&
&

مجلة سطور هي إحدي المجلات الثقافية التي تصدر من القاهرة‏..‏ مجلة شهرية استطاعت على مدى أعوام قليلة منذ صدورها أن تحتل مكانا مرموقا في الفضاء الثقافي العربي‏..‏ بانتظامها في الصدور‏,‏ وبما تقدمه من موضوعات مهمة وحيوية‏,‏ بأقلام مصرية وعربية تنتمي إلى توجهات مختلفة‏..‏ وبرؤية تنويرية بعيدة عن الابتذال والإثارة‏.‏
بعد أن أصدرت المجلة عددها رقم‏60‏ ـ عدد نوفمبر الماضي ـ أصدرت بيانا حزينا تقول فيه‏:‏ إنها وجدت نفسها في مواجهة الحائط‏,‏ مهددة بالتوقف والحصار‏..‏
والسبب في ذلك أنه لايسمح لها حتي الآن بالطباعة في مصر‏.‏ وكأن‏60‏ عددا علي مر خمس سنوات لاتكفي لاثبات حسن النية فهي مضطرة إلي طباعة أعدادها في المنطقة الحرة أو خارج مصر‏,‏ حيث يكون الدفع بالدولار‏.‏ وهو أمر مكلف للغاية‏,‏ وفوق قدرة أي مطبوعة علي الاحتمال‏.‏ فضلا عن خضوعها لسيف الرقابة علي المطبوعات غير المصرية‏,‏ التي تدرج مجلة سطور بينها لأنها تطبع في الخارج‏.‏
ولأن سطور مجلة ثقافية خاصة‏,‏ لاتتلقي دعما من الدولة أو من أي جهة أخري بل تعتمد علي مواردها الخاصة‏..‏ ولأن الثقافة الخالصة في مصر لا تجد لها سوقا رائجة‏,‏ مالم تلطخ وجهها بالمساحيق‏,‏ وتقدم من وسائل الاغراء ماينتقص من قدرها‏,‏ فإن الإعلانات التي تستفيد الصحف والاصدارات الأخري بها في موازنة تكاليفها‏,‏ غالبا ما تنصرف عنها‏:‏ إذ أن المادة الثقافية بمفهومها التقليدي القديم ليست من السلع التي تحمل علي جناحيها سلعا جذابة أخري‏.‏ كما أن المواد الثقافية المدعومة أو الصادرة عن الدولة لاتعد ثقافة بالمعني الحقيقي‏.‏ ومن ثم فإن مجلة رصينة مثل سطور سرعان ما تغرق تحت وطأة عوامل كثيرة‏,‏ من بينها أننا شعوب لاتقرأ إلا بالعافية وبالاكراه‏.‏
غير أن المشكلة الحقيقية هنا هو موقف الدولة من إصدار ثقافي محترم وبدلا من أن يجد التشجيع والرعاية‏..‏ فإن القوانين المعادية للفكر والثقافة تضطره الي الطباعة خارج مصر‏,‏ وما يترتب علي ذلك من تكاليف النقل والتوزيع‏.‏ وذلك في بلد محدود الموارد من العملات الصعبة‏,‏ التي تضع الدولة القيود علي صرفها
لست أدري ما الذي تستطيع وزارة الثقافة أن تفعله لإنقاذ مجلة ثفافية من الاحتضار‏,‏ وهي في الوقت نفسه مجلة تنافس إصدارات عديدة للوزارة نفسها‏..‏ ولكن مادامت وزارة الثقافة قد أخذت علي عاتقها مهمة إصدار المجلات والصحف الثقافية‏,‏ فلماذا لاتتدخل لحل مشكلة سطور؟‏!‏(الأهرام المصرية)