&
لا تبدو إدارة الرئيس جورج بوش المشغولة في الحرب في افغانستان علىاستعداد حتي الآن، أو في المستقبل، لاقناع حليفتها وحاملة طائراتها الكبري اسرائيل، التي تواصل منذ وقت طويل هجمة شرسة علي الفلسطينيين لا يمكن ان توصف الا بأنها حرب ابادة وارهاب دولة، لتكف عن تلك الهجمة وتمتثل لقرارات المجتمع الدولي. وبهذا تجعل اميركا الوقت الذي تستغله اسرائيل في هجومها القاتل عدواً للفلسطينيين يتعرضون خلاله للقتل وقطع الأرزاق وخراب الديار. ومع ان مسؤولين اميركيين استخدموا بضع مرات كلمة فوراً ، لتحديد الزمن الذي ينبغي ان تنسحب اسرائيل خلاله من الاراضي الفلسطينية التي اعادت احتلالها أخيراً، فإن هذه الكلمة اختفت الآن من القاموس الاميركي في هذا السياق، وما زالت اسرائيل تحتل مناطق فلسطينية وتحاصر الفلسطينيين.
ومع انه كثرت في الأيام الأخيرة المعلومات المسربة عن الخطاب المنتظر ان يلقيه وزير الخارجية الاميركي كولن باول في ما يتصل بالصراع الفلسطيني - الاسرائيلي ، وعلي رغم تنوع مصادر المعلومات ونوعيتها، فإن مصادر التسريب، عربية كانت أو أميركية أو أوروبية، تبدو متفقة علي ان مضمون خطاب باول لن يكون مرتبطاً بجدول زمني تنفيذي قصير الأجل يحل الأزمة ويوصل الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الي حل نهائي، في غضون سنة مثلاً. وقد تحدث رئيس الوزراء الاردني علي ابو الراغب أخيراً عن جهود عربية واوروبية لبلورة معادلة تتعلق باعلان الدولة الفلسطينية في الافق، وللبحث في مبادرة تأخذ بيد المفاوضات في المستقبل . اما الاسرائيليون فإن سفارتهم في واشنطن فهمت، كما بثت الاذاعة العبرية امس، ان الادارة الاميركية تعتقد بعدم وجود فرصة للتوصل الي حل نهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين في المستقبل القريب، ولذلك تريد الولايات المتحدة ان يبقي الصراع علي لهب منخفض وان لا يندلع .
من المستحيل طبعاً تصديق ان الدولة العظمي الوحيدة في العالم لا تستطيع ارغام دولة صغيرة كاسرائيل، تسلحها هي وتمولها هي وتمنحها الغطاء السياسي، علي تنفيذ قرارات الأمم المتحدة في وقت قصير إلا أذا كان الرئيس الاميركي بحاجة الي اصوات اليهود الاميركيين ونفوذهم المالي والاعلامي لإعادة انتخابه مرة اخري للرئاسة وإعادة انتخاب شقيقه جب حاكماً لولاية فلوريدا.
وعلي أي حال، فإن غياب عنصر الجدول الزمني القصير لتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية هو خدمة اضافية تقدمها ادارة بوش الي اسرائيل، تمكّنها من مواصلة سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين والتوغل بالدبابات والجرافات في اراضيهم ومدنهم ومخيماتهم واحيائهم السكنية، وهو ما بات يحدث علي اساس يومي، اضافة الي السيطرة بالقوة علي مزيد من الاراضي الفلسطينية وضمها الي مستوطنات يهودية، كما حدث مثلاً أول من أمس بالنسبة الي مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة، وكما حدث ليل الاربعاء - الخميس في خان يونس.
الاميركيون يعرفون ما يجري لكنهم لا يأبهون بأي قضية عادلة، والاسرائيليون يعرفون ان لديهم ترخيصاً اميركياً بالقتل والتوسع، والعرب مذعورون خائفون من السيد الاميركي لمجرد خلخلته الهواء قليلاً بكلمات للتخدير الوقتي ريثما يتم ترتيب الامور في افغانستان، وبعدها في آسيا الوسطي، بطريقة ترضي الاميركيين وتتفق مع طريقة حياتهم.(الحياة اللندنية)