كتبت ـ أسماء الحسيني :أكد الدكتور لام أكول وزير النقل السوداني والقيادي الجنوبي البارز‏,‏ أن دور مصر مقبول لدي الجنوبيين في السودان بما قدمته لهم من عطاء كبير في الماضي‏,‏ وقال في حديث خاص لمندوبة الأهرام إن المبادرة المصرية ـ الليبية ليست مبادرة عربية في مواجهة مبادرة الإيجاد الإفريقية‏,‏ وإنما تمثل جهودا مخلصة من دولتين شقيقتين تريدان الإسهام في حل مشكلات السودان‏,‏ لكنه أشار الي اغفالها حق تقرير المصير الذي يتمسك به الجنوبيون باعتباره الضمانة لحصولهم علي حقوقهم‏.‏
وانتقد أكول تعيين ولاة الولايات في إطار الحكم الاتحادي بالسودان حاليا‏,‏ وطالب بالمشاركة الفعالة في أجهزة الحزب الحاكم بالسودان‏,‏ وتفعيل المؤسسية والشوري والشفافية داخله‏.‏
وتوقع خروج الحزب الاتحادي السوداني من التجمع المعارض قريبا‏,‏ وعودته الي السودان‏,‏ وقال إنه لن يبقي بالتجمع المعارض في نهاية المطاف سوي الحركة الشعبية التي يتزعمها جون جارانج والحزب الشيوعي وقوات التحالف‏.‏
وأكد لام أكول إنه لم يعد كافيا أن يعترف الشماليون في السودان بحقوق الجنوبيين‏,‏ وقال إن تقديم الشماليين الاعتذار للجنوبيين عن المظالم التي وقعت في حقهم بالماضي لايكفي