&
القاهرة - ضحى خالد: فجأة وجد مسئولو تراخيص السلاح في وزارة الداخلية المصرية أنفسهم هذه الأيام في مواجهة مأزق قانوني غير مسبوق، فقد أصرت نائبتان في البرلمان المصري على التقدم بطلب تصريح بشراء وحيازة مسدس بقصد الدفاع عن النفس، وهو الأمر الذي يكفله قانون تنظيم حيازة الأسلحة في مصر، حيث يمنح نواب البرلمان الحق في حيازة سلاح ناري، من دون أن يقصر هذا الحق على الرجال فقط، أو يحظر على السيدات استخدام هذا الحق صراحة أو ضمناً، لكن في حال الموافقة على رخصة حيازة سلاح ناري، ستكون سابقة جديدة من نوعها، فلم تسبق لأي من نائبات البرلمان أن سعت إلى ذلك من قبل، بما في ذلك السيدة فايدة كامل رئيسة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، وأقدم نائبة ليس في مصر وحدها بل وفي العالم، حيث احتفظت بمقعدها النيابي على مدار أكثر من 30 عاماً، ولم تطالب بذلك حتى حينما كان زوجها النبوي إسماعيل، وزيراً للداخلية& إبان عهد الرئيس المصري الراحل السادات.
وقد انتقلت هذه المواجهة بين نواب البرلمان المصري من الرجال والسيدات حول طلب استخراج تراخيص بحمل الأسلحة، من أروقة وزارة الداخلية إلى قبة البرلمان، حيث قرر نحو 150 نائباً إعداد مشروع قانون عاجل لتعديل قانون الأسلحة والذخائر الساري حالياً للحيلولة دون حصول السيدات على تراخيص لحمل السلاح، وهو الأمر الذي لا تعارضه النائبات فقط، بل انضم إليهن وساندهن نواب من اليسار والمستقلين والليبراليين.
والمفارقة المثيرة أن التعديل الجديد المقترح يتبناه نواب الصعيد ضد زميلاتهن نائبات الصعيد أيضاً، ويقود الحملة التي تستهدف تعديل القانون لحرمان النائبات من حمل السلاح كل من النواب: أحمد أبو حجي والسيد الشريف وطلعت رسلان وغيرهم، ويبرر النواب الذين حملوا هذه القضية مطلبهم في صعوبة حمل المرأة للسلاح أو التعامل معه، حيث لم يسبق لها حتى مجرد التدريب عليه في الوقت الذي سبق وأن أدى الرجال الخدمة العسكرية، وتدربوا على حمل السلاح. اضافة إلى أن تكوين المرأة الفسيولوجي لا يسمح لها بحمل السلاح، فضلاً عن إن المجتمع المصري المحافظ يرفض أن تشارك المرأة الرجل في مثل هذه العمليات، أو حتى يراهن حاملات للأسلحة النارية.
أما النائبات اللاتي أثرن القضية فيأتي في مقدمتهن نائبتا الصعيد: زينب عبد الحميد الشيخ (عن بني سويف)، وناريمان الدرملي (عن سوهاج) فقد اعتبرتا أن اعتراض النواب الرجال على حمل النائبات للسلاح يستند إلى مغالطات غير مبررة، وينطوي على تمييز صارخ يصطدم مع الدستور المصري الذي لا يميز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، كما يصطدم مع واقع الحال، فهناك عدة سيدات بينهن رئيسات لجان تحت قبة البرلمان يجلسن إلى جانب الرجال ويشاركونهم الرأي والدور الرقابي على أعمال الحكومة، فهل يأتي بعد ذلك كله من يريد حرمان المرأة عموماً، والنائبات تحديداً من حمل وحيازة سلاح يمكن أن تدافع به عن نفسها ضد أي محاولة اعتداء عليهن، وقررن خوض المعركة حتى النهاية مدعومات بجهود المجلس الأعلى للمرأة، ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن دورهن كنائبات في البرلمان في ممارسة العمل التشريعي وإقرار القوانين.