الدوحة- عبر ممثلو عدد من المنظمات غير الحكومية الموجودة في الدوحة بمناسبة انعقاد المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية والتي ترتبط قوة مشاركتها بقدرتها على تعبئة الشارع ضد العولمة، عن اسفهم لعدم وجود امكانيات كافية للتعبير عن رأيهم بقوة خلال الاجتماع. وتنتقد هذه المنظمات خصوصا بعد المركزين المخصصين لعملها عن مكان انعقاد الاجتماع والاجراءات الامنية المشددة جدا التي تؤدي الى ابطاء تنقلات اعضائها وتحركاتهم واختصار عدد المشاركين، متهمة المنظمة بانها تعمدت اختيار قطر لمنع المنظمات من التدخل في اتخاذ القرار.
وحتى الآن، اقتصر نشاط هذه المنظمات على عقد المؤتمرات الصحافية واصدار البيانات وتنظيم تظاهرتين ضمت الاولى حوالي مئة شخص قبيل افتتاح المؤتمر الوزاري الجمعة والثانية حوالي ثلاثين، ضد الولايات المتحدة مساء امس السبت. وقال جيري بار رئيس المجلس الكندي للتعاون الدولي انه "في سياتل كنا ننشط في الداخل والخارج ونتبادل المعلومات (..) اما هنا فنعمل في الخارج فقط قلة منا يحضرون الجلسات والاكثرية مستبعدة وتكتفي بمراقبة العملية".
ورأى بار في تصريح لوكالة فرانس برس ان هذا الوضع يسبب "خللا كبير" لنشاط المنظمات التي تعارض بدء جولة جديدة من المفاوضات التجارية قبل "اصلاح الاتفاقات السابقة وتحديد ومعالجة نتائج جولة الاوروغواي" التي اختتمت في 1994. واكد ان هذه المنظمات التي تعمل في مجالات متنوعة تطالب المنظمة "بالتوقف والاصغاء". وقد خصص للمنظمات الحكومية مركزان يبعدان ما بين نصف كيلومتر وكيلومتر ونصف عن الفندق الذي يستضيف المؤتمر.
واقامت السلطات القطرية في وسط المركز جناحا خاصا لهذه المنظمات زودته باجهزة الكومبيوتر والاتصالات واعدت فيه قاعات للاجتماعات. وكغيرهم من الوفود المشاركة في المؤتمر، يخضع اعضاء المنظمات لاجراءات امنية مشددة من بينها تفتيش الحقائب والاشخاص عند دخول المقار المرتبطة بالمؤتمر والتنقل المحصور بحافلات يؤمنها المنظمون.
وقال فيصل المانع المسؤول عن شؤون المنظمات غير الحكومية في اللجنة القطرية المكلفة تنظيم المؤتمر ان "قرار دعوة ممثل واحد عن كل منظمة اتخذته منظمة التجارة العالمية"، موضحا انه قد يكون ناجما عن "عدد الغرف المتوفرة لاقامة المشاركين ويبلغ 4500 غرفة". واكد المانع المسؤول في وزارة التجارة القطرية ان السلطات القطرية طلبت تخفيض عدد اعضاء الوفود لتسمح للمنظمات غير الحكومية بتمثيل اكبر"، لكن المدير العام للمنظمة مايك مور اراد ان يسمح لاكبر عدد من المنظمات بالمشاركة فاختصر عدد الممثلين.
وعبر المانع عن ارتياحه "وسروره" لحدوث تظاهرات خلال المؤتمر، معتبرا انها "تثري عمل المنظمة ويمكنها ان تغير الكثير من سياساتها واثبتت ان اهمية ودور المنظمات غير الحكومية يكبران مع الوقت". من جهتها، قالت الهندية فاندانا شيفا احدى ابرز الشخصيات الناشطة ضد العولمة في العالم، ان انعقاد المؤتمر بهذا الشكل "مأساة". ورأت ان منظمة التجارة العالمية "تهرب وتختبئ لانها تشعر بالخوف بعد ما حدث في سياتل" حيث ساهمت التظاهرات الحاشدة التي نظمتها المنظمات غير الحكومية في منع المنظمة من اطلاق دورة جديدة من المفاوضات التجارية في 1999.
وبعد ان انتقدت الاجراءات الامنية مشيرة خصوصا الى "ثلاث ساعات تضيع يوميا في الحافلات"، قالت فاندانا شيفا لوكالة فرانس برس ان "سلوك المنظمة باتت تعتريه عوارض خوف"، مؤكدة ان المنظمات غير الحكومية "لن تشعر بالخوف وستواصل احتجاجها".
اما رافاييلي ساليناري الذي يرئس منظمة "ارض البشر" الايطالية، فقد عبر عن ارتياحه "للجانب اللوجستي" الذي تم تأمينه للمنظمات غير الحكومية، لكنه انتقد استبعادها من مكان انعقاد الاجتماعات. وقال ان "الجانب اللوجستي مؤمن بشكل جيد لكن امكانيات التظاهر والتعبير عن الاحتجاج غير مرضية". واضاف "نحن نجلس هنا بعيدين عن قاعة الاجتماع التي خصص فيها عشرون مقعدا فقط للمنظمات غير الحكومية بينما كان لدينا مئتا مقعد في سياتل".
واتهم المنظمة بانها تريد من خلال "التوزيع في "منطقتين" الرد على التظاهرات التي جرت في سياتل، مؤكدا انها "تستخدم الطريقة نفسها لشل عمل المجموعات والحد من الشفافية والديموقراطية وخلق صعوبات للدول النامية". اما سيد نعيم بخاري المدير التنفيذي لمؤسسة "نور" الباكستانية للتنمية، فقد انتقد "غياب الديموقراطية والشفافية وتقليص عدد المشاركين من اعضاء المنظمات غير الحكومية"، مؤكدا ان ذلك "غير مبرر".
من جهته، اوضح كمال عباس رئيس دار الخدمات النقابية المصرية، احدى ثلاث منظمات عربية غير حكومية موجودة في قطر، ان "وضع المجتمع المدني يؤثر الى حد كبير على عمل المنظمات غير الحكومية التي اعتمدت في سياتل حيث استفادت من عدم وجود قيود وتمكنت من تحفيز الشارع الاميركي". واشار الى وجود "قيود كبيرة على حركة المنظمات"، موضحا ان 300 فقط "على الاكثر" من اصل 650 اعتمدتها منظمة التجارة العالمية كمنظمات عالمية حضرت الى الدوحة، موضحا ان امتناع الكثيرين عن المجئ ناجم عن "الكلفة الكبيرة (للسفر والاقامة) والشعور بعدم وجود فاعلية" في الدوحة.&