&
* بداية، ما هو الموقف الشرعي حيال العمليات الانتحارية التي ضربت الولايات المتحدة في 11 أيلول؟
- موضوع الارهاب صدرت في شأنه فتاوى اجماعية من كل علماء العالم الاسلامي لأن الاسلام يرفض الارهاب من اية جهة صدر وعلى اية جهة وقع وهذا امر اصبح من المسلمات التي يعلمها كل الناس.
* أين تضعون العقيدة "الطالبانية" بين المذاهب الاسلامية؟
- الطالبانية ليست مذهباً اسلامياً هي حركة بدأت سياسية واتخذت مواقف دينية خاصة. إنها ليست مذهباً اسلامياً ولا حركة دينية محضة بل هي حركة سياسية عرفت بموقف سياسي معين ونظراً الى تدين الشعب الافغاني اخذت هذا المنحى الديني.
* ما هي الحالات التي يمكن فيها المسلم استخدام العنف واللجوء الى القتل في اطار الجهاد؟
- هذا سؤال يحتوي على تناقضات بيّنة. هنالك فارق بين الارهاب من ناحية وحق المقاومة والدفاع عن النفس ورد اجتياح الاعداء من ناحية أخرى. وكما سبق القول فإن الارهاب مرفوض في كل الشرائع وبخاصة في الاسلام. اما حق المقاومة والدفاع عن النفس لتحرير الارض وصد هجمات الاعداء فهذا امر آخر تجيزه الشرائع الدينية والقوانين الدولية.
* هل لديكم اي تخوف من انقسامات بين المسلمين ربما تنشأ في ضوء الحرب الاميركية ضد افغانستان مثلاً في باكستان هناك تحركات معارضة للحرب فيما الدولة الباكستانية موقفها مغاير؟
- لا خلاف بين المسلمين في رفض الحرب المعلنة على الشعب الافغاني فهذه حرب غير مبررة دينياً وقانونياً وانسانياً. الشعب& الافغاني ليس شعباً ارهابياً وليس شعباً معتدياً وهو ضحية الصدامات الداخلية والآن هو ضحية الحرب المعلنة عليه من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية، فالموقف الاسلامي العام هو موقف رفض الارهاب من جهة ورفض ضرب الشعب الافغاني الآمن الذي لا علاقة له بموضوع الارهاب ولا يتحمل مسؤولية ما جرى في الولايات المتحدة.
والمسؤولية حينما تثبت على شخص او على مجموعة يتحمل تبعاتها الشخص والمجموعة الذين اقدموا على جريمة الارهاب، اما ان يؤخذ شعب بأكمله بجريرة عملية لم يتحدد فاعلوها في شكل قانوني راسخ ولم تصدر في شأنها محاكمات قضائية من جهات معتمدة قانوناً فهذا لا يلقى القبول لدى العالم الاسلامي بل لدى العالم اجمع.
* هل الدفاع عن حقوق المسلمين ومصالحهم في ضوء الحرب الاميركية على افغانستان يعني العداء لاميركا؟ وهل ان تأييد "طالبان" يعني أيضاً العداء لاميركا حالياً؟
- الشعوب العربية والاسلامية لا تعيش حالة عداء مع الشعب الاميركي. وكذلك هي لم تعلن موقفاً عدائياً قتالياً ضد السياسة الاميركية وضد الادارة الاميركية. ولكن الادارة الاميركية هي التي تتخذ مواقف عدائية من العالم العربي برعايتها العدوان الاسرائيلي المستمر وبما تمارسه الآن من قتل للشعب الآمن في افغانستان. نحن لسنا مولعين بكره احد او بالاعتداء على احد، بالعكس شعوبنا قدمت الكثير وما زالت تنتظر من الضمير العالمي ان يصحو ويضع حداً للارهاب الدولي الذي يمارس في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني وللمواقف التي تكاد تقضي على الشعب الافغاني البريء من اية تهمة.
* برأيك، هل ثمة رابط بين المسألة الافغانية والقضية الفلسطينية في هذه المرحلة؟
- لا يشك احد بأن الرعاية الاميركية لدولة اسرائيل سوف يكون لها رد فعل طبيعي لدى شعوب العالم العربي والشعوب الاسلامية والعالم كله، هذا الموقف المنحاز بدون حدود للعدوان الاسرائيلي يرتب على الولايات المتحدة مسؤولية كاملة في رفع الارهاب الاسرائيلي.
