طوال ثلاثة أيام خلال الأسبوع الماضي جرت وقائع مذبحة بشعة في احدى القلاع المطلة على هضبة عالية في مزار شريف بأفغانستان‏,‏ ذهب ضحيتها عدة مئات من الأسرى الذي وقعوا في يد جنود التحالف الشمالي‏.‏ وتناقلت وكالات الأنباء والصحف تفاصيل المجزرة التي شارك فيها جنود امريكيون وبريطانيون‏,‏ من الذين ذهبوا إلي افغانستان في مهمة حضارية هدفها تصفية شبكات الارهاب والانتقال بالشعب الأفغاني من حالة التخلف التي هيأت تربة خصبة لبن لادن وطالبان إلي مرحلة أخري من التمدن والاستقرار‏!!‏
وخلافا لكل المواثيق الدولية التي تكفل حقوقا معينة للأسري تضمن الحفاظ علي حياتهم وتحميهم من البطش والتعذيب‏,‏ شاركت القوات الأمريكية أولا بقصف القلعة التي استخدمت كسجن للأسري من قوات طالبان الذين استسلموا‏,‏ حيث أمطرتها الطائرات الأمريكية بالقنابل من الجو‏.‏ ثم ترك للجنود الأمريكيين والأفغان من التحالف الإجهاز علي من بقي منهم بعد ذلك علي قيد الحياة‏,‏ وذلك بعد أن تم استجوابهم للحصول علي أية معلومات عن مكان بن لادن‏.‏
لم تعرف الأعداد الحقيقية لضحايا مذبحة القلعة‏,‏ ولكنهم قدروا بأكثر من‏700‏ أسير‏,‏ قيل إن معظمهم من الأفغان العرب المتطوعين الذين انضموا للنضال مع طالبان‏,‏ وينتمون إلي دول اسلامية عديدة مثل باكستان ومصر وبنجلاديش وكشمير وأوزبكستان وغيرها‏,‏ وتصل أعدادهم إلي عدة آلاف‏.‏ وتكن قوات التحالف كراهية عميقة لهؤلاء الأفغان العرب الذين انخرطوا في صفوف طالبان‏..‏ والذين انتهي بهم الأمر إلي الوقوع ضحية الصراع بين الفصائل الأفغانية‏,‏ سواء قبل‏11‏ سبتمبر أو بعدها‏.‏
ولا فرق كبير بين وحشية الأفغان وبربرية أساليب الحرب الأمريكية‏.‏ فقد رفض رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ان تتحمل امريكا مسئولية هؤلاء الأسري‏,‏ الذين غرر بهم من بلادهم ومن طالبان ومن الأفغان والأمريكان باسم الدين‏.‏
الدولة الوحيدة التي حاولت انقاذ جانب من مواطنيها هي باكستان‏,‏ التي نجحت في اجلاء بعضهم أثناء حصار قندوز‏.‏ أما مقاتلو القاعدة من الجنسيات الأخري فقد تخلي عنهم الجميع بما فيها بلادهم الأصلية‏.‏ وقالت الأمم المتحدة انها لاتملك امكانيات تسلم أي عدد من الأسري‏.‏ ونسيت امريكا وبريطانيا رغبتهما في محاكمتهم وهكذا انتهي الأمر بوقوع واحدة من أبشع المذابح في التاريخ ولن تكون الأخيرة علي الأرجح‏..‏ نفس المذابح التي يحاكم عليها الآن ميلوسفيتش وكاراديتش وغيرهما‏!!‏(الأهرام المصرية)