&
قرأت كلمة السعودية التي القاها السفير فوزي عبد المجيد الشبكشي المندوب الدائم في الأمم المتحدة والتي تعبر بطبيعة الحال عن مواقف اساسية حول قضايا لا تهم دولة السفير السعودي وحدها بل تهم العالم الذي اصبح متشابكا، يشترك في الرسائل الملوثة بالميكروبات القاتلة، ويتأذى من العنف الذي يطال الناس من ادنى كهف في الأرض الى رأس اطول عمارة في السماء.
بعض الفقرات التي تضمنها الخطاب اثارت انتباهي واستغرابي، فواحدة تقول ان "التطرف والعنف والارهاب هو نتيجة للظلم الفادح بسبب غياب الحرية والعدالة". ونحن جميعا لا نجد اشكالا في فهم ان لكل علة سببا الا ان الارهاب ليس سببه الظلم بصفة عامة. الارهاب مرض موجود في كل انحاء المعمورة وليس حصرا بين المظلومين ولا بمنأى عن الذين يعيشون في نعيم العدالة.
وحتى لا نفعل مثل المسؤولين الذين يستخدمون عند الشرح لغة مسمارية تتعمد التعقيد والغموض، هنا سأتعمد التبسيط والوضوح. الارهاب يعنى به استخدام العنف للوصول الى سلطة او ازاحتها او ثنيها عن مواقفها. لكن العنف في سبيل تحرير الارض مثل العمل الفلسطيني هو عمل مشروع، حيث تجيز قوانين الامم المتحدة وقواعد العدل ان يدافع صاحب الارض المحتلة عن حقه من اجل تحريرها. لهذا نحن لا نحتاج الى الاعتذار عما يفعله الفلسطينيون طالما ان ارضهم لا تزال محتلة وطالما ان اسرائيل ترفض الانسحاب منها.
المشكلة هي في ارهاب جماعات الرفض الدولية التي ترتكب العنف عامدة سواء باسم حماية الحيوان، او ضد عيادات الاجهاض، او باسم الاسلام. ما تفعله هذه التنظيمات ارهاب سواء كانت ايتا الاسبانية او القاعدة الاسلامية، وسواء وقعت اعمالها في الرياض او في صعيد مصر او في مانهاتن الاميركية تظل ارهابا. ولهذا لا يفترض ان نخلط بين ما يفعله حزب الله عندما كان يحرر ارضه في جنوب لبنان وبين هدم عمارة في نيويورك من قبل القاعدة.
فمعظم الحركات الارهابية تعكس طموحات شخصية لأفراد يبحثون عن سلطة ونفوذ راكبين شعارات شعبية. وسبق أن رأيناهم عندما يمسكون بالحكم يمارسون ما مارسه من سبقهم واطيح به. هذه التنظيمات التي لجأت الى العنف باسم التغيير وتحت دعاوى الظلم عانت منها دول اميركا اللاتينية بنفس القدر الذي نعانيه نحن في منطقة الشرق الأوسط.
لهذا لا ادري ما عنى به السفير عندما احالنا الى جذور الارهاب والعنف، معتبرا انه حصيلة للظلم والارهاب، انه مثل قول بعضهم ان الفقراء يسرقون بسبب الحاجة في حين ان اقسام الشرطة تعلم ان اقل الناس نزوعا للسرقة هم الفقراء. هذه الاستنتاجات الرياضية مثل ان الظلم يولد الارهاب تحتاج الى اثباتات ميدانية. ان مرد العنف اليوم هو ثقافة العنف نفسها مثل تلك التي تنتقي من الاسلام فصول الحرب وتكفير الناس، فهذه ثقافة منتقاة لا ظلم مفروض.(الشرق الأوسط اللندنية)
&