* ما الذي يتطلبه تحصين الحقوق الاسلامية الذي اصابها الغبن تاريخياً خصوصاً في فلسطين؟
- نحن نطالب اولاً عالمنا العربي باعادة النظر في كل مواقفه وفي كل تنازلاته وفي كل علاقاته مع الدول التي تناصر اسرائيل. ومطلوب من عالمنا العربي ان يستعيد موقفه الداعم عملياً للشعب الفلسطيني لدفع الخطر عن انتفاضته. وشعوبنا ما زالت تنتظر صحوة الضمير العالمي من اجل تنفيذ القرارات التي تصدرها المنظمات الدولية.
اذا طال الزمن فان المشكلة سوف تزداد تعقيداً وسوف يولد هذا الضغط على العالم العربي وعلى العالم الاسلامي انفجاراً اكبر مما حدث واكبر مما يتصور.
* من يملك الحق في اعلان الجهاد وما هي الشروط المطلوب توافرها في الجهة التي تدعو اليه وفي الظروف التي تستدعيه؟
- اولاً لا بد من تحديد وتوضيح، فمفهوم الجهاد لا يعني القتال فقط. الجهاد في مفهوم الاسلام له ابعاد ومعان وميادين كثيرة. هنالك الجهاد بالنفس والجهاد بالمال والجهاد بالفكر والجهاد بالثقافة والجهاد بالسياسة، ويأتي الجهاد بالقتال كزاوية محددة في مفهوم الجهاد الاسلامي. وهذا الموضوع ينحصر في امرين فقط: رد الاعتداء على العالم الاسلامي وتحصينه من عملية فكه عن حريته ومقدساته. والآية القرآنية تقول: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا". فهو الامر محصور بمن يقاتلنا وبعدم تجاوزنا الدفاع عن النفس.
الامر الثاني هو: "قاتلوهم حتى لا تكون فتنة" اي اذا اراد احد من الخارج ان يعتدي على العالم الاسلامي فمن حق هذا العالم ان يدافع عن نفسه واذا ارادت دولة او شعب او منظمة ان تُكره مجموعة اسلامية او دولة اسلامية او مجموع العالم الاسلامي على الردة عن الاسلام والخروج عن الدين وترك مبادئه وعقيدته، هنا أيضاً يحق لنا موضوع الدفاع. اما ما يتصوره البعض من ان مفهوم الجهاد هو القتال لاحتلال البلاد ولاكراه غير المسلم على الدخول في الاسلام فهو مرفوض في مفهوم الاسلام.
* ومن هو الشخص، او الجهة المعنية باعلان الجهاد،؟
- قلت اولاً الجهاد ليس قضية فردية وليس قضية منظمات ولا تترك لاهواء اي مجموعة من المجموعات ولا لأي دولة من الدول. هذا أمر متروك اساساً للحاكم المسلم المسؤول عن شعبه وعن دولته وليس الفئات المعينة ولا المنظمات المعينة ولا المفكرين، هذا امر تقرره الدولة بقياداتها السياسية والدينية والعسكرية وفق مصالح الدولة وما يرد عنها العدوان، ومن غير المقبول طرح موضوع الجهاد ببساطة وبسطحية.
* ... علماً بأننا نسمع دعوات الى الجهاد من جانب جمعيات او احزاب اسلامية، مثلاً اسامة بن لادن وحركة "طالبان" حالياً، هل ترون ان شروط الدعوة الى الجهاد مستوفاة في هذه الجهات الآن؟
- ها أمر يخرج عن نطاق السؤال النظري، ولا بد من الاحاطة بالواقع والحقائق والتحقيقات والممارسات الآتية من اميركا او الصادرة من اسامة بن لادن او سواه. وهنا لا بد من الاشارة الى موضوع مهم جداً وهو ان اسامة بن لادن ليست له صلاحية اصدار فتوى للاسلام وللمسلمين ولا ان يفرض رأيه على العالم الاسلامي ولا ان يعلن الحرب على المسيحية واوروبا واميركا بحركة اهتياج عاطفي غريزي دون ان يكون له من الواقع الديني ما يبرر مواقفه.
