&
&
&
حلمي موسى : كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية النقاب أمس عن أن الشاباك طلب من وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر مغادرة بيته لبضعة أيام، وكانت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي قد أشارت الى طلب <<الشاباك>> من وزير آخر، هو داني نافيه ترك منزله والإقامة في مدينة أخرى.
وتكشف الصحافة الإسرائيلية بين الحين والآخر مطالب عدد من الوزراء والسياسيين والشخصيات العامة بزيادة الحراسة حولهم.
والواقع أن شيئاً من ذلك لم يحدث قبل اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي. إذ قلبت هذه العملية معايير أساسية في نظرة السياسيين والشخصيات الإسرائيلية لمفهوم الأمن الشخصي. إذ كان الخوف حتى ذلك الوقت حكراً على الإسرائيلي الاعتيادي، في حين كان الخوف لا يستطيع الدخول إلى الأبراج العاجية للقادة.
فعندما قررت الحكومة الإسرائيلية اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى، لم يعترض أي من أعضائها على هذا القرار. بل أن المعلق السياسي في صحيفة <<يديعوت أحرنوت>> شمعون شيفر، أوضح في مقالة نشرها قبل أيام بأن أحدا من الوزراء لم يثر حتى احتمال أن ترد الجبهة الشعبية على ذلك. واليوم يتحدث العديد من المعلقين الإسرائيليين بجرأة عن قناعة شبه تامة بأن اغتيال أبو علي مصطفى، كان ومن وجهة نظر المصلحة الإسرائيلية، خطأ كبيرا. إذ، وعلاوة على الرد الذي قامت به <<الشعبية>> ثأرا لأمينها العام، خلقت منافسة بين جميع الفصائل الفلسطينية لإخراج مخططات تصفية قادة إسرائيليين من الأدراج إلى حيز التنفيذ.
وهكذا، تقدم رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو بطلب عاجل لزيادة الحراسة حوله. وفرضت حراسة مشددة على الزعيم الروحي لحركة <<شاس>> الحاخام عوفاديا يوسف. وجرى تحديد نظام أولويات متشدد لحراسة الوزراء والشخصيات ذوي التصنيف الأمني والسياسي العالي. وباتت الصحافة الإسرائيلية لا تخلو تقريبا في كل يوم من خبر حول محاولة اغتيال أو تهديدات بالاغتيال.
وأشير إلى أن بين من طالتهم هذه الأخبار، محاولة اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون في مزرعته، والتخطيط لاغتياله في بيت اشتراه في القدس الشرقية. ومحاولة اغتيال أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية، وضابط أمن المستوطنات في قطاع غزة. وفي إحدى المرات تم العثور على عبوة ناسفة وضعت في غرفة نوم ضابط كبير في سلاح البحرية الإسرائيلية.
وخلقت هذه المحاولات والتهديدات حالة فزع، على الأقل في جهاز الشاباك الإسرائيلي، الذي يضطر إما لحماية الشخصيات الإسرائيلية، أو لعرض خدمة الحماية. وبعد اغتيال زئيفي غدت الحماية مطلوبة للكثيرين. كما أن الحماية لم تعد مجرد التظاهر بالتواجد، وإنما السعي لتشكيل غطاء عازل حول الشخصية. وتطلب هذا الأمر الكثير من رجال الأمن المدربين.
ويكشف رئيس الشاباك الأسبق كارمي غيلون عن أن تأهيل رجل الحماية يتطلب تدريبا يمتد لعام ونصف العام ويستلزم أموالا طائلة. وبحسب لجنة أدموني التي بحثت في قواعد حماية الشخصيات في إسرائيل بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق إسحق رابين، فإن الشاباك مسؤول عن حماية أكثر من أربعين شخصية في إسرائيل. وبين هذه الشخصيات: رئيس الحكومة، رئيس الدولة، رئيس الكنيست، زعيم المعارضة، كل الوزراء، رئيس بلدية القدس والعديد من المسؤولين السابقين. ويضاف إلى هؤلاء شخصيات أخرى هامة مثل قادة الأجهزة الاستخبارية ورؤساء المشاريع الأمنية الكبرى مثل المشروع النووي أو الصناعات العسكرية.
