&
باسكال ماليه: يأتي الإعلان عن توقيع اتفاق شراكة بين لبنان والاتحاد الاوروبي في غضون أسبوعين ليعيد الثقة في الوقت المناسب لبيروت التي تواجه الضغوطات الأميركية حول ملف حزب الله من جهة وشبح حصول أزمة مالية من جهة ثانية.
وعلق دبلوماسي غربي "من الواضح انه وقت مناسب لحكومة رئيس الوزراء رفيق الحريري التي تريد تقديم هذا الاتفاق على انه خطوة مهمة على طريق إنهاض البلاد اقتصاديا ودمجها في الاقتصاد العالمي".
وقال "في الوقت نفسه أنها بادرة سياسية من الاتحاد الاوروبي ومؤشر على الثقة" كما أكد رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي عند إعلانه مساء الاثنين في بيروت ان المفاوضات بين لبنان والاتحاد الاوروبي قد انتهت.
يشار إلى انه من اصل خمسة إلى ستة مليارات دولار من الواردات اللبنانية هناك اكثر من أربعة مليارات مصدرها الاتحاد الاوروبي.
ولبنان الذي خفض الرسوم الجمركية في نهاية 2000 من جانب واحد في محاولة لإنعاش الاقتصاد سيستفيد بدوره عبر تسهيل دخوله الأسواق الأوروبية لا سيما لمنتجاته الزراعية.
لكن خبيرا ماليا دوليا اعتبر انه "يبقى أمام لبنان الخروج من دوامة الدين العام الجهنمية بعدما تجاوز 25 مليار دولار واصبح تسديده اكثر كلفة يوما بعد يوما".
ويقول صندوق النقد الدولي ان هذا الدين سيقترب من نسبة 173% من إجمالي الناتج الداخلي في نهاية العام 2001.
وبالتأكيد فان حكومة الحريري ستدخل في 2002 ضريبة القيمة المضافة وهو إجراء مهم في بلد يثير فيه جمع الضرائب ارتيابا.
وينص مشروع موازنة الحكومة للعام 2002 على خفض دعم الدولة لبعض القطاعات مثل قطاع الحبوب وخفض عام للعجز في الموازنة (الذي شكل اكثر من 20% من إجمالي الناتج الداخلي العام 2001).
وتنتظر الدول والمؤسسات التي قد تساعد لبنان في الخروج من الأزمة عبر منحه قروضا منذ أول اجتماع لها في شباط (فبراير) في باريس (الذي أطلق عليه اسم باريس-1) ان تتخذ الحكومة اللبنانية، كما تعهدت، إجراءات حازمة لخفض عبء دينها العام.
وتشمل هذه الإجراءات خفض عديد موظفي القطاع الرسمي الفائض وخصخصة قطاعات عامة مثل الاتصالات والطاقة.
واكد خبراء ان انعقاد اجتماع ثان للدول والمؤسسات المانحة أطلق عليه مسبقا اسم "باريس-2" مرتبط بهذه الإجراءات.
وألغت الحكومة هذه السنة حوالي ألفى وظيفة في شركة طيران الشرق الأوسط "ميديل ايست ايرلاينز" ووزارة الإعلام وتلفزيون لبنان الرسمي.
لكن ذلك لن يكون كافيا. فقد اصدر صندوق النقد الدولي في تشرين الأول (أكتوبر) تقريرا بعد زيارة قام بها خبراؤه إلى لبنان في تموز (يوليو) الماضي يدعو الحكومة إلى التخلي عن الدعم المصطنع لليرة اللبنانية. فمنذ العام 1995 استقر الدولار على سعر حوالي 1500 ليرة لبنانية.
وتطلب الدول المانحة خصوصا ان يتفق صندوق النقد الدولي ولبنان على "برنامج على المدى المتوسط" يؤدي إلى خفض الدين إلى مستوى مقبول.
وتعتبر الصحافة اللبنانية في بعض الأحيان ان الضغوط الأخيرة التي مارستها الولايات المتحدة لكي يتخلى حزب الله الشيعي اللبناني الذي وصفته بأنه منظمة مساندة "للإرهاب" عن الكفاح المسلح ضد إسرائيل تشكل العقبة السياسية الرئيسية أمام انعقاد مؤتمر باريس-2.
وبعد ان استبعد هذه الفرضية قال الحريري لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء ان "باريس-2 يمكن ان يعقد في مطلع 2002 ولن تقاطعه أي مؤسسة مالية دولية كبرى".
ويقول خبير غربي انه "بغض النظر عن الضغوط الدبلوماسية فان خطر الإفلاس لا يهدد لبنان طالما ان الودائع المصرفية التي تتراوح قيمتها بين 30 و 40 مليار دولار لم تسحب من البلاد".