كل ما نسمعه الآن هو صيحات من اجل حماية اشخاص او مواقع او تيارات او مواقف سياسية او اتجاهات معينة. ولا يمكن السماح بتوظيف الاسلام وفقاً لمزاج اي شخص او لمصلحة اي حركة...
نصرة الشعب الافغاني شيء واعلان الجهاد كما يطالبنا به اسامة بن لادن والملا عمر وامثاله شيء آخر. الشعب الافغاني اصبح الآن ضحية النظام الدولي الجديد وضحية الاستراتيجيات العالمية وضحية الغرور الذي يسيطر على بعض الدول الكبرى.
* برأيكم كيف سيتعامل المسلمون مع هذه الدعوات "غير الرسمية" للجهاد؟
- الوضع القائم يجيب على هذا الموضوع تماماً. هنالك دعوات للجهاد من جانب حركات او منظمات او اشخاص، ولكن هل خرجت هذه الدعوات الى الحيز العملي؟ لو حصل هذا لكان السؤال وارداً. انها مجرد تعبير عن رفض ما يجري من قتل للشعب الافغاني، رفض لهذا الواقع الذي تشايعنا فيه أمم الارض جميعها إن موقف الشعب الاميركي والشعب الاوروبي وشعوب العالم كلها هو ما سيحل هذه المشكلة، وهو الذي سيوقف حمام الدم.
* ما هي المعايير التي يمكن الاستناد اليها للقول أن المسلمين يتعرضون لاعتداء؟
- طبعاً الاعتداء العسكري معروف ولا يحتاج الى بيان اما الاعتداء الثقافي مثلاً فلا يعني اعلان حرب بل استنفار الطاقات الفكرية والذهنية للرد على ما يصدر من تجنٍ على العقيدة. وهكذا كل حملة تواجه تبعاً لحجمها وركائزها.
* يواجه المسلمون حالياً في الغرب بعض المضايقات. برأيكم كيف ينبغي ان يتصرف المسلمون رداً على ذلك؟
- هنالك امران يواجهان المسلمين في الغرب هذه الايام: اولاً الاسلام يتعرض لاتهامات مباشرة، وثانياً يتعرض المسلمون لكره وتعصب وعدوان مادي ومضايقات في مختلف الدول الاوروبية والاميركية. نعلم ان هذه المرحلة شاذة واستثنائية وهي نتيجة التعبئة الاعلامية التي مضت عليها سنوات طويلة بفعل الاعلام الصهيوني المسيطر في اوروبا واميركا لتشويه صورة الاسلام. فلما وقعت هذه الحادثة استعادت الشعوب الاوروبية والاميركية ما كانت تتلقاه واختزنته في نفسها. هذه مرحلة لا يمكن ان تطول بل سيعود الاستقرار النفسي والذهني الى الشعوب الاميركية والاوروبية لتتبين الحقائق وتتخذ الموقف الانساني والاخلاقي المطلوب منها.
الاسلام تعود على حملات التشكيك والتشهير منذ قرون ومع ذلك اخذ موقف التوضيح دون ان يلجأ الى حرب التشهير والتشكيك والتنديد بالعقائد الاخرى بل التزم بالموقف الذي يوجبه عليه كتاب الله تعالى، والمسلم مأمور بأن يظل دائماً ضمن نطاق الحق والانصاف والكلمة الطيبة. وعندما تدرك الشعوب الاميركية والاوروبية حقيقة الاسلام نفسه لا ما يقال عنه، وحقيقة تاريخ الاسلام الذي كان مثلاً ونموذجاً في الخلقية الانسانية، سيعود ولا شك الحق الى نصابه. من الذي طرح موضوع صراع الحضارات؟ ومتى طرح هذا الموضوع؟
هنالك جهات مهدت وتمهد للصراع بين الشرق والغرب. بين الاسلام والمسيحية طالما ان الاسلام يعترف بالآخرين ويفتح معهم افضل العلاقات ويجعل الحوار الفكري والديني والسياسي والاجتماعي والحضاري اساساً من اسس وجوده في هذا العالم.
