات أقل كلفة من هذا الذي جرى.