القاهرة&- إيلاف: قالت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر الثلاثاء ان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش تعتزم تزويد مصر باربعة زوارق دورية مسلحة بالصواريخ البحرية في صفقة حجمها 400 مليون دولار اثارت قلق بعض انصار اسرائيل في الكونجرس الاميركي.
ونقلت الصحيفة عن مذكرة سرية ارسلت الى الكونجرس في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني قولها ان الادارة الامريكية ابلغت المشرعين بنيتها تزويد مصر بما يصل الى 53 صاروخا من طراز هاربون بلوك 2 واسلحة يتم توجيهها عبر الاقمار الصناعية التي تصنعها شركة بوينج.
ومضت الصحيفة تقول ان الصواريخ سيجرى تركيبها على اربعة "زوارق دورية سريعة" تنتجها شركة هالتر مارين في مسيسيبي.
وبالرغم من ان الولايات المتحدة تزود مصر بمساعدات عسكرية سنوية حجمها 3ر1 مليار دولار وفقا لاتفاقات كامب ديفيد للسلام التي جرى التوصل اليها عام 1978 الا ان صفقة هاربون هي اكثر الصفقات اثارة للجدل.
وتشير الصحيفة الى ان بعض المشرعين لا يرغبون في تزويد مصر بتكنولوجيا عالية يقولون انها قد تضر بتفوق اسرائيل العسكري على الدول المجاورة لها.
وقالت ان السناتور الديمقراطي جوزيف بيدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ كتب الى كولن باول وزير الخارجية الامريكي يطلب منه توضيح اسباب تقديم هذه الصفقة بينما أعرب السناتور الجمهوري جيسي هيلمز والديمقراطي توم لانتوس من لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب عن قلقهما، وقال لانتوس للصحفية "هدفنا هو ان تنعم مصر بالاستقرار والرخاء ولكننا لا نريد سباق تسلح بين اسرائيل ومصر.
"وزارة الخارجية تزيد من مبيعات الاسلحة لمصر وهو ما يعني في المقابل زيادة صفقات الاسلحة لاسرائيل"، واشارت الصحيفة الى ان وزارة الخارجية والبيت الابيض ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) رفضوا التعليق على الخطة.
ماهر في واشنطن
إلى ذلك وعلى صعيد متصل تتزامن رحلة& يقوم بها اليوم أحمد ماهر وزير خارجية مصر إلى واشنطن، مع هذا الجدل الدائر في أروقة الإدارة والكونجرس الأميركيين، ومع جهود أميركية وإقليمية ومصرية لإحياء عملية السلام في الشرق الاوسط بينما تأمل القاهرة في تحسين صورتها في الخارج واعطاء دفعة لاقتصادها المهتز.
ويقول محللون ان مصر الوسيط الاقليمي المهم منذ وقت طويل وأحد أقوى حلفاء واشنطن العرب وجدت في تعهد زعماء الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر بالقيام بدور نشط فرصة سانحة لتشجيع محادثات السلام.
ظهر توجه واشنطن جليا في خطاب وزير خارجيتها كولن باول في الاسبوع الماضي الذي أعلن فيه ارسال بعثة دبلوماسية لاحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين..
يرأس الجنرال المتقاعد أنتوني زيني ومساعد وزير الخارحية وليام بيرنز البعثة الاميركية التي وصلت الى المنطقة يوم الاثنين في محاولة للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار، وتتصدر المبادرة الاميركية جدول محادثات ماهر في واشنطن التي وصلها اليوم الثلاثاء.
ويعتقد محللون ان بتشجيعها الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين تستطيع القاهرة ابطال مزاعم منتقدين أميركيين يشككون في التزامها بعملية السلام وموقفها تجاه الحملة العسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد أفغانستان.
وفي الوقت نفسه يمكن أن تسهم جهود السلام في تنشيط اقتصادها المهتز وتحسين صورتها على الساحة العالمية كدولة معتدلة محبة للسلام جديرة بالاستثمارات والمعونات وازدهار السياحة.
قال محلل اسرائيلي في اشارة الى زيادة الاتصالات بين مسؤولين مصريين واسرائيليين وعرب وغيرهم "توجد عدة مؤشرات بأن مصر تشجع الان بقوة جدول الاعمال الاسرائيلي/الفلسطيني.، "انها سياسة الرئيس المصري حستي مبارك في الاستمرار. اثبت أنه رجل دولة متألق."، ومنذ معاهدة السلام التاريخية في 1979 أصبحت مصر وسيط السلام الرئيسي في المنطقة ودافعها مصالح اقتصادية وسياسية مرتبطة باستقرار الشرق الاوسط.
وتكمن شرعية مصر كوسيط في علاقاتها الفريدة بالدولة اليهودية ودورها الطبيعي كأكبر بلاد المنطقة سكانيا واعتقاد سائد بأنها خلية العالم العربي سياسيا وثقافيا واقتصاديا.
ولكن منذ أكثر من عام ارتطمت جهود السلام بطريق مسدود بعد انهيار المفاوضات وتفاقم العنف، ويقول دبلوماسيون أن مصر شعرت بالاحباط بسبب ما تعتقد أنه عدم أكتراث من الولايات المتحدة واسرائيل وربما حتى الفلسطينيين.
وأطلقت هجمات 11 سبتمبر أيلول على واشنطن ونيويورك عصرا جديدا حفز مصر على العمل لتنشيط جهود السلام.
قال د. حسن نافعه رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة "أقنعت الاحداث مصر بأنه اذا لم يتحقق سلام دائم وتنمية اقتصادية واستقرار سياسي سيستغل متطرفون في المنطقة الصراع العربي ـ الاسرائيلي."
واقتصاديا وجهت هجمات سبتمبر على أمريكا ضربة موجعة لمصر بتقلص عائداتها من السياحة والنفط وقناة السويس.
ويقول دبلوماسي أوروبي في القاهرة : "تدرك مصر مزايا السلام الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى.. انها القوة الدافعة للتوجه نحو السلام."
وسياسيا سلطت مزاعم بأن مصريين ضمن كبار المتورطين في أحداث سبتمبر أضواء غير مرغوب فيها على معركة مصر التي لم تنته بعد ضد التطرف.
وعندما امتنعت مصر عن الاعراب عن التأييد غير المشروط للحرب في أفغانستان تحسبا لرد فعل سلبي داخلي أثارت انتقادات زعماء سياسيين في واشنطن وفي وسائل الاعلام الأميركية، وعندما أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش انها معركة بين الخير والشر وصف منتقدون موقف القاهرة بأنه غير واضح.
قال المحلل الاسرائيلي "في البداية لم يكن مبارك واضحا بدرجة كافية. ولكنه حصيف جدا. بعد 11 سبتمبر صنف بوش العالم الى طيبين واشرار. ويريد مبارك الان أن يكون ضمن الاولاد الطيبين."
ويتوجس مسؤولون مصريون خيفة من أن تكون بيانات واشنطن عن الشرق الاوسط مجرد طنطنة جوفاء لكسب تأييد العرب لحربها ضد أفغانستان، ولكن باضفاء قوة على مساعي السلام تستطيع مصر أن تحفز أمريكا وحلفاءها على ترجمة الكلام الى أفعال، ويقول مصدر دبلوماسي مصري "نحاول حث الولايات المتحدة على التحرك الى أبعد من الكلام. واذا نجحنا على الاقل في جلوس الفلسطينيين والاسرائيليين الى مائدة المفاوضات فان هذا أفضل بكثير من استمرار سفك الدماء الذي نشهده الان."، وقال نافعه ان ماهر قد يلفت نظر واشنطن الى ان النافذة المفتوحة الان لن تظل كذلك مدة طويلة.