وكل موجات الاثارة والتحريض هذه سوف تنتهي وتنكشف ويعود العالمان الاسلامي والمسيحي الى حضارة حوارية لا حضارة تصادمية، من اجل مصلحة البشر ومن اجل العقائد الدينية لتبقى في منأى عن الاستغلال والتشويه.(النهار اللبنانية)
* بداية، ما هو الموقف الشرعي حيال العمليات الانتحارية التي ضربت الولايات المتحدة في 11 أيلول؟
- موضوع الارهاب صدرت في شأنه فتاوى اجماعية من كل علماء العالم الاسلامي لأن الاسلام يرفض الارهاب من اية جهة صدر وعلى اية جهة وقع وهذا امر اصبح من المسلمات التي يعلمها كل الناس.
* أين تضعون العقيدة "الطالبانية" بين المذاهب الاسلامية؟
- الطالبانية ليست مذهباً اسلامياً هي حركة بدأت سياسية واتخذت مواقف دينية خاصة. إنها ليست مذهباً اسلامياً ولا حركة دينية محضة بل هي حركة سياسية عرفت بموقف سياسي معين ونظراً الى تدين الشعب الافغاني اخذت هذا المنحى الديني.
* ما هي الحالات التي يمكن فيها المسلم استخدام العنف واللجوء الى القتل في اطار الجهاد؟
- هذا سؤال يحتوي على تناقضات بيّنة. هنالك فارق بين الارهاب من ناحية وحق المقاومة والدفاع عن النفس ورد اجتياح الاعداء من ناحية أخرى. وكما سبق القول فإن الارهاب مرفوض في كل الشرائع وبخاصة في الاسلام. اما حق المقاومة والدفاع عن النفس لتحرير الارض وصد هجمات الاعداء فهذا امر آخر تجيزه الشرائع الدينية والقوانين الدولية.
* هل لديكم اي تخوف من انقسامات بين المسلمين ربما تنشأ في ضوء الحرب الاميركية ضد افغانستان مثلاً في باكستان هناك تحركات معارضة للحرب فيما الدولة الباكستانية موقفها مغاير؟
- لا خلاف بين المسلمين في رفض الحرب المعلنة على الشعب الافغاني فهذه حرب غير مبررة دينياً وقانونياً وانسانياً. الشعب& الافغاني ليس شعباً ارهابياً وليس شعباً معتدياً وهو ضحية الصدامات الداخلية والآن هو ضحية الحرب المعلنة عليه من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية، فالموقف الاسلامي العام هو موقف رفض الارهاب من جهة ورفض ضرب الشعب الافغاني الآمن الذي لا علاقة له بموضوع الارهاب ولا يتحمل مسؤولية ما جرى في الولايات المتحدة.
والمسؤولية حينما تثبت على شخص او على مجموعة يتحمل تبعاتها الشخص والمجموعة الذين اقدموا على جريمة الارهاب، اما ان يؤخذ شعب بأكمله بجريرة عملية لم يتحدد فاعلوها في شكل قانوني راسخ ولم تصدر في شأنها محاكمات قضائية من جهات معتمدة قانوناً فهذا لا يلقى القبول لدى العالم الاسلامي بل لدى العالم اجمع.
* هل الدفاع عن حقوق المسلمين ومصالحهم في ضوء الحرب الاميركية على افغانستان يعني العداء لاميركا؟ وهل ان تأييد "طالبان" يعني أيضاً العداء لاميركا حالياً؟
- الشعوب العربية والاسلامية لا تعيش حالة عداء مع الشعب الاميركي. وكذلك هي لم تعلن موقفاً عدائياً قتالياً ضد السياسة الاميركية وضد الادارة الاميركية. ولكن الادارة الاميركية هي التي تتخذ مواقف عدائية من العالم العربي برعايتها العدوان الاسرائيلي المستمر وبما تمارسه الآن من قتل للشعب الآمن في افغانستان. نحن لسنا مولعين بكره احد او بالاعتداء على احد، بالعكس شعوبنا قدمت الكثير وما زالت تنتظر من الضمير العالمي ان يصحو ويضع حداً للارهاب الدولي الذي يمارس في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني وللمواقف التي تكاد تقضي على الشعب الافغاني البريء من اية تهمة.
* برأيك، هل ثمة رابط بين المسألة الافغانية والقضية الفلسطينية في هذه المرحلة؟
- لا يشك احد بأن الرعاية الاميركية لدولة اسرائيل سوف يكون لها رد فعل طبيعي لدى شعوب العالم العربي والشعوب الاسلامية والعالم كله، هذا الموقف المنحاز بدون حدود للعدوان الاسرائيلي يرتب على الولايات المتحدة مسؤولية كاملة في رفع الارهاب الاسرائيلي.
