بيروت- يجد لبنان وحليفته السياسية سوريا نفسيهما في مأزق بسبب المطلب الأميركي بتجميد أرصدة جماعة حزب الله. ويقول محللون ودبلوماسيون أن الضغط لتحقيق هذا المطلب ينطوي كذلك علي مخاطر للولايات المتحدة التي تسعي للإبقاء علي حلفائها من العرب والمسلمين داخل إطار تحالفها ضد أسامة بن لادن. وإذا أذعنت بيروت للمطلب الأميركي ستواجه مخاطر اضطرابات داخلية. وإذا لم تفعل ستواجه مخاطر عقوبات اقتصادية وعزلة من جانب القوة العظمي الوحيدة في العالم وحلفائها. وفي كلا الحالين فان إدراج الولايات المتحدة لحزب الله علي قائمة المنظمات التي تعتبرها إرهابية ومطالبتها للبنان بتجميد أرصدته يضع بيروت ودمشق اللتين تعتبران حزب الله حركة مقاومة مشروعة أنهت الاحتلال الإسرائيلي الذي دام 22 عاما لجنوب لبنان في مأزق. وقال فريد الخازن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت "افتراض الولايات المتحدة تخلي سوريا ولبنان عن حزب الله تحت مسمي محاربة الإرهاب غير واقعي. الأمر لا يسير هكذا". وحتي الآن تتحدي الحكومة اللبنانية مدعومة بسوريا وإيران هذا المطلب وتعهدت بالا تخذل حزب الله. وقال دبلوماسي غربي "الحكومة اللبنانية لا يمكنها بسهولة الإذعان للأميركيين لان ذلك سيترك الحكومة في وضع غير متماسك". وأضاف "حزب الله حتي وقت قريب كان هو حركة المقاومة التي حررت جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. الحكومة اللبنانية لا يمكنها أن تدير وجهها فجأة قائلة شكرا لكم لقد قمتم بعمل جيد". وتقول سوريا ولبنان وإيران أن حزب الله لا يجب ان يدرج باعتباره جماعة إرهابية لان عملياته العسكرية قاصرة علي مهاجمة القوات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة. لكن لدي الولايات المتحدة الكثير الذي تأخذه علي حزب الله الذي تلقي عليه اللوم في هجمات انتحارية علي مقر لمشاة البحرية الأميركية والسفارة الأميركية في بيروت في عام 1983 وفي خطف واحتجاز العديد من الرهائن الأميركيين في الثمانينات. والمسؤولون اللبنانيون حائرون بين تعهدهم بالتعاون مع الرئيس جورج بوش في حربه العالمية ضد الإرهاب وبين المعارضة المحلية للمطلب الأميركي. ويتمتع حزب الله الذي حقق نصرا عربيا نادرا علي إسرائيل بإجبارها علي ترك لبنان بمكانة رفيعة وشعبية كبيرة في لبنان والعالمين العربي والإسلامي. وشقت الجماعة طريقها كذلك بتوجيه من إيران إلي داخل النسيج السياسي اللبناني حيث لها تكتل نيابي في البرلمان وقاعدة عريضة بين 2ر1 مليون شيعي في لبنان بالإضافة إلي إقامة شبكة من المدارس والمنشآت الخيرية. ومن الأمور المهمة التي يتعين أن تؤخذ في الاعتبار كذلك التوازنات السياسة الحرجة في لبنان التي لم تسفر بعد عن حكومة لبنانية مستقرة من 17 طائفة دينية بعد 12 عاما من الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. وأكد الشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله هذه المخاطر بقوله إن المطلب الأميركي بتجميد أرصدة الحزب يأتي في إطار جهود إشعال الحرب الأهلية من جديد.
ويقول المحللون والدبلوماسيون إن واشنطن تدرك جيدا أن بيروت لدي بحثها أي قرار قد تتخذه يتعين أن تعود إلي دمشق التي تمسك بميزان القوي في لبنان وطهران الداعم الرئيسي لحزب الله. وقال الدبلوماسي "حتي إذا كانت لدي الحكومة اللبنانية الإرادة فإنها غير قادرة علي تنفيذ ما يطلبه الأميركيون ... فعليها الحفاظ علي استقرار لبنان". ويقول المحللون انه رغم ان حزب الله قد يكون تورط فعلا في هجمات إرهابية في الثمانينات إلا انه تجاوز ذلك وأصبحت لديه قيادة جديدة بخطاب سياسي جديد. وتخلت الجماعة منذ زمن طويل عن التكتيكات التي كانت تستخدمها لإخراج القوات الأميركية من لبنان بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982 وأصبحت تمثل تيارا سياسيا رئيسيا يحظي بالاحترام بين مختلف الطوائف اللبنانية وعنصرا أساسيا في التوازن السياسي. ولكن من المستبعد ان يحد ذلك من التصميم الأميركي علي معاقبة حزب الله علي تفجيرات عام 1983 والانسحاب المخزي الذي تبعها خاصة في سياق تحرص واشنطن من خلاله علي إظهار انه لا يمكن لأحد الإفلات بعد مهاجمة الولايات المتحدة. ولكن ملاحقة حزب الله ستزيد من هشاشة الغرض الذي تريده الولايات المتحدة لحشد تأييد العرب والمسلمين لحملتها للقضاء علي العدو المباشر لها الآن وهو أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه وحركة طالبان التي تدعمه. وقال محلل غربي "الولايات المتحدة لا تقوي علي فتح جبهة حرب اخري الان. لان ذلك سيبدد التحالف العربي الإسلامي تماما. ولن يكون مقبولا. سينظر إليه باعتباره رد فعل حاقد وانتهازي يخدم مصالح إسرائيل". ويري بعض المحللين أن الضغط الأميركي علي لبنان وسوريا وإيران يركز علي أمر محدد هو تسليم الرجل الذي تتهمه بتنفيذ تفجيرات 1983 وعمليات الخطف التي تلتها. وهذا الرجل هو عماد مغنية وهو شيعي لبناني تقول واشنطن انه مسؤول مخابرات بارز لدي حزب الله. ولم يرد اسمه فيما يتعلق بالهجمات علي المدن الأميركية ا لكن تقارير إعلامية ومخابراتية تقول إن مغنية عاد إلي لبنان قادما من إيران بعد هجمات 11 سبتمبر الماضي لان طهران قالت أنها لا تستطيع حمايته بعد ذلك.(الراية القطرية)
&