&
بيروت ـ من وسام ابو حرفوش: اكثر الغائبين حضوراً في الاحتفال بالعيد الـ 58 لاستقلال لبنان، هو الامر "التاريخي" لتلك المناسبة التي تحولت مجرد "ذكرى" منذ زمن بعيد، والمتمثل بنصب الشهداء، الذي غادر ساحته بعدما غدرت به الحرب ولم يعد حتى الان.
طلاب المدارس والاطفال الذين يقصدون ساحة الشهداء في وسط العاصمة يبحثون طويلاً عن "تمثال الشهداء" من دون جدوى وغالباً ما يلجأون الى البطاقات التذكارية للتعرف على الرمز الذي جسد الشهداء الذين اعدمهم جمال باشا عام 1915 .
وقلة هم الذين يعرفون ان التمثال ذا الأربعة اشخاص والشعلة، مرمي منذ اعوام في باحة احدى الجامعات بعد ترميمه، في انتظار انجاز مرآب تحت الساحة التي تحمله على الاكف منذ العام 1960 ، يوم رفع الستارة عنه الرئيس الراحل فؤاد شهاب.
والساحة التي خلعت رمزها عنوة، صار اسمها "الوسط التجاري" في زمن، ربما طغى فيه المال على القيم الاخرى، واصبح الناس يقصدون "وجبات الطعام" في المقاهي الحديثة المحشورة بالكراسي التي لا تتسع لـ "المحتفى به" في هذه الايام، فـ "يعيد" بعيداً عن ساحته والجمهور.
المرأة حاملة الشعلة، الرجل العاري الصدر، الرجلان المستلقيان مرفوعا الرأس يشكلون "تمثال الشهداء" الذي نحته ازميل الايطالي مارينو مازاكواتي على مدى عشرين شهراً فارتفع في قلب بيروت قبل ان تسقطه شظايا الحرب وينقل الى محترفات احدى الجامعات للترميم.
ذهب ليعود بعد ستة اشهر، لكن مرت نحو ستة اعوام من دون ان ترتفع شعلته مجدداً والسبب ,,, فتش عن المرآب الذي لم ينجز بعد لـ "تلكؤ مجلس الانماء والاعمار"، بحسب ما تقوله بعض المصادر التي تتحدث عن ان عملية ترميم النصب انجزت منذ زمن وهو ينتظر ,,, المرآب.
والمفارقة انه في الوقت الذي يغيب التمثال والعرض العسكري التقليدي عن الاحتفالات بالعيد الـ 58 للاستقلال، يجري احتفال من نوع آخر، وربما اكثر دلالة، لكن تحت الماء هذه المرة عبر لوحة رخامية رمزية تكريماً لـ "امير البحر" الذي استشهد لفك الحصار الاسرائيلي عن شواطئ جنوب لبنان ابان الاحتلال .
وامير البحر هو هشام فحص، الذي فجر نفسه بطراد اسرائيلي عام 1997، واختارت نقابة الغواصين اللبنانيين هذه اللوحة التي رست على 40 متراً تحت الماء "عيدية" للاستشهاديين الذين افتدوا الاستقلال بارواحهم ابان الاحتلال الذي استوطن جنوب لبنان على مدى نحو ربع قرن.(الرأي العام الكويتية)