* ما الذي يتطلبه تحصين الحقوق الاسلامية الذي اصابها الغبن تاريخياً خصوصاً في فلسطين؟
- نحن نطالب اولاً عالمنا العربي باعادة النظر في كل مواقفه وفي كل تنازلاته وفي كل علاقاته مع الدول التي تناصر اسرائيل. ومطلوب من عالمنا العربي ان يستعيد موقفه الداعم عملياً للشعب الفلسطيني لدفع الخطر عن انتفاضته. وشعوبنا ما زالت تنتظر صحوة الضمير العالمي من اجل تنفيذ القرارات التي تصدرها المنظمات الدولية.
اذا طال الزمن فان المشكلة سوف تزداد تعقيداً وسوف يولد هذا الضغط على العالم العربي وعلى العالم الاسلامي انفجاراً اكبر مما حدث واكبر مما يتصور.
* من يملك الحق في اعلان الجهاد وما هي الشروط المطلوب توافرها في الجهة التي تدعو اليه وفي الظروف التي تستدعيه؟
- اولاً لا بد من تحديد وتوضيح، فمفهوم الجهاد لا يعني القتال فقط. الجهاد في مفهوم الاسلام له ابعاد ومعان وميادين كثيرة. هنالك الجهاد بالنفس والجهاد بالمال والجهاد بالفكر والجهاد بالثقافة والجهاد بالسياسة، ويأتي الجهاد بالقتال كزاوية محددة في مفهوم الجهاد الاسلامي. وهذا الموضوع ينحصر في امرين فقط: رد الاعتداء على العالم الاسلامي وتحصينه من عملية فكه عن حريته ومقدساته. والآية القرآنية تقول: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا". فهو الامر محصور بمن يقاتلنا وبعدم تجاوزنا الدفاع عن النفس.
الامر الثاني هو: "قاتلوهم حتى لا تكون فتنة" اي اذا اراد احد من الخارج ان يعتدي على العالم الاسلامي فمن حق هذا العالم ان يدافع عن نفسه واذا ارادت دولة او شعب او منظمة ان تُكره مجموعة اسلامية او دولة اسلامية او مجموع العالم الاسلامي على الردة عن الاسلام والخروج عن الدين وترك مبادئه وعقيدته، هنا أيضاً يحق لنا موضوع الدفاع. اما ما يتصوره البعض من ان مفهوم الجهاد هو القتال لاحتلال البلاد ولاكراه غير المسلم على الدخول في الاسلام فهو مرفوض في مفهوم الاسلام.
* ومن هو الشخص، او الجهة المعنية باعلان الجهاد،؟
- قلت اولاً الجهاد ليس قضية فردية وليس قضية منظمات ولا تترك لاهواء اي مجموعة من المجموعات ولا لأي دولة من الدول. هذا أمر متروك اساساً للحاكم المسلم المسؤول عن شعبه وعن دولته وليس الفئات المعينة ولا المنظمات المعينة ولا المفكرين، هذا امر تقرره الدولة بقياداتها السياسية والدينية والعسكرية وفق مصالح الدولة وما يرد عنها العدوان، ومن غير المقبول طرح موضوع الجهاد ببساطة وبسطحية.
* ... علماً بأننا نسمع دعوات الى الجهاد من جانب جمعيات او احزاب اسلامية، مثلاً اسامة بن لادن وحركة "طالبان" حالياً، هل ترون ان شروط الدعوة الى الجهاد مستوفاة في هذه الجهات الآن؟
- ها أمر يخرج عن نطاق السؤال النظري، ولا بد من الاحاطة بالواقع والحقائق والتحقيقات والممارسات الآتية من اميركا او الصادرة من اسامة بن لادن او سواه. وهنا لا بد من الاشارة الى موضوع مهم جداً وهو ان اسامة بن لادن ليست له صلاحية اصدار فتوى للاسلام وللمسلمين ولا ان يفرض رأيه على العالم الاسلامي ولا ان يعلن الحرب على المسيحية واوروبا واميركا بحركة اهتياج عاطفي غريزي دون ان يكون له من الواقع الديني ما يبرر مواقفه.
