ايلاف- سمر عبد الملك: في ظل التصريحات المبهمة الصادرة عن الادارة الأميركية والتحليلات المتعددة لخبراء في محاولتهم قراءة ما بين السطور فيما يخص المرحلة التالية من الحملة الأميركية "ضد الارهاب"، تبقى الدولة التي سيسقط عليها الغضب الأميركي في هذه المرحلة المقبلة، بعد أن دخلت الحملة الأميركية مراحلها الأخيرة في أفغانستان، مجهولة الهوية، خصوصا بعد تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش بأن الحرب في أفغانستان ما هي الا بداية لحروب ضد الارهاب في دول أخرى من الممكن أن تدوم لسنوات.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" افادة عن رسمي في الادارة الأميركية، بأن ادارة بوش تحول تركيزها الآن الى كشف وابادة "الخلايا الارهابية النائمة" والجماعات المتورطة بها حول العالم.
تعتمد الولايات المتحدة أسلوبا ترهيبيا مع الدول لحثها على التحالف معها في حملتها ضد الارهاب حيث أنها هدفت بشكل واضح الى جعل حربها في أفغانستان مثلا لما قد يحصل للدول التي ترفض التعاون معها في حملتها ضد الارهاب.
وينتج عن هذا الأمر تساؤلات حول مصير الدول التي تزعم الولايات المتحدة وجود خليات ارهابية فيها، خصوصا ان ادارة بوش شملت عدة دول في تصريح صادر عنها سابقا، ولم تحدد التراتبية التي ستعتمدها في مطاردة أهدافها الارهابية في مرحلتها المقبلة، كما لم تعلن عن الأساليب التي تنوي استخدامها في استراتيجيتها المقبلة، تاركة المجال في التنبؤ والتحليل الاعلامي والسياسي وكذلك الصادر عن حلفائها مفتوحا.
ولقي التهديد الذي وجهته إدارة بوش الى الحكومة العراقية الأسبوع الماضي، والذي أشار الرئيس الاميركي الى أن صدام حسين "سيعرف" قريبا ما تنوي الولايات المتحدة فعله بشأن تطويره لأسلحة ارهابية، ردات فعل من دول متعددة حيث أن وزير الخارجية السورية فاروق الشرع اعتبر الهجوم على العراق "خطأ ميتا"، وكذلك وزير الدفاع الروسي، سيرغي إيفانوف أفاد بأنه يجب على أميركا أن تبدأ بازالة المجموعات الارهابية من الدول الأخرى أولا.&
وصرح أمس وزير الخارجية الأميركية، كولين باول، بأنه لم يقدم أي من مستشاري الأمن الوطني في ادارة بوش، بمن فيهم هو نفسه، "النصائح الى الرئيس بوش" حول المرحلة المقبلة من الحرب وأين يجب أن تتركز. أضاف باول أن بوش لم يقرر بعد "ونحن في الوقت الحالي نركز على ملاحقة الشبكات التابعة لتنظيم القاعدة" حول العالم كما "نراقب المنظمات الأخرى" المتورطة بالارهاب.
&
واشار تصريح الرئيس بوش الأسبوع الماضي الى أن الولايات المتحدة تتحضر لدخول حرب عسكرية هجومية في حملتها العالمية ضد الارهاب.
وأفاد مسؤول رسمي في البيت الأبيض بأنه من الممكن أن يكون هناك خليات ارهابية أخرى مثل التي كانت مختبئة في الولايات المتحدة تحضر لاعتداءات ارهابية أخرى كالتي تمكنت من ترجمتها الى أفعال في 11 أيلول (سبتمبر) من دون ملاحظت الدولة لوجودها قبلا.
ويرى الرسمي من البيت الأبيض أن أهم ما استنتجته الولايات المتحدة بعد حربها في أفغانستان هو أن عامل الأساس في كشف الخلايا الارهابية التي تزعم الحكومة الأميركية أنتشارها في حوالي ستين دولة هو في توحيد جهود وكلات الاستخبارات العالمية، القوات الداعمة للقوانين، العلاقات الدبلوماسية والعسكرية.
الخطوات الأميركية الحالية
عرضت الولايات المتحدة معاونة بعض الدول التي زعمت وجود خليات ارهابية فيها، حيث أرسلت ادارة بوش قوات عسكرية لمعاونة الفيليبين في الهجوم على جماعة أبو سياف التي لها علاقات تاريخية مع تنظيم القاعدة. كما أخبر بوش الأسبوع الماضي رئيس الوزراء الاسباني، خوسيه ماريا أثنار بأنه سيرسل رسيميين من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيق الفدرالي الى اسبانيا حيث تم القاء القبض على عملاء زعم تورطهم مع القاعدة.
إضافة الى ذلك أطلق مكتب التحقيق الفدرالي يوم الجمعة الماضي برنامجا تدريبيا في باكستان، التي وعدتها الحكومة الأميركية بمبلغ مليار دولار لمساعدتها عسكريا واقتصاديا، لمساعدة الضباط وتدريبهم على ملاحقة المشتبه بتورطهم بالارهاب في المطارات االباكستانية.
الخطوات التالية
بعد هذه التدابير التي اتخذتها أميركا، يصعب تحديد توجه الحملة الأميركية في المرحلة المقبلة خصوصا في ظل المطالبة الاسرائيلية بأن تتخذ أميركا التدابير اللازمة بحق جماعات في الشرق الأوسط مثل حركة حماس، حزب الله والجهاد الاسلامي والمرعية من سوريا، لبنان وايران، والتي تصنفها اسرائيل بأنها ارهابية. الا أن هذه الجماعات ليست على علاقة باعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية التي أطلقت الحملة الأميركية.
كما وأن& وجهات النظر حول حزب الله تختصف في أوروبا، حيث يعتبر البعض أن حرب هذه الجماعات هي مع اسرائيل وليست مع الولايات المتحدة الأميركية. وأكد قادة في حزب الله بأنهم لم يستهدفوا أميركا في أي من هجماتهم منذ سنوات عدة.
وتجدر الاشارة الى أنه في حال قررت أميركا تحويل حملتها الى هذه الجماعات، فهذا الأمر سيطال الدول الداعمة لها مثل سوريا وايران.
من جهتها، رأت مجلة نيوزويك في عددها الصادر اليوم انه "يبدو جلياً أن العديد من هذه الدول- ولا سيما العراق وسوريا- تخشى من أنها قد تظهر قريباً على شاشات التلفزيون ضمن "المرحلة الثانية للضربات الأمريكية". وقد زادت الاحتمالات بالنسبة إلى سوريا منذ أسبوعين عندما اغتالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي تتخذ من دمشق مقراً لها، وزير السياحة الإسرائيلي .
وتبدو العراق في صورة أكثر عصبية.& وتعتبر الإطاحة بصدام أمراً ممكناً من الناحية العسكرية، ولكن ليس بدون الإطاحة بالتأييد الضئيل، الذي يعد هاماً (في الوقت ذاته)، والذي تحظى به أميركا حالياً في العالم العربي.
وتبقى الدولة أو الدول التالية التي تنوي الولايات المتحدة توجيه حملتها اليها ضمن إطار المجهول، حيث أفاد رسميون أنهم حاليا "لا يملكون جوابا" بشأن توجه الحملة الأميركية، فهم "لا يعرفون". الا انه من الخطأ اعتبار أن جميع الدول السبع "المنبوذة" طبقاً لسياسة الولايات المتحدة الرسمية ستبقى ساكنة.