&
&
هل تتخيل عالماً بلا تلفزيون؟
طالبان حققت هذا الخيال الفظيع. حرمت الشعب الأفغاني من أهم وسيلة إعلام في هذا العصر، وأوقفت مشاهد الحياة اليومية للبشر، وغيّبت الأحداث والمعلومات والتطورات العلمية والطبية، وأغلقت الباب دون وصول الصور ووجهات النظر والآراء الأخري... وأغرقت الأفغان في عزلة سوداء كقطع الليل، وصادرت حق المعرفة، ومارست الجهل والتجهيل، وحرّمت التلفزيون وحطمت شاشته.
أول من أمس عاد التلفزيون الأفغاني إلي الحياة، وعاد مقدمو البرامج إلي العمل بعد انقطاع فرضته حركة طالبان استمر خمس سنوات. أخرج الناس أجهزة التلفزيون من المخابئ ونفضوا عنها الغبار، ووضعوها علي المناضد، وتحسسوها، واستعادوا ذكرياتهم معها، وتناقلوا الخبر، وتساءلوا عن النبأ وهم بين مصدق ومكذب: هل عاد التلفزيون إلي الحياة بالفعل... وتنفسوا الصعداء.
يا الله ما أفظع طالبان . يا الله ما أقسي هذه الحركة التي جهلت فوق جهل الجاهلين، وأعادتنا قروناً إلي وراء، وجاءت بدعوي وقف الحرب وإشاعة الأمن ونشر الدين القويم، وتوحيد البلاد، وإذا بها تنفر الناس من الدين، وتشوه صورة الإسلام، وتوقف حرية الحوار وسماع الأخبار، وتمارس القمع، وتحجب النور وتتحالف مع الظلم والظلام والبؤس، وتحارب الحضارة والمدنية، وتغيب الوعي وتحرم الإعلام والخيال والإبداع والتطلع إلي المستقبل، وتهين المرأة، وتنتهك حقوق الإنسان، وتحيل حياة الشعب الأفغاني إلي جحيم.
لا شك في أن الحرب علي الجهل والتخلف أولي من الحرب علي الإرهاب، واستئناف التلفزيون الأفغاني بثه وفك أسره من سجن طلبة الجهل والتخلف خبر بحجم طردهم من كابول، وواحد من أهم إنجازات هذه الحرب. ولكن بأسف، لم يأخذ هذا الإنجاز حقه من الإبراز والضوء، علي رغم كونه انتصاراً علي الإرهاب والتطرف والغلو، وإشارة إلي فداحة الظلم الذي كانت طالبان تمارسه ضد الإنسان الأفغاني وضد الحرية.(الحياة اللندنية)