&
القاهرة&- نبيل شرف الدين: علمت "إيلاف" من مصدر أمني مصري أن هناك محاولات لإجراء اتصالات سرية بين السفارة الأمريكية في القاهرة وجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في أعقاب التفجيرات الأخيرة في واشنطن ونيويورك، وأن الهدف من تلك الاتصالات كان نقل رؤية الإخوان حيال تلك الأحداث التي عبر عنها الوسيط الإخواني لأحد دبلوماسيي السفارة، والتي تضمنت رفض الجماعة لما وصفته بالأعمال الإرهابية الخرقاء التي استهدفت المنشآت الأميركية.
وأضاف المصدر نفسه أن تلك المحاولات لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبقتها محاولة أخرى إثر دعوة كان قد وجهها مندوب السفارة الأمريكية للنائب البرلماني محمد مرسي باعتباره ممثلاً لجماعة الإخوان في البرلمان المصري للمشاركة في لقاء لجنة الحريات الدينية بالكونجرس الأمريكي والتي زارت القاهرة قبل شهور مضت، وأن مساعي الجماعة الأصولية التي تعد الأقدم والأكبر في العالمين العربي والإسلامي، استهدفت توصيل رسالة للولايات المتحدة، مفادها أن الجماعة ليست بالضرورة ضد المصالح الأميركية في أي مكان، وأن هناك اختلافات جوهرية بين الخط الذي تنتهجه جماعة الإخوان المسلمين، وتلك المنظمات الجهادية المنضوية تحت لواء "قاعدة" ابن لادن ومضى المصدر مشيراً إلى أن هدف الإخوان كان تفادي توجيه أي ضربة أميركية للمنظمات المالية أو البنية التنظيمية للجماعة في الولايات المتحدة ودول أوروبا، حيث تتخذ الجماعة عدة مقرات منها، التنظيم العالمي للإخوان في ألمانيا، ولكن إثر نشوب الحرب ومنذ بداية الضربات الأميركية على مواقع حركة طالبان في أفغانستان، حدث تحول في موقف الإخوان، خاصة بعد صدور اللائحة الأميركية للمنظمات المالية المستهدفة في إطار خطة تجفيف الأموال التي اعتبرتها واشنطن داعمة لحركات الإرهاب وضمت عدداً من المؤسسات المالية المملوكة للإخوان وأبرزها "التقوى والبركة"، وإغلاق السلطات الأمريكية لمقرات المؤسستين في أربع ولايات، وتجميد 43 مليون دولار من أرصدة الأموال المشتبه في كونها تخص أشخاصاً محسوبين بشدة على الإخوان مثل يوسف ندا (مصري الأصل) وغالب همت (سوري الأصل) وغيرهما.
&
التقوى بين الباهاما وليشتنشتاين
وتجدر الإشارة إلى أن يوسف ندا مواطن مصري الأصل يقيم في سويسرا ومعه صهره السوري همت، وتربطهما علاقات بإيطاليا وإمارة ليشتنشتاين،وهما عضوان بارزان في جماعة الإخوان المسلمين، وتؤكد مصادر الأمن إن أعضاء الجماعة أنشئوا مؤسسة التقوى منذ عدة سنوات لتقديم الخدمات المصرفية للمسلمين، وأن الشيخ يوسف القرضاوي يشغل منصب رئيس هيئة الرقابة الشرعية في البنك، وهو من المساهمين بالبنك الذي تعاطى معه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين باعتباره نواة لما يطلقون عليه "الاقتصاد النظيف"، أي غير المختلط بأموال البنوك والمؤسسات المالية "الربوية" وأضاف المصدر ذاته أنه من المعلوم أن بنك "التقوى"، كان يمارس المضاربات على الذهب والفضة وغيرهما من المعادن، فضلاً عن أنشطته المالية الاستثمارية الأخرى، وأنه اختار جزر الباهاما تحديداً باعتبارها لا تخضع للنظم المصرفية السائدة في العالم، والتي يمكن أن تضع البنك وأصوله وأمواله تحت رقابة كانوا يتحسبون لها منذ البداية.
