القاهرة- نبيل شرف الدين: قالت محطة التلفزيون الأميركية CBS أن محمد عاطف (أبو حفص المصري) ، القائد العسكري لتنظيم القاعدة ونائب أسامة بن لادن ، قد لقي مصرعه وأضافت المحطة في نبأ عاجل لها أن عاطف شارك في التخطيط لهجمات سبتمبر على نيويورك وواشنطن وكان ضالعا في حادث تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998 ، وتقول المحطة أن مقتل أبو حفص جرى بعد إحدى غارات الطيران الأميركي على مناطق قريبة من العاصمة الأفغانية كابول .
سيرة ذاتية
ووفقا لمعلومات أمنية مصرية ، فإن أبو حفص المصري أو محمد عاطف أو تيسير ، وهي كلها أسماء حركية للتخفي ، أسمه الحقيقي صبحي محمد أبو سنة وهو من مواليد 17/6/1957 بمدينة المنيا ، جنوب مصر ، وتحديداً في العنوان : 4 شارع العزبي باشا، ولم يكمل دراسته بجامعة أسيوط منذ اتصاله بمجموعة الصعيد وضمه للتنظيم على يد القيادي "على الشريف" الذي عرض عليه فكرة احتلال أقسام الشرطة والاستيلاء على أسلحة الجنود للسيطرة على مدينة أسيوط، لكنه لم يعهد إليه حينئذ بأي دور قيادي ، مكتفياً بتكليفه بمهام محدودة كاختطاف البنادق من جنود حراسات الكنائس والمنشآت الهامة ، وبعد أحداث أسيوط في أعقاب اغتيال السادات عام 1981 هرب "أبو حفص" إلى القاهرة ، حيث قابل رفاعي طه الذي عرض عليه إخفاءه ، فرفض ذلك واتجه لشقة أحد أصدقائه بحي امبابة بالجيزة حتى ألقت أجهزة الأمن القبض عليه مصادفة في أثناء سيره بالطريق العام ، وسجن سنوات حتى أفرج عنه ليفر بعدها إلى ليبيا ومنها إلى المملكة العربية السعودية ثم اتجه إلى أفغانستان وتزوج من باكستانية في بيشاور ، وجاء ترتيبه الخامس في لائحة المتهمين بالقضية الأولى لتنظيم "العائدين من أفغانستان" وقضي بإعدامه غيابياً فيها .
عدة أدوار
ومن معلومات القضاء المصري ، إلى وثائق الادعاء الأميركي في قضية تفجير السفارتين الأميركيتين في شرق إفريقيا عام 1998، والتي برز فيها اسم محمد عاطف أو (أبو حفص المصري) باعتباره رئيساً للجنة العسكرية لتنظيم "القاعدة" ، والمشرف العام على تدريب الأعضاء المجندين في المعسكرات داخل أفغانستان ، وحينئذ عرضت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدم لها معلومات تساعد في القبض عليه ومحاكمته .
وتضمنت لائحة الاتهامات الخاصة بتفجير السفارتين الأميركيتين ، اتهام (أبو حفص) بالتحريض على الهجوم ضد القوات الأميركية في الصومال في أكتوبر 1993، والتي راح ضحيتها 18 جنديا أميركياً ، وكان أبو حفص وابن لادن يقيمان حينئذ في السودان ، وحسب لائحة الاتهامات الموجهة له فإنه سافر عدة مرات إلى الصومال خلال 1992 و1993 لتوفير "التدريب والمساعدة العسكرية للقوات الصومالية المعارضة لتدخل الأمم المتحدة في الصومال"
كما اتهمته "مذكرة الادعاء" المقدمة للمحكمة التي نظرت قضية تفجير السفارتين الأميركيتين أن "أبو حفص" ظل على اتصال من خلال هاتف يعمل بواسطة الأقمار الصناعية بعدد من الأشخاص الذي نفذوا الهجوم على السفارتين في نيروبي ودار السلام ، يوم السابع من أغسطس 1998 ، وحسب لائحة الاتهام أيضاً ، فإن "أبو حفص" قد عقد عدة لقاءات تنظيمية مع مصطفى محمد فاضل ، وأحمد خلفان غيلاني ، وفهد محمد على مسالم وشيخ أحمد سالم سويدان وآخرين التقاهم في مدينة بيشاور الباكستانية ، ولعب دور الوسيط بينهم وبين قيادة تنظيم "القاعدة" ممثلة في شخصي أسامة بن لادن وأيمن الظواهري .
دور استخباراتي
ولسبب أو آخر ، لم تنحصر مهام "أبو حفص" في الأنشطة العسكرية والميدانية فحسب ، بل تجاوزتها إلى أدوار أخرى تتطلب خبرات خاصة ، فقد كلفته قيادة "القاعدة" بإجراء دراسة "تقدير موقف" ، حول أهمية دور أفغانستان وحركة طالبان ، والدور الذي يمكن أن تلعبه على الصعيد الجيواستراتيجي مع باكستان وإيران من اجل تغيير أنظمة الحكم في المنطقة ، وكذا عن أهمية أفغانستان كنواة لتحالف أممي يبدأ من "القاعدة" ، ليجمع تحت رايته العديد من التنظيمات الأصولية الأخرى مثل "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية" المصريين ، وحركات الانفصاليين في كشمير والشيشان ، فضلاً عن الحركات الإسلامية في باكستان والهند والفلبين وإندونيسيا وغيرها
وقد عثرت على نسخة من تلك الدراسة أجهزة الأمن البريطانية في منزل أحد الناشطين الأصوليين في مانشستر وهو "أبو انس الليبي" ، والذي يعد من أعوان بن لادن قبل أن يفر إلى أفغانستان ، وتشرح الدراسة التي كانت تحمل عنوان "دراسات عسكرية في الجهاد ضد الطغاة" في 180 صفحة ، وتتناول تقويماً للنظم العسكرية والاستخباراتية في عدد من دول العالم خاصة العربية ودول الجوار لأفغانستان ، وتحليلات للأوضاع الجيوسياسية في دول آسيا الوسطى .
وفضلاً عن الدور العسكري والاستخباراتي الذي يلعبه "أبو حفص" ، فإنه قام بمهام إعلامية في التنظيم ، وكشف بيتر بيرجن ـ المنتج المنفذ في شبكة "CNN" التلفزيونية الأميركية ، وأجرى مقابلة مع بن لادن في أفغانستان ـ أنه تبادل عدة رسائل بالفاكس ، ومكالمات هاتفية مع "أبو حفص" بعد قصف الولايات المتحدة بالصواريخ معسكرات "القاعدة" في أفغانستان عام 1998 .
وهكذا هيأته كل هذه الأدوار لتبوأ مركز قيادي داخل تنظيم القاعدة حيث يعد من الأفراد المؤثرين داخل مجلس شورى التنظيم (اللجنة القيادية) والذي يناقش ويصدق على القرارات والمخططات الكبرى ، بما فيها العمليات الإرهابية ، ويتصدر هذا المجلس كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ، كما يترأس أبو حفص (لجنة العدة) أو اللجنة العسكرية ، المعنية بالأمور العسكرية والتدريب والتسليح .
وأخيراً فقد تتوجت كل هذه الأدوار ، وتلك الصلات ، بين أسامة بن لادن وأبو حفص المصري بزواج محمد ابن أسامة بن لادن من ابنة (أبو حفص المصري) ، وأقيم حفل عرس بثت جانباً منه فضائية "الجزيرة" القطرية ، فضلاً عن مواقع عبر شبكة الإنترنت أيضاً .