&

لم اجد اكثر صوابا من احد الاصدقاء الذي قال معلقا على كيفية مواجهة الدعاية مع العراق التي هيمنت على السوق في الفترة الماضية، قال "ان خير دعاية ضد العراق هي محطة التلفزيون العراقية الرسمية نفسها، يكفي اعادة بثها على كل الاقمار وتمكين العرب من مشاهدتها وانا سأضمن لك انقلابا في الرأي العام العربي ضد النظام العراقي. فهي من الرداءة بدرجة تكفي لكشف حقيقة النظام التي تحاول محطات وصحف عربية موالية لبغداد اخفاءها".
والحكومة الاميركية لا تقل سوءا عن العراقية في استخدام الاعلام الى درجة ان الاميركيين اصبحوا مكروهين بغض النظر عن اكياس الطحين التي يحاولون قذف الناس بها. وأخيرا ادرك الاميركيون ان كونهم اكبر معين مالي للعالم العربي لا يصل وقعه للمواطن العادي بل يبقى في محفظة الحكومة، وادركوا ان اكبر عدو لهم في العالم العربي هو الاعلام العربي تحديدا، نظرا لهيمنة الفكر اليساري القديم عليه المعادي لكل ما هو غربي بغض النظر عن الشخص والموضوع. وحلا لهذه العقدة يتزعم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جو بايدن حملة لاطلاق محطة فضائية اميركية بالعربية توجه العرب وتنصحهم. ومع انني اتفق مع بايدن ان مشكلة الولايات المتحدة مع العرب عموما محصورة في عقدة اللسان، الا ان مشروعه لاصدار محطة فضائية اميركية موجهة للعرب سيكون مثل مشروع صدام حسين باطلاقه محطته الفضائية التي فضحته اكثر مما نفعته. مشروع بايدن سيمنى بالفشل رغم انه ينوي تخصيص خمسمائة مليون دولار لتنفيذه، وهو رقم يوازي تكاليف ثلاث محطات من وزن "الجزيرة".
فاشل لأن الاعلام الرسمي الاميركي تاريخيا لم يحقق اي نجاح يذكر سواء ذلك الذي وجه الى منطقتنا او الذي عم اوروبا الشرقية واراضي الاتحاد السوفياتي ابان الحرب الباردة. فالـ"بي بي سي" البريطانية كانت دائمة مهيمنة على سوق الاذاعات عندما كان الراديو الوسيلة الاعلامية الشعبية الاولى في حين كانت ولا تزال اذاعة صوت اميركا لا تجتذب الا شريحة ضعيفة، وكذلك مجلات مثل نشرات وكالة الاعلام الاميركي الرسمية، كانت كلها عاجزة عن الوصول الى عقول المستمعين والقراء في القاهرة او بلغراد او غيرهما. ولعل الدليل الملموس على فشل التجارب الاميركية اعلاميا في منطقتنا اذاعة العراق الحر الموجهة من براغ، هي الأخرى بلا تأثير ملموس. وهذا يؤكد انه مهما قررت الولايات المتحدة صرف الكثير لبناء محطات رسمية لمخاطبة العالم العربي ستفشل حتما مثلما لو حاولت الحكومات العربية اطلاق محطات رسمية لمخاطبة الشعب الاميركي او مثل محطات صدام حسين التي تحاول بيع افكاره وصوره عبر محطتها الرسمية الفاشلة.(الشرق الأوسط اللندنية)
&