وحسب صحيفة <<معاريف>> طلب الشاباك ميزانية لتجنيد 1300 رجل حماية، وهي ميزانية خيالية بمقاييس الأمن الإسرائيلي. ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تقر ذلك. وهذا ما دفع الصحف الإسرائيلية إلى الشروع بالحديث عن <<طلاب حماية أكثر من اللازم ورجال حماية أقل من اللازم>>.
والواقع أن حماية الشخصية ليست مجرد حارس أو مجموعة حراس. إنها نمط حياة من نوع آخر، يشمل التضليل والتمويه وكسر الروتين، والأهم التصرف وفق قدر كبير من المعلومات الاستخبارية. وحماية من هذا القبيل ليست في متناول الأيدي طوال الوقت.
شخصيات تحت الخطر
منذ وقت طويل يتحدثون في إسرائيل عن الخطر المفترض على كل من رئيس الحكومة السابق إيهود باراك ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي شاؤول موفاز. ويقيم باراك وموفاز في <<كوخاف يائير>> التي أقيمت على أراض سلبت من الضفة الغربية وضمت الى الخط الأخضر. وكان باراك يخضع لقواعد الحماية المشددة، لذلك فرضت إجراءات جديدة لحماية موفاز.
واشترى الجيش الإسرائيلي لموفاز سيارة <<بي. ام. في>> مدرعة وأقامت حول بيته حراسات من القوات الاحتياطية من مدرسة مكافحة الإرهاب العسكرية. وأضيف إلى هذه الحراسات أفراد من وحدة حماية الشخصيات في الشاباك.
وبعد رئيس الأركان ضمت إلى قائمة المطلوب حمايتهم قيادات عسكرية مثل قائد سلاح الجو دان حلوتس ونائب رئيس الأركان موشيه يعلون.
ويقيم في مستوطنات داخل الضفة الغربية ثلاثة وزراء في حكومة شارون هم: أفيغدور ليبرمان، ونسيم دهان، وبيني ألون. ويخضع هؤلاء لحماية خاصة بسبب طول الطرق التي يرتادونها. وحدث أكثر من مرة أن قامت مروحيات إسرائيلية بنقل ليبرمان، خشية على حياته.
خطر الوجاهة
لا ريب أن الإسرائيليين يشعرون بجدية المنافسة في صفوف الفصائل الفلسطينية لتنفيذ عمليات تصفية ضد سياسيين أو ضباط في الجيش الإسرائيلي لما لهذه العمليات من أثر معنوي كبير. وهذا يدفع بالكثير من السياسيين إلى إبداء الخوف الحقيقي. غير أن هناك، علاوة على ذلك خوفا مصطنعا تغذيه الحاجة إلى الوجاهة وإظهار الأهمية. وقد أشار بعض المعلقين الإسرائيليين الى ذلك عندما طلب نتنياهو تشديد الحراسة حوله. كما أن الكثيرين في الحلبة السياسية الإسرائيلية استغربوا أن يكون الوزير داني نافيه موضع اهتمام الفلسطينيين وليسوا هم.
وأثير هذا السجال ليل أمس على شاشة التلفزيون الإسرائيلي، حيث أشار معلق في القناة التلفزيونية الأولى الى أن داني نافيه لم يكن مقصودا بشكل شخصي، وإنما كان الوزير المتاح في لحظة معينة للفلسطينيين. فرد نافيه على ذلك غاضبا، موضحا النوايا السيئة وراء هذه التعابير.
عموما، لا يمكن لأحد إغفال حقيقة أن هذه الظاهرة جديدة في إسرائيل. فاغتيال زئيفي خلق حالة لا سابق لها من اهتمام القادة الإسرائيليين بمصائرهم. وبالمقابل يعترف الإسرائيليون ان تصفية الكوادر الفلسطينية لا تحل مشكلة، إذ سرعان ما يتبارى على احتلال موقعه فلسطينيون كثر(السفير اللبنانية)
&