القاهرة&- إيلاف: في إطار المساعي العربية لتطويق تداعيات عمليات العنف الأخيرة في مناطق السلطة الفلسطينية، فقد أعلن في القاهرة أن العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك سيعقدان قمة "طارئة" بعد ظهر الاثنين في القاهرة لبحث العنف في الشرق الاوسط، ونقلت الوكالة الفرنسية عن مسئول أردني رفيع المستوى قوله إن عبد الله الثاني اكد في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على "اهمية افساح المجال امام الجهود والتحركات الدبلوماسية وخاصة الجهود التي يقوم بها مبعوثا السلام الاميركيان لتحقيق اهدافها في وقف فوري لاطلاق النار والعودة الى طاولة المفاوضات".
وأضاف المسئول إن العاهل الاردني تلقى اتصالا من عرفات بحث خلاله مع الرئيس الفلسطيني الوضع في اسرائيل والاراضي الفلسطينية.
وقد سقط ثلاثون قتيلا واكثر من 220 جريحا في عمليات انتحارية وهجمات نفذت منذ مساء امس السبت في اسرائيل وقطاع غزة واعلنت حماس مسؤوليتها عنها ، وقد شجب الاردن ومصر العمليات ضد اسرائيل. وهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان وقعا معاهدة سلام مع اسرائيل في 1994 و1979 على التوالي.
تسليم المدبرين
يأتي هذا في الوقت الذي طالب فيه رئيس الشرطة الإسرائيلية السلطة الفلسطينية بتسليم "مدبري الحوادث" لمحاكمتهم ، وعلى صعيد متصل فقد ناشدت الولايات المتحدة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون ، أن يأخذ في الاعتبار عواقب اي رد على التفجيرات القاتلة الاخيرة ، وعبرت على لسان وزير خارجيتها كولن باول بقوله :إن الرئيس جورج بوش سيترك الأمر لشارون ليقرر كيفية الرد الأنسب على ما حدث .
وكان باول قد صرح في برنامج (واجه الأمة) الذي تبثه شبكة تلفزيون CBS : "لسنا بصدد أن نملي على شارون ما يجب أن يفعله ، "ولكننا دائما نقول لكلا الجانبين ان عليكم التفكير في عواقب ما يحدث لاحقاً " .
وعربياً فقد قال الرئيس المصري حسني مبارك فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية :"إننا نأسف ان تقع تلك الأحداث في الوقت الذى تبذل فيه الجهود الدولية من اجل تهدئة الأوضاع بين الطرفين" ، وأضاف الرئيس مبارك أن مصر تدين كافة أعمال العنف المتبادل الذى يستهدف الأبرياء ،ونطالب بوقف كافة الأعمال الانتقامية والعسكرية حقنا للدماء .
كما طالب مبارك بضرورة التصدي لمحاولات نسف جهود السلام وان يتحمل الجميع مسئولياته تجاوبا مع تطلعات وجهود المجتمع الدولي التى ترمى إلى تحقيق الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ، واختتم مبارك تصريح بقوله بأنه لا بديل عن العودة إلي التفاوض والحوار و التخلي عن منطق استخدام القوة والانتقام .
زعامة عرفات
من جانبه قال وزير الخارجية الأميركي إنه تحدث مع الرئيس عرفات وكان واضحاً للغاية أنه "لا يمكن أن يمكن أن يكون هناك أي عذر أو قعود عن اتخاذ إجراء فوري وشامل ضد مرتكبي هذه الأعمال الوضيعة (على حد قوله)".
وقال باول انه لا يعرف ما اذا كان شارون سيطلع الرئيس بوش على خططه المتعلقة باي رد اسرائيلي على الهجمات.
وشدد المسؤولون الاميركيون الضغط على عرفات لوقف العنف وتباينت تقديراتهم لما اذا كان قادرا على تحقيق ذلك ، فقد اعرب وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد يوم الاحد عن شكه في سلطة عرفات ، بقوله في مقابلة مع تلفزيون (NBC) ان عرفات " ليس زعيما قويا على نحو خاص ولا اعرف انه يتمتع بسيطرة قوية على الموقف الفلسطيني الداخلي" .
ولكن باول قال "اعتقد انه يتمتع بمستوى من السيطرة يتيح له ان يفعل اكثر مما يفعل الان." ، وأضاف باول انه حث عرفات في اتصال هاتفي مساء السبت ان يسعى بقوة في ملاحقة المنظمات المسؤولة عن العنف .