كل ما نسمعه الآن هو صيحات من اجل حماية اشخاص او مواقع او تيارات او مواقف سياسية او اتجاهات معينة. ولا يمكن السماح بتوظيف الاسلام وفقاً لمزاج اي شخص او لمصلحة اي حركة...
نصرة الشعب الافغاني شيء واعلان الجهاد كما يطالبنا به اسامة بن لادن والملا عمر وامثاله شيء آخر. الشعب الافغاني اصبح الآن ضحية النظام الدولي الجديد وضحية الاستراتيجيات العالمية وضحية الغرور الذي يسيطر على بعض الدول الكبرى.
* برأيكم كيف سيتعامل المسلمون مع هذه الدعوات "غير الرسمية" للجهاد؟
- الوضع القائم يجيب على هذا الموضوع تماماً. هنالك دعوات للجهاد من جانب حركات او منظمات او اشخاص، ولكن هل خرجت هذه الدعوات الى الحيز العملي؟ لو حصل هذا لكان السؤال وارداً. انها مجرد تعبير عن رفض ما يجري من قتل للشعب الافغاني، رفض لهذا الواقع الذي تشايعنا فيه أمم الارض جميعها إن موقف الشعب الاميركي والشعب الاوروبي وشعوب العالم كلها هو ما سيحل هذه المشكلة، وهو الذي سيوقف حمام الدم.
* ما هي المعايير التي يمكن الاستناد اليها للقول أن المسلمين يتعرضون لاعتداء؟
- طبعاً الاعتداء العسكري معروف ولا يحتاج الى بيان اما الاعتداء الثقافي مثلاً فلا يعني اعلان حرب بل استنفار الطاقات الفكرية والذهنية للرد على ما يصدر من تجنٍ على العقيدة. وهكذا كل حملة تواجه تبعاً لحجمها وركائزها.
* يواجه المسلمون حالياً في الغرب بعض المضايقات. برأيكم كيف ينبغي ان يتصرف المسلمون رداً على ذلك؟
- هنالك امران يواجهان المسلمين في الغرب هذه الايام: اولاً الاسلام يتعرض لاتهامات مباشرة، وثانياً يتعرض المسلمون لكره وتعصب وعدوان مادي ومضايقات في مختلف الدول الاوروبية والاميركية. نعلم ان هذه المرحلة شاذة واستثنائية وهي نتيجة التعبئة الاعلامية التي مضت عليها سنوات طويلة بفعل الاعلام الصهيوني المسيطر في اوروبا واميركا لتشويه صورة الاسلام. فلما وقعت هذه الحادثة استعادت الشعوب الاوروبية والاميركية ما كانت تتلقاه واختزنته في نفسها. هذه مرحلة لا يمكن ان تطول بل سيعود الاستقرار النفسي والذهني الى الشعوب الاميركية والاوروبية لتتبين الحقائق وتتخذ الموقف الانساني والاخلاقي المطلوب منها.
الاسلام تعود على حملات التشكيك والتشهير منذ قرون ومع ذلك اخذ موقف التوضيح دون ان يلجأ الى حرب التشهير والتشكيك والتنديد بالعقائد الاخرى بل التزم بالموقف الذي يوجبه عليه كتاب الله تعالى، والمسلم مأمور بأن يظل دائماً ضمن نطاق الحق والانصاف والكلمة الطيبة. وعندما تدرك الشعوب الاميركية والاوروبية حقيقة الاسلام نفسه لا ما يقال عنه، وحقيقة تاريخ الاسلام الذي كان مثلاً ونموذجاً في الخلقية الانسانية، سيعود ولا شك الحق الى نصابه. من الذي طرح موضوع صراع الحضارات؟ ومتى طرح هذا الموضوع؟
هنالك جهات مهدت وتمهد للصراع بين الشرق والغرب. بين الاسلام والمسيحية طالما ان الاسلام يعترف بالآخرين ويفتح معهم افضل العلاقات ويجعل الحوار الفكري والديني والسياسي والاجتماعي والحضاري اساساً من اسس وجوده في هذا العالم.
وكل موجات الاثارة والتحريض هذه سوف تنتهي وتنكشف ويعود العالمان الاسلامي والمسيحي الى حضارة حوارية لا حضارة تصادمية، من اجل مصلحة البشر ومن اجل العقائد الدينية لتبقى في منأى عن الاستغلال والتشويه.(النهار اللبنانية)
&
التعليقات