&&

في مؤتمر صحافي في دمشق دعا عضو الكونغرس الأميركي داريل عيسي قيادة حزب الله إلي عملية إعادة هيكلة وأن يطور الحزب نفسه وينبذ الإرهاب ويحدد عمله في الأراضي المحتلة . وكان عيسي أبدي رغبته في لقاء قيادة حزب الله ، عندما زار لبنان في أيلول (سبتمبر) الماضي، لكن الفكرة لم تلق حماسة لدي الحزب، لاعتبارات أبرزها أن الجو السياسي المترتب علي الحرب الأميركية في أفغانستان لا يشجع علي عقد اللقاء.
حزب الله أصبح منذ بداية الأزمة الحالية قاسماً مشتركاً في تصريحات الإدارة الأميركية وبياناتها، لكن الموقف الأميركي من الحزب، لا يريد أن يكون مفهوماً في هذه المرحلة، يتحدث عن تورطه بالإرهاب، ويري فيه قوة سياسية يمكن التفاهم معها، ويطالبه بتحديد هويته في المرحلة المقبلة. و حزب الله منقسم في موقفه من أميركا: تيار يري أن واشنطن لديها استعداد لمراجعة وجهة نظرها من الحزب، وآخر يعتقد أن القضية مجرد كسب وقت للوصول إلي المواجهة الحتمية.
القول إن واشنطن لديها استعداد لمراجعة وجهة نظرها من حزب الله هو تفكير بالتمني، فالإدارة الأميركية حسمت موقفها من الأحزاب الدينية في المنطقة، وماضية في التصدي لها في شكل تدريجي، ويحظي موقفها بدعم دول عربية وإسلامية، لكنها تنظر إلي حزب الله حالياً من خلال الوضع في لبنان، والموقفين الإيراني والسوري من الحرب، ولا تريد أن تذهب بعيداً فتخسر حليفين مهمين في حربها علي الإرهاب في هذه الظروف، لكن الإشارات الأميركية المتلاحقة عن موقف حزب الله من الإرهاب تؤكد أن التوجه الأميركي ينتظر الفرصة المناسبة، أو الصيغة المناسبة للمواجهة.
لا شك في أن حزب الله استطاع بحسه السياسي المتميز أن يتجاوز حساسيات المرحلة الماضية وأخطارها، لكن هذه الأزمة ليست صراعاً مع قوي وأحزاب داخلية، وأولويات الحرب علي الإرهاب تتغير، وربما أصبح الحزب هدفاً أميركياً مباشراً خلال وقت قصير. ومن الحكمة أن يتجاوز حزب الله شعارات الماضي ومنطق الكوادر والتظاهرات، ويتمسك بالسياسة قبل أن يصل إلي مصير الإخوان المسلمين ، يصارع من أجل كسب مقعد في نقابة هنا وجمعية هناك.(الحياة اللندنية)