كما تعتبر أجهزة الأمن المصرية ندا واحداً من ابرز القادة الفاعلين في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وان انقطاع صلته بنشاط الجماعة داخل مصر بعد خروجه منها إثر الصدام الذي وقع بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقادة الإخوان عام 1954 لا يبدد الاعتقاد بأنه عضو بارز في التنظيم الدولي للإخوان والذي يغطي نشاطه غالبية الدول العربية والإسلامية إضافة إلى دول أخرى أجنبية، وأضافت المصادر ذاتها أن ندا خصص طائرة قبل سنوات نقل فيها عدداً كبيراً من قادة الإخوان في مصر بينهم المرشد الحالي مصطفي مشهور إلى سويسرا ليشاركوا في حفلة عرس، وان أجهزة غربية رصدت اتصالات بينه وبين قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من بلدان الشرق الأوسط الأخرى.
وكان النائب الإسلامي محمد مرسي قد حاول منذ شهور مضت إقناع عدد من قياديي الجماعة للحصول على موافقتهم حضوره ذلك اللقاء بهدف إضفاء الشرعية على أنشطة الجماعة ووجودها المحظور رسمياً في مصر، من خلال لقاء البرلمانيين المحسوبين عليها بأعضاء الكونجرس الأمريكي، فضلاً عن تحسين صورة الجماعة المحظورة في مصر أمام الغرب وفقاً لقواعد التعاطي مع المؤسسات الأمريكية والغربية عموماً ذات النفوذ في دوائر صناعة القرار.
وعلمت "إيلاف" أن وجهة نظر نائب البرلمان المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، كانت تعول حينئذ على أن الحوار أفضل من المقاطعة وأنه يجب الفصل بين أمريكا كشعب وكحكومة وسياسات خارجية، إلا أن جناحاً متنفذاً داخل جماعة "الإخوان" رفض هذا الأمر جملة وتفصيلاً، واعتبره مدعاة لتأليب الرأي العام على الجماعة، ومطعناً في مصداقيتها.
على صعيد متصل دعا نواب التيار الإسلامي بالبرلمان المصري اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية لفتح صفحة جديدة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإنهاء حالة التوتر التي سادت الكثير من الأسر المصرية بسبب اعتقال أبنائها· وأشار نواب جماعة الإخوان المسلمين في بيان عاجل تقدموا به لوزير الداخلية إلى وجود أكثر من 13 ألف سجين سياسي داخل السجون المصرية بينهم 2000 سجين في سجن مدينة دمنهور محافظة البحيرة تم اعتقالهم خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة· وأكد النائب الإخواني جمال حشمت تزايد شكاوى أهالي المعتقلين السياسيين الذين مر على اعتقالهم أكثر من 7 سنوات دون محاكمات، وأنه بالرغم من الإفراج عن بعض المعتقلين بأحكام قضائية من الذين قضوا اكثر من 7 سنوات دون محاكمات إلا أنهم فوجئوا باعتقالهم مرة أخرى مما أشاع اليأس في قلوبهم وقلوب أسرهم وأفسد حياتهم، وتحدث النائب عن تزايد حالات الإصابة بعجز كلي أو جزئي للمعتقلين دون ظهور أي أمل لإنهاء وضعهم الراهن إما بمحاكمات عادلة أو بإفراج نهائي بعد أن تدهورت أحوالهم الصحية.
وكان مئات من أعضاء الإخوان المسلمين قد اعتقلوا وحقق معهم في الشهور الأخيرة، ولكن حملة الاعتقالات لم تمنع الجماعة التي تضم في عضويتها عددا كبيرا من النقابيين من الفوز بـ 17 مقعدا في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) الأخيرة، وتقدر بعض جماعات حقوق الإنسان المعتقلين من الجماعة منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أواخر العام الماضي بنحو ألف شخص