لا أدعي أن لدي معلومات أكثر من التي لديك عن افغانستان‏,‏ ما يحدث وما سوف يحدث؟ ولذلك فالكتابه عن افغانستان لا تغري الكاتب ولا القارئ‏,‏ فقد استطاعت وسائل الإعلام أن تقدم لنا طعاما واحدا‏,‏ أكثره يبعث علي القرف واليأس ويجعل بداية القرن سوداء مثل نهاية القرن الماضي ونهاية هذا القرن‏...‏
فقد اعتدنا علي الغارات الأمريكية العنيفة علي افغانستان ــ مدنيين وعسكريين‏,‏ طالبان وغير طالبان‏,‏ وأكثر المعلومات خافية علينا‏...‏ فنحن لا نعرف ان هناك قنابل انشطارية وارتجاجية ونووية نظيفة وغازات سامة‏,‏ ولا نعرف كم عدد القتلي‏...‏ ولكن نستطيع ان نري الافغان الامريكان يغتالون الافغان الطالبان ــ أي أن افغانستان تأكل نفسها‏,‏ وأن المسلمين يقتلون المسلمين‏,‏ ولكن ما الذي فعلته أمريكا وحلفاؤها فلا نعرف‏...‏
ثم اننا قد اعتدنا علي الحروب غير المتكافئه‏,‏ وعلي أن الأرض تحكمها امريكا والعالم كله يجري وراءها طمعا في الدولار أو في البترول‏,‏ ولذلك لا نستبعد ان تواصل امريكا ضربه للعراق والتخلص من صدام حسين بعد أن تجاوز عمره الافتراضي‏..‏ وكذلك بن لادن الأمريكي النشأة قد خرج عن‏(‏ النص المكتوب‏)‏ وهو أن يكون عميلا أمريكيا ضد روسيا‏..‏ فلما خرجت روسيا كان من الواجب أن يظل العميل الأمريكي في قلب حقول البترول الموجودة في الجمهوريات السوفيتية السابقة التي اغرقتها أمريكا بالهامبورجر والكوكا والجينز والافلام العارية والدولارات‏!‏
ومن الممكن ــ كما اعتدنا ــ ان تضرب أمريكا السودان ــ لا من البعد كما فعل كلينتون ولكن من فوق ومن تحت‏...‏ وأن تشجع علي تمزيق السودان‏:‏ شمال عربي مسلم وجنوب مسيحي وثني‏..‏ والسوداني الجنوبي هو الأهم حيث البترول ومصادر مياه النيل واللعب فيها‏!‏
وكذلك ليبيا ولبنان‏,‏ وليست أمريكا في حاجة إلي لافتات تتقدم قواتها وطائراتها وجواسيسها في هذه البلاد‏,‏ فنحن الآن نعرف أنها قادرة علي أن تهدد‏,‏ وأن تمشي الدنيا وراءها‏,‏ وأن تتسابق في ارضائها‏.‏
وهكذا يكون الابن بوش قد نفذ كل ما أراده الاب بوش‏..‏ وقد قدم للشعب الأمريكي كل مسوغات تعيينه لفترة رياسية قادمة‏!‏(الأهرام المصرية)