وتابع باول قائلا "قلت له .. عليك ان ترد بشكل مناسب .. ولابد له ان يلاحق المنظمات التي ترتكب مثل هذه الاعمال الارهابية والتي تتفاخر بهذه الاعمال الارهابية" على حد قوله .
وكان بوش وشارون قد التقيا ظهر الاحد في البيت الابيض ، بعد أن تقرر تقديم موعد الاجتماع الى الاحد بدلا من يوم الاثنين ، بعد ان قرر شارون الاسراع بالعودة إلى إسرائيل ، في أعقاب الهجمات بالمتفجرات يومي السبت والاحد والتي اسفرت عن مقتل 25 شخصا على الاقل ، وإصابة أكثر من مائة .
وفي هجوم محكم التدبير نفذ فلسطينيون تفجيرا انتحاريا مزدوجا وتفجير سيارة ملغومة في القدس يوم السبت مما اسفر عن مقتل عشرة اسرائيليين واصابة 200 اخرين ، وفي مدينة حيفا في شمال اسرائيل قتل فلسطيني 15 اسرائيليا واصاب عشرات اخرين يوم الاحد عندما فجر نفسه بعد ثوان من صعوده الى حافلة ركاب.
ووصف دور جولد، وهو مستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، مذبحة القدس بأنها "واحدة من أكبر الهجمات الإرهابية(على حد قوله) في تاريخ إسرائيل" ، وأضاف : "إننا نحمل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شخصياً المسئولية عن موت الشبان الإسرائيليين الأبرياء".
وقال شهود العيان في القدس أنهم رأوا العديد من الجثث ملقاة على الأرض ، وقال موظفو الطوارئ الطبية أن أكثر من مائتي شخص قد أصيبوا بجراح متفاوتة ، ومعظمهم من الشباب في العشرينات من عمرهم ومن هم أصغر من ذلك. ويوجد أحد عشر شخصاً من بين هؤلاء الجرحى في حالة خطيرة جداً .
ويزدحم المركز التجاري "بن يهودا" عادة بالشباب الإسرائيلي في مساء السبت ، وكان هذا المركز هدفاً للهجمات الانتحارية في الماضي ومن بينها في عام 1997.
وبعد هذه التفجيرات بفترة وجيزة انفجرت قنبلة في إحدى السيارات التي تصطف بالقرب من المركز التجاري وذلك طبقاً لما ذكره رئيس الشرطة الإسرائيلي ميكي ليفي ، وكما يبدو لم يصاب أحد في هذا الانفجار ، ولدى سماع صوت هذا الانفجار الثالث أخذ المشاة يجرون في الشارع وقد أصابهم الفزع ، وقد طالب عرفات بتسليم مدبري الحادث لمحاكمتهم .
وكان الجنود الإسرائيليون قد قتلوا شابين فلسطينيين في وقت سابق من يوم السبت. وقال العاملون الطبيون الفلسطينيون وأفراد الأسر إن الرصاص أطلق على محمد سحلة ويبلغ 11 عاماً مما أدى إلى مقتله وذلك عندما كان يلقي مع تلاميذ مدارس آخرين الحجارة على دبابة إسرائيلية قرب قرية واد بوركين القريبة من جنين.
وعند المدخل الجنوبي المؤدي إلى المدينة، فتحت القوات الإسرائيلية النيران على رامي عزوز البالغ من العمر 18 عاماً، وقتلته عندما كان يحاول أن يعبر طريقاً منعت فيه المرور عربة مدرعة إسرائيلية كما يقول الشهود.
وفي قطاع غزة، نشب تبادل لإطلاق النيران استمر فترة قصيرة بين الأمن الفلسطيني وحركة الجهاد الإسلامي ، عندما كان البوليس يحول إلقاء القبض على عضو بهذه الحركة ، غير أنه لم تقع أية إصابات، وقال البوليس بعد ذلك إنه ألقى القبض على أحد المسئولين بحركة الجهاد الإسلامي هو محمد الهندي ، وكانت هذه هي المحاولة الثالثة خلال أسابيع عديدة لإلقاء القبض عليه. وقد اتهمت القيادة الفلسطينية إسرائيل بتصعيد الصراع لتخريب مهمة السلام الأميركية الجارية .