&
باسكال رينار: من المتوقع إعلان حال الانكماش رسميا في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، غير ان الاقتصاد الأول في العالم بدأ يسجل بوادر استقرار تشير إلى ان نهاية النفق المظلم قد تكون قريبة نسبيا.
بول اونيل
وسيعلن المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية وهو معهد خاص مكلف تسجيل الدورات الاقتصادية الأميركية رسميا خلال الأيام المقبلة ان الاقتصاد الأميركي دخل مرحلة انكماش للمرة الأولى منذ عشر سنوات.
ولن يفاجئ هذا الإعلان أحد. فجميع الخبراء يتحدثون منذ اشهر عن انكماش اقتصادي، بعد ان بدأ إجمالي الناتج الداخلي في التراجع خلال الصيف (-0.4% خلال الفصل الثالث على أساس سنوي).
إلا ان المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية يعتزم تحديد بداية الانكماش في آذار (مارس) الماضي، قبل اشهر من اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) في نيويورك وواشنطن، وفق معلومات أوردتها الصحف خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقد يبدو الأمر غريبا إلى حد ما، لان الاقتصاد الأميركي استمر في تسجيل نمو إيجابي طفيف خلال الربيع مع زيادة بمعدل 0.3% في إجمالي الناتج الداخلي خلال الفصل الثاني (+1.3% خلال الفصل الأول).
غير ان خبراء الاقتصاد في المعهد لا يعتمدون التحديد "التقليدي" للانكماش أي فصلين متتاليين من النمو السلبي، بل يأخذون بعين الاعتبار أربعة مؤشرات شهرية غير إجمالي الناتج الداخلي، وهي الوظائف والإنتاج الصناعي والحركة التجارية (بالجملة والمفرق) ودخل العائلات.
وسيصدر "الحكم" الرسمي عن المعهد في وقت تعكس الإحصاءات الاقتصادية تحسنا واضحا.
من حهته، توقع وزير الخزانة الأميركي بول اونيل الأحد ان يشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشا في مطلع العام المقبل.
وقال اونيل خلال مقابلة أجرتها معه شبكة اي.بي.سي. "سنشهد انتعاشا اقتصاديا في مطلع العام المقبل".
واوضح "اننا في ظروف مؤاتية لانتعاش" اقتصادي، ولا سيما بسبب تحسن العديد من المؤشرات، مثل زيادة حركة البيع بالمفرق أو ارتفاع أسعار البورصة.
غير ان اونيل دعا الكونغرس من جديد إلى اعتماد برنامج إنعاش اقتصادي يقوم على خفض الضرائب بناء على اقتراح الرئيس جورج بوش. وهذه الخطة متوقفة حاليا في مجلس الشيوخ بسبب خلافات كبيرة في وجهات النظر بين الجمهوريين والديموقراطيين.
وقد سجلت حركة البيع بالمفرق وهي من افضل المؤشرات عن نفقات الاستهلاك التي تمثل ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي خلال تشرين الأول (أكتوبر) تقدما قياسيا (+1.7%) بعد ان هبطت في أيلول (سبتمبر) في أعقاب الاعتداءات.
غير ان سقوط نظام طالبان في أفغانستان والهدوء الذي خيم على جبهة مرض الجمرة الخبيثة أعادا قدرا من التفاؤل إلى نفوس الأميركيين حسب ما أشار الارتفاع الجديد في مؤشر ثقة المستهلكين الصادر عن جامعة ميتشيغان الأربعاء.
وهرع الأميركيون إلى المتاجر خلال عطلة عيد الشكر التي تعلن بداية موسم مشتريات نهاية السنة.
إلا انه لا يزال من المبكر معرفة ما إذا كانت نتجت عن هذا الإقبال على الشراء نفقات كبيرة، غير ان بعض المحللين يتوقعون مبيعات افضل مما كان منتظرا خلال عيد الميلاد، بفضل التنزيلات الاستثنائية التي تقدم هذه السنة.
وقد أعلنت متاجر "وول مارت"، المجموعة الأميركية الأولى لتسويق المنتجات والمعروفة بكسرها للأسعار، عن مبيعات قياسية يوم الجمعة بلغت اكثر من 1.25 مليار دولار خلال يوم واحد.
وقال ستيفن سليفر رئيس قسم الدراسات الاقتصادية في شركة ليمان بروذرز للاستثمار ان "فرص انحسار الانكماش بسرعة تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة، لكننا لا نزال نعتقد ان الانتعاش الاقتصادي سيتطلب رغم كل شيء بضعة اشهر".
واكد بروس ستاينبرغ الخبير الاقتصادي في "ميريل لينش" "أننا نتوقع انتعاشا اقتصاديا خلال الربيع"، إذ ان الزيادة المتوقعة في نسبة البطالة ستواصل خفض نفقات الاستهلاك حتى الربيع.
وإذا كانت غالبية الخبراء تتحدث عن استمرار تراجع النشاط الاقتصادي حتى الفصل الأول من العام 2002، غير ان بعضهم يبدو اكثر تفاؤلا ويراهن على العودة إلى النمو الإيجابي منذ مطلع العام المقبل.
ومع انهيار أسعار النفط واستئناف الشركات إنتاجها لاعادة تشكيل مخزونها الذي يسجل تراجعا منذ اشهر عدة، من المتوقع ان يزداد إجمالي الناتج الداخلي الأميركي بمعدل 2% خلال الفصل الأول من العام 2002، حسب توقعات شركة ماكروايكونوميكال ادفايزرز للتوقعات الاقتصادية.