&
الحملة الدعائية الأميركية المضادة الموجهة إلي العالمين العربي والإسلامي فشلت حتي الآن في خدمة الأهداف الأميركية، والسفير السابق كريستوفر روس الذي عينه الرئيس جورج بوش وكيلاً للإعلام الأميركي في العالم العربي كرس هذا الفشل لأنه يمارس الدعائية السياسية في شكل بدائي، ويتشبه ببعض السياسيين العرب في خطابه الإعلامي، ويزدري عقول المشاهدين، وساهمت لغته العربية الركيكة في مضاعفة هذا الفشل.
كريستوفر روس الذي يتولي مهمة التصدي لـ التضليل الإعلامي الذي تتعرض له الشعوب العربية، لم يفشل لضعف لغته العربية وتدني مستوي مهارته الإعلامية، وعدم قدرته علي اختراق القنوات الفضائية في العالم العربي، وإنما لأنه لا يستطيع أن يفكر في شكل مستقل، وغير قادر علي التخلص من سطوة مبدأ من ليس معنا فهو مع الإرهاب ... وملزم بتنفيذ تعليمات الحكومة التي فرضت حال الطوارئ علي وسائل الإعلام الخاصة من خلال شعار نقف متحدين ، وقاعدة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، وقضت علي المبادرات الخاصة واستبدلت السفراء والموظفين المتقاعدين بالصحافيين والمهنيين.
إن الحملة الإعلامية الموجهة إلي العرب والمسلمين تعاني غياب الموضوعية، لكن هذا لم يثن الحكومة الأميركية عن المضي في السيطرة علي الإعلام الخارجي، بصفته إحدي مهمات الحكومة الفيديرالية، والتأثير في الوسائل المحلية من خلال التحكم بمصادر المعلومات وتوجيهها. لكن فشل الحكومة الأميركية إعلامياً في الأزمة الحالية لم يأت من غياب الموضوعية في مضمون رسالتها إلي الآخرين فحسب، وإنما لأنها تمارس أحادية التفكير من خلال مبدأ من ليس معي فهو ضدي ، وتنطلق من فرضيات لا تقبل النقاش أو الجدل.
لا شك في أن فشل السياسة الاعلامية الأميركية قدم خدمة لا تقدر بثمن لحرية التعبير، وقلل خطورة تدخل الحكومة الأميركية في توجيه الإعلام، وأكد للدول التي رأت في الخطوة الأميركية تعزيزاً لموقفها من الإعلام أن الدعاية حبلها قصير مثل الكذب، ولو كان الذي يكذب في مستوي الحكومة الأميركية.(الحياة اللندنية)