بيبي خالد المرزوق*: على ارتفاع 33 ألف قدم وفي طريقنا إلى الكويت من لندن مساء الأربعاء الماضي، استعرض رئيس الوزراء بالنيابة ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد مواضيع محلية وعالمية مع الزملاء رؤساء تحرير الصحف. ووصف الشيخ صباح الأحمد زيارته الى واشنطن ونيويورك بـ "المثمرة والناجحة جدا"، وشملت المباحثات احداث افغانستان والحرب على الارهاب التي "تمنى ألا تطالنا نارها"، مؤكدا ان موقف الكويت دائما وسيبقى ضد الارهاب. ورفض تدخل أي دولة في الشأن الكويتي قائلا "نحن لا نطلب رضا أميركا أو غيرها"، معتبرا ان العريضة التي وقعها 52 نائبا ضد الضربات العسكرية لافغانستان لا تمثل الموقف الرسمي.
وتناول الشيخ صباح الاحمد قضية الاسرى في نيويورك في اجتماعه مع المنسق العام لها، وطرح خلال اللقاء آلية جديدة تساعد في تحريكها تتركز حول انشاء فريق دولي يفتش عن الاسرى في العراق.
على الجانب المحلي، اعلن نائب رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الخارجية عن تشكيل ادارة في وزارة الاوقاف تعنى بشؤون أهلنا من المذهب الشيعي. واشاد شاكرا بالجمعيات الخيرية وتعاونها لدرء تهمة تمويل الارهاب عن الكويت.
واعتبر الشيخ صباح الاحمد اننا لا نحتاج الى قانون العقوبات الشرعية، مؤكدا ان الدستور في مادته الثانية يتناول ذلك. واسف لموافقة مجلس الامة على منع الاختلاط في الجامعة قائلا "الاختلاط موجود في كل مكان حتى في المجلس". واكد ان الحياة النيابية مستمرة ولن تتأثر بتقديم الاستجوابات التي تحفظ على توقيتها لا الحق فيها. وتمنى ان يشارك ويساهم المواطن في تحمل الاعباء الاقتصادية للدولة، مؤكدا دور الصحافة في المساعدة على البناء لا الخراب. وفيما يلي نص الحديث الذي بدأه مع رؤساء التحرير بالقول:
"أنا سعيد بوجودكم معي في هذه الرحلة، وسعيد لأنكم التقيتم سمو الأمير حفظه الله، الذي حملكم شكره وتحياته إلى أهل الكويت. وسيغادر سموه حفظه الله المستشفى خلال الأيام المقبلة، لفترة نقاهة، على أن يعود سموه إن شاء الله الى الكويت بعد رمضان".
وعن الحالة الصحية لصاحب السمو قال الشيخ صباح: "اطمئنكم بأن تقارير سموه الطبية أكثر من جيدة، وأكد الأطباء عدم الحاجة لبقاء سموه في المستشفى خاصة ان العلاج لا يتعدى العلاج الطبيعي، والحمد لله فإن صحة سموه تتقدم كل يوم".

هل لكم بإعطائنا ملخصا عن نتائج زيارة الولايات المتحدة الأميركية؟
كانت هذه الزيارة مقررة في شهر سبتمبر الماضي، الا ان الوعكة الصحية التي ألمت بصاحب السمو وسفره للعلاج في لندن، حتم عليّ قطعها، ثم اعيد ترتيب جدول الزيارة الى موعدها الحالي. وبالفعل، فإن الزيارة كانت مثمرة وناجحة جدا، لا سيما ان العلاقة بين الكويت وواشنطن علاقة وثيقة ومميزة. وجاءت زيارتي بعد الأعمال الإرهابية التي وقعت في 11/9/2001، وكان موقف الكويت واضحا منها، فقد نددنا بشدة بالعمل الإرهابي، وهذا أمر يتماشى وسياسة الكويت التي طالما عانت من الإرهاب ونددت به. وكما تعلمون فان موقفنا واضح مع التحالف الدولي ضد الإرهاب بكل صوره.

ولكن هناك تقارير صحافية اظهرت تباعدا في وجهات النظر الكويتية ـ الأميركية؟
غير صحيح. لم يحدث اي تباعد او خلافات بيننا وبين الإدارة الأميركية، ولم يطرح هذا الأمر من قبلي أو من قبل الأميركيين.

وهل تطرق الحديث الى العريضة التي وقع عليها 52 نائبا أغلبهم من الاسلاميين عن الحملة العسكرية الأميركية ضد أفغانستان؟
لم يتحدث الأميركيون بهذا الشأن، ولا نقبل منهم أو غيرهم التطرق الى هذا الأمر، فهذا شأن كويتي داخلي. كما ان من حق أعضاء مجلس الأمة التعبير عن رأيهم الذي لا يمثل الرأي او الموقف الرسمي للحكومة. وعلينا هنا أن نحترم سيادة كل دولة، فنحن لا نطلب رضا أميركا او غيرها من الدول. فالسياسة الكويتية واضحة، وما موقفها الحالي ضد الإرهاب إلا ترجمة حقيقية لإيمانها ومواقفها السابقة الرافضة له.

وماذا عن مباحثاتكم في الأمم المتحدة مع يولي فورونتسوف المنسق العام للتعويضات والأسرى، ووزيري خارجية الصين وفرنسا؟
لقائي وفورونتسوف كان مثمرا جدا، وتم التطرق خلاله الى قرارات الأمم المتحدة الخاصة بوقف اطلاق النار بعد تحرير الكويت.
ولقد طرحت تصورا مختلفا يحرك قضية الاسرى والمرتهنين لدى العراق، فهذه المعاناة يجب أن تنتهي، فمأساتنا مستمرة منذ 11 عاما، وكل الجهود في تلك القضية الإنسانية تراوح مكانها، وعلينا تبديل منهجية مسيرة اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين.
لقد طرحت امام المنسق الدولي فكرة ان يتم التفتيش عن الاسرى الذين يدعي العراق وجودهم في الكويت، والبالغ عددهم ـ حسب ادعائه ـ حوالي 1200 شخص. وقلت له انه لا مانع لدينا من ان يشكل فريق تفتيش دولي بمشاركة الصليب الأحمر يأتي ويفتش عنهم في الكويت، وفي المقابل، يقوم هذا الفريق بالتفتيش عن أسرانا في العراق، فنحن نريد معرفة مصير أسرانا، وليسلمهم العراق لنا أحياء كانوا أم أمواتا، فهذه المأساة الإنسانية يجب أن تنتهي ومن غير المعقول ان نبقى ندور في حلقة مفرغة.
اما لقائي ووزير الخارجية الصيني، فقد كان جيدا، وتجاوزنا خلاله ما أصاب علاقة البلدين من فتور في السابق، وتم التطرق الى مواضيع عدة، منها الجانب العسكري حيث قامت الكويت بشراء 3 منظومات مدفعية. وأبدى الجانب الصيني حرص بلاده على سلامة الكويت وسيادتها، ومسؤوليتهم تجاه الكويت كما هي مسؤولية الدول الكبرى، خاصة أننا نرتبط معهم باتفاقية أمنية.
وتم التحدث كذلك مع وزيري خارجية الصين وفرنسا عن استقطاع نسبة 25% من التعويضات لصالح الكويت ووافقا على ذلك.
اما لقائي ووزير الخارجية الفرنسي، فقد كان جيدا، وتحدثنا عن الوضع في أفغانستان، وكان ذلك قبل سقوط كابول. وقد اكد لي الوزير هوبير فيدرين أن باريس وواشنطن ولندن متفقة على عدم دخول قوات التحالف الشمالي الى كابول وسألته كيف سيتم منعهم؟
وعن العراق، تحدث الفرنسيون عن موضوع العقوبات، وما قدمته باريس بهذا الشأن للأمم المتحدة، وقلت بأننا نتمنى قبول العراق ذلك، بل لا مانع لدينا من رفع العقوبات عن العراق التي يدفع ثمنها الشعب لا السلطة، شرط إرسال مراقبي تفتيش عن الأسلحة وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
وماذا عن الوضع في افغانستان الآن، وماذا بعد انتهاء الحملة العسكرية؟
مع الأسف، فان الشعب الافغاني يدفع ثمن رفض طالبان تسليم مسؤولي القاعدة، اما عن الحملة العسكرية فستنتهي، ولكن ما سيتم من تغيير داخلي في افغانستان لن يكون ضمن حدودها فقط، بل سيؤثر في دول تجاورها. وأتمنى الا تصل ناره الى منطقة الخليج.

الحديث عن العراق وإيوائه للارهاب وعدم تطبيقه قرارات الأمم المتحدة عاد الى الظهور بقوة في اوساط واشنطن ولندن، وكذلك الصحف الأجنبية. هل برأيكم سيكون العراق الهدف الثاني بعد افغانستان؟
لم أقل ان العراق سيكون الهدف الثاني، لكن تصرفات وتصريحات العراق تعاكس التوجه العالمي ضد الإرهاب. وعلينا هنا أن نعلم ان محاربة الإرهاب ستكون في عـدة مناطق وبمختلف السبل، كما ان موضوع العـراق ليـس جـديدا.

هل ستزور الرياض والقاهرة لاطلاع المسؤولين هناك على نتائج زيارتك إلى أميركا؟
حاليا لا توجد زيارة مقررة، خاصة انني ابلغت السعودية ومصر من خلال وزيري خارجيتهما حرص واشنطن على العلاقة المميزة، والتي ترتقي بينهم الى حلفاء استراتيجيين لا عاديين.

هل تطرق الاميركيون الى المجلس الذي ضم الجمعيات الخيرية الكويتية، والذي انشئ اخيرا؟
عليّ هنا أن اسجل شكري العميق لكل جمعية من جمعياتنا الخيرية، التي تحرص على ان تظهر الجانب الإنساني في عقيدتنا السمحة من خلال انشطتهم داخل الكويت وخارجها. كما اشكرهم على تعاونهم مع البنك المركزي ووزارة المالية والحكومة في نفي صفة تمويل الارهاب عنهم. وكذلك مشاركتهم في المجلس الذي شكل اخيرا من الجمعيات الخيرية الكويتية.
علينا هنا أن نذكر أن هذه الجمعيات لها قوانين خاصة من الدولة، وتعمل من خلال وزارة الشؤون، وإذا كانت هناك مخالفات فيجب معالجتها وفقا للقانون.

يلاحظ أن أعضاء هذا المجلس ليس بينهم ممثلون من الشيعة؟
اولا، أهلنا الكويتيون من الشيعة لهم دورهم ومكانتهم في المجتمع، مثلهم مثل باقي الشرائح الكويتية. وستنشئ وزارة الأوقاف ادارة لمتابعة شؤون المذهب الشيعي، مثلما تم إنشاء المحاكم الخاصة بأهلنا الشيعة.
ومن ضمن أعمال هذه الادارة، كما الادارات الاخرى في وزارة الأوقاف، تنظيم انشاء الحسينيات وإغلاق المخالفة منها، ومتابعة التبرعات. وفي ذلك تطبيق عادل على كل المذاهب.

وماذا عن قانون تطبيق العقوبات الشرعية المزمع تقديمه من بعض النواب ومن الحكومة ايضا؟
لم يتقدم نواب وكذلك الحكومة بقانون في هذا الشأن. صحيح ان هناك مشروعا بقانون عن ذلك، لكنه لم يقدم رسميا. والكويت ليست بحاجة الى مثل هذا القانون.

هل ستحلون مجلس الأمة؟
لا، ولم نفكر في ذلك، وسيكمل المجلس مدة دور انعقاده.

هل تقلقكم الاستجوابات؟
لا تقلقنا، ولكن أتحدث عن التوقيت وسط ظروف راهنة لم يشهد العالم مثلها.

وماذا عن استجواب وزير التربية؟
اذا كان الامر يتعلق بتطبيق قانون منع الاختلاط، فهذا قانون جرت الموافقة عليه، لكنه يحتاج الى اجراءات لم تكتمل، وسنوفر الميزانية لتوفير مبان في الجامعة.
ويؤسفني ان قانون منع الاختلاط حظي بموافقة مجلس الأمة، فالاختلاط موجود في كل مكان حتى في مجلس الأمة ذاته.

ما مدى تأثرنا بتراجع سعر بيع النفط؟
بلا شك، هناك تأثير مباشر، وكما تعلمون فإن هناك لجنة شكلت لتصحيح المسار الاقتصادي، وسترفع توصياتها ومقترحاتها إلى الحكومة وسنتقدم بها إلى مجلس الأمة.
هناك اجراءات علينا اتخاذها ولا مناص منها، وعلى المواطن ان يشعر بالوضع الاقتصادي للدولة من تلقاء نفسه، ويساهم في معالجة هذا الوضع.

هل توجد خلافات ضمن الأسرة؟
أقسم بالله العظيم، انه لا توجد خلافات في الأسرة، ولا أعرف لماذا يثار هذا الموضوع بين فترة وأخرى، وربما كان ذلك عائدا إلى أن احد افراد الأسرة يبدي وجهة نظر ما في أمر ما، وهذا شأن طبيعي وصحي وموجود في جميع الأسر والعائلات.
ثم التفت الشيخ صباح الأحمد إلى رؤساء التحرير قائلا: يا جماعة الخير انتم عليكم دور مهم والصحافة دورها ان تساعد في البناء لا الخراب، ارجوكم فبلدنا والله ما تستاهل الا الخير لها.

بيبي خالد المرزوق: رئيسة تحرير صحيفة الانباء الكويتية، وقد خصت "ايلاف" بهذا التحقيق الذي ينشر غدا في الصحافة الكويتية.