إيلاف : نبيل شرف الدين
في مشهد يذكر بالاستراتيجية التي قادت إلى سقوط مزار الشريف وقندوز من أيدي طالبان، أغارت الطائرات الأميركية التي تتحالف مع قوات التحالف الشمالي التي تشن هجمات أرضية لتضيف المزيد من الضغط على آخر معقل لطالبان في الجنوب في مدينة "قندهار" .
وفي الجانب الآخر من العالم ، أكد مصدر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) ، التقارير التي قالت بأن قوات التحالف قد قبضت على أحد كبار قادة القاعدة ، ولكنها لم تفصح عن شخصه حتى الآن ، بعد أن كانت قد أعلنت عن القبض على نجل الشيخ عمر عبد الرحمن ، الزعيم الروحي لتنظيم "الجماعة الإسلامية" المصري المحظور ، والذي ارتكب سلسلة من أعمال العنف في مصر خلال السنوات الماضية .
وقال بسم الله خان، نائب وزير دفاع التحالف في تصريح لوكالة أنباء أسوشيتد برس، أن الضغط على قندهار تمارسه الطائرات الأمريكية التي تدك مواقع طالبان بالقرب من مطار المدينة. وأضاف أن القتال اندلع في ضواحي قندهار وأن مقاتلين من التحالف "قد دخلوا المدينة". وقد شكك البنتاجون في هذا الادعاء، قائلاً أن مقاتلي التحالف من الممكن أن يكونوا في إقليم قندهار، المنطقة الأوسع. ولم يتم التوصل لسكان قندهار بالهاتف ولم يسمح لصحفيين غربيين بالدخول إلى قندهار ، وفي جنوب قندهار قال قائد معارض لطالبان أن الطائرات الأميركية تدك مواقع طالبان بالقرب من مطار المدينة ، وقد طلب رجال القبائل المحلية المساندة الجوية الأميركية في رسائل بثت بالراديو بعد أن أطلقت قوات طالبان صواريخ على مواقعهم.
فتوى طالبان
أما المقاتلون الذين ينتمون لعرق البشتون فيقتربون ببطء من قندهار بعد سيطرتهم على مدينة تاكتيه بول، التي تقع على الطريق الرئيسي بين الحدود الباكستانية وقندهار. وقد قال المقاتل خالد باشتون لوكالة أنباء رويترز بالهاتف من المدينة: "نحن نتحرك باتجاه قندهار ونتوقع أن ندخلها بعد أيام قليلة." وأضاف أن هؤلاء المقاتلين على بعد ثلاثة أميال من المطار، حيث ينفذ مقاتلي طالبان أوامر الملا محمد عمر، زعيمهم الروحي، بالثبات والقتال. يقول باشتون: "عقبتنا الكبرى هي الفتوى الدينية التي تدعو طالبان بالاستمرار في الجهاد. لهذا فقط لا يستسلمون." وكثير من المقاتلين في صفوف التحالف المساند للحملة الأميركية يقولون أن الكثير من مقاتلي طالبان يريدون الاستسلام، إلا أنهم مهددون بالموت من قبل المقاتلين العرب الموالين لأسامة بن لادن الذين يبدون مصممين على التصدي للهجوم الذي تهدد به قبائل البشتون المحلية .
وفي قندهار وردت أخبار عن إعدام طالبان لرجل أفغاني متهم بالتخابر لصالح أميركا ، وطبقاً لوكالة الأنباء الإسلامية الأفغانية، التي تتخذ من باكستان مقراً لها، فإن رجلاً غير معروف اتهم بالإفصاح عن أهداف للولايات المتحدة ليتم قصفها ، وقد قالت وكالة الأنباء في تقرير لها من قندهار أن الرجل قد تم القبض عليه بعد العثور معه على هاتف متصل بالقمر الصناعي وتم إعدامه في نقطة تعرف بمعبر الشهيد.
البحث عن بن لادن
وقال عائدون من أفغانستان كانوا قد عبروا إلى باكستان أن الطائرات الأميركية قصفت ناقلات بترول اليوم الخميس على الطرق بالقرب من قندهار وأيضاً مدرسة إسلامية بالقرب من مدينة تاكتيه بول حيث يتحصن مقاتلو طالبان الأجانب ، وقالت وكالة الأنباء الإسلامية الأفغانية التي تتخذ من باكستان مقراً لها أن القصف الجوي الأمريكي لثلاث قرى بالقرب من مطار المدينة يوم الأربعاء تسبب في مقتل خمسة عشر شخصاً .
وهكذا أصبح تعقب بن لادن وزعماء القاعدة هو هدف العمليات الأمريكية بعد أن سقطت معظم أفغانستان في أيدي قوات التحالف الشمالي المعادية لطالبان. ويعتقد أن هؤلاء الزعماء موجودون في جنوب أفغانستان، إلا أن استراتيجية وزارة الدفاع الأميركية تتضمن إرسال المزيد من الفرق لتعزيز العمليات الخاصة في الشمال ، وقال مسئولون من وزارة الدفاع طلبوا عدم ذكر أسمائهم أن قرابة العشرين من جنود المشاة الأميركيين التابعين لفرقة الجبال العاشرة قد تجمعوا خارج مدينة مزار الشريف في قوة رد فعل صغيرة لحماية الأميركيين الذين يقومون بعمليات خاصة هناك. يذكر أن ضابط المخابرات الأميركية السري جوني مايكل سبان قد قتل بالقرب من مزار الشريف في تمرد دموي قام به سجناء من المقاتلين الأجانب في صفوف طالبان. وقد أرسلت مجموعة ثانية من فرقة الجبال العاشرة إلى مطار باجرام بالقرب من كابول لتوفير الأمن هناك. وقد أرسلت الفرق من قاعدة استخدموها وألفاً من الجنود الأميركيين في جنوب أوزبكستان ، وقال المسئولون أن مهندسين إضافيين يتوقع أن يتم إرسالهم إلى مزار الشريف لإصلاح مرافق المطار القريب لأغراض رحلات طيران الإغاثة الإنسانية وربما لمهام قتالية. ويتوقعون أيضاً صدور أمر لقوة من قاعدة سلاح جو رامشتاين الألمانية بالتوجه إلى قرغيزستان، الدولة الجارة لأوزباكستان. وستعد وحدة سلاح الجو هذه مطاراً للطائرات الأميركية وربما الفرنسية وأعضاء التحالف الآخرين. وقالوا أيضاً أنهم قد يستغرقوا شهرين حتى تصبح تلك القاعدة كاملة التشغيل، بالرغم من أن رحلات طيران محدودة قد تستخدم هذا المطار. وتوحي الخطط التي ترمي إليها الحملة الأميركية وهي إطاحة طالبان واقتلاع شبكة القاعدة من المشتبه في تدبيرهم أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة أنها قد تستمر شهوراً.
حصار قندهار
عندما بدأ الصراع منذ سبعة أسابيع كانت طالبان تسيطر على تسعين في المئة من الأراضي الأفغانية لتتقلص سيطرتها الآن فقط على مدينة قندهار فقط جنوبي أفغانستان، التي تعتبر المركز الروحي للحركة الإسلامية المتعصبة. وقد خضعت المنطقة التي تقع حول المدينة لغارات أميركية متواصلة بينما يتجمع مقاتلو البشتون والتحالف الشمالي في شمال وجنوب قندهار. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن ألفاً من مشاة البحرية الأميركية يعززون موقعهم المتقدم في المطار الذي استولوا عليه شمالي غرب قندهار ، وتهدف مهمتهم إلى جمع معلومات مخابرات وسد سبل الهرب أمام مقاتلي طالبان وتنظيم القاعدة.
وقال مسئولون في وزارة الدفاع الأميركية أن الضربات الجوية يوم الثلاثاء استهدفت معسكراً جنوبي قندهار يعتقد أن به زعماء من طالبان والقاعدة. ويوم الأربعاء، صرح مسئول بالبنتاجون لوكالة رويترز طالباً عدم ذكر اسمه أن مقاتلي طالبان يحفرون بهمة في الركام"، وهي علامة على نجاح تلك الغارات. وكانت المتحدثة باسم البنتاجون، فيكتوريا كلارك، قد قالت أن مجموعة من المعلومات الاستخباراتية تشير إلى أن زعماء رفيعي المستوى لطالبان كانوا في المعسكر. إلا أننا لا نعرف ما إذا كان الملا عمر كان موجوداً هناك أم لا." وقد قالت وكالة أنباء باكستانية على لسان مسئول طالباني لم يعرف أن الملا عمر قد تم تهريبه عندما لاحظت مخابرات الحركة وجود رجلين يشتبه في تخابرهم مع الأمريكان. وستكون النقطة الرئيسية في السيطرة على قندهار هي أن تقع في أيدي قبائل البشتون المعارضة لطالبان. ويعد هذا العرق أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان وهي تشك في قبائل الطاجيك والأوزبك التي تشكل جوهر التحالف الشمالي. ويلتمس زعماء البشتون في الجنوب إقناع أعضاء الميليشا غير رفيعي المستوى بهجرة الحركة. ومع ذلك، فإن المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون مع طالبان والموالين لبن لادن من المحتمل أن يتسببوا في مواجهة دامية. وقرب الحدود الجنوبية في بلدة سبين بولداك، أوقف المفاوضون الطالبان سير المفاوضات مع رجال قبائل البشتون التي كانت تهدف إلى استسلام طالبان، بعد رفض المفاوضين غير الطالبانيين ضمان سلامة الموالين لبن لادن. وقالت مصادر قبلية أخرى أن المباحثات فشلت بسبب النزاع بين قبيلتين من عرق البشتون، كانت تريد كلا منهما السيطرة على سبين بولداك. وقد صرح قائد قبلي، جول أغا، لوكالة أنباء رويترز قائلاً أن الحرب الأهلية قد تندلع إذا حاولت قبيلة السيطرة بمفردها على سبين بولداك أو قندهار .