&
أغلب الظن ان لقاء رئيس الحكومة الاسرائيلي والمبعوثين الاميركيين، الجنرال المتقاعد انطوني زيني ومساعد وزير الخارجية السفير وليام بيرنز، لن يسفر عن تغيير حقيقي في نهج ارييل شارون.
فالجميع في الشرق الأوسط وفي الاتحاد الأوروبي وحتي في الإدارة الاميركية، مدرك بأن لا أمل بالسلام ولا بعودة المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين في وجود شارون في الحكم. وهذا الانطباع السائد في الشرق الأوسط، لمسه عدد من الديبلوماسيين الأوروبيين الذين زاروا أخيراً العواصم العربية والتقوا مسؤوليها. فحتي الدول التي تربطها معاهدة صلح مع اسرائيل مثل مصر والأردن، وتلك التي تنتقد بعض مواقف رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، مثل سورية، مقتنعة بأن لا أمل مع شارون.
كان وزير الخارجية الاميركي كولن باول، اعطي الانطباع بأن هناك رغبة اميركية مستجدة، في القيام بدور فاعل في الشرق الأوسط، عبر خطابه في لويزفيل في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي. وهو اكد فيه تمسك الولايات المتحدة بمبادئ مؤتمر مدريد، وشدد علي انهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ، وضرورة وقف النشاط الاستيطاني لأنه يعطل كل الجهود من اجل السلام .
وعلي رغم ان باول تغاضي عن اعطاء رؤية اميركية في مسألتي القدس واللاجئين، وهما جوهريتان، فإن خطابه كاد يكون بادرة أمل بإمكان قيام الولايات المتحدة بدور فعلي، لو لم تسبقه رسالة وجهها 89 عضواً في مجلس الشيوخ الي الرئيس الاميركي جورج بوش، لتحذره من الوقوع في خطأ ممارسة أي ضغط علي اسرائيل، أو تغيير السياسة الاميركية تجاه الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني .
وهكذا، فإن وجود شارون في الحكم، ولعب اللوبي الصهيوني بالسياسة الداخلية الاميركية، لا يحملان علي التفاؤل بالنسبة الي محادثات زيني وبيرنز مع رئيس الحكومة الاسرائيلي، ولا بالنسبة الي اللقاء المرتقب بين هذا الأخير وبين الرئيس بوش الاسبوع المقبل.
والواقع ان الادارة الاميركية برهنت دائماً انها لا تجيد الا ممارسة الضغوط علي العرب. حتي انها، في غمرة اعداد حملتها لمكافحة الارهاب الدولي، لم تجد افضل من اصدار لائحة ارهابية خاصة ضمنتها اسماء منظمات فلسطينية وتشمل ايضاً حزب الله اللبناني. وبدا واضحاً ان غرض هذه اللائحة هو إرضاء اسرائيل.
والإدارة الاميركية علي ادراك تام بأن سورية ولبنان لن يوافقا علي ادراج حزب الله علي لائحة الارهاب وتجميد ارصدته، استناداً الي موقفهما الثابت ومفاده ان الحزب، مقاوم وليس ارهابياً. كما ان الادارة الاميركية تعرف تماماً ان حزب الله ليس علي صلة بمنظمة القاعدة أو بأسامة بن لادن أو بما حصل في 11 ايلول (سبتمبر). لكنها ارادت توجيه تحذير لسورية بعدم اللجوء الي أي تصعيد علي الجبهة اللبنانية - الاسرائيلية.
تبدو القيادة السورية مدركة تماماً معني هذه الرسالة. فالرئيس بشار الأسد، خريج مدرسة استراتيجية والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهو مدرك طبيعة الممارسات الاميركية وضغوطها التي تستجيب للوبي الاسرائيلي. لذلك فهو يتعامل مع الوضع علي الجبهة اللبنانية - الاسرائيلية ببراغماتية.
لكن السؤال المطروح عربياً، علي كل المستويات هو: الي متي ستبقي الولايات المتحدة علي انحيازها الكلي والأعمي لاسرائيل؟ فعلي رغم ان تفجيرات 11 ايلول، لا علاقة لها بالصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، ألا تري الولايات المتحدة ان أطفال فلسطين الذين يرون أهلهم يسقطون تحت دبابات وبرصاص الجيش الاسرائيلي، سيجدون في ذلك ذريعة لإرهاب مستقبلي ضدها؟
فلو كان بوش يريد فعلاً ان يكون بطل الحملة العالمية علي الارهاب لكان ضغط علي شارون، خصوصاً أن 90 في المئة من اصوات اللوبي اليهودي الاميركي جاءت ضده خلال انتخابات الرئاسة الاميركية. وكان يفترض ان يكون متحرراً من ضغط هذا اللوبي ولو موقتاً، الا انه يفكر في الاستحقاق الرئاسي المقبل، وقبله الاستحقاق المتعلق بإعادة انتخاب أخيه حاكماً لفلوريدا.(الحياة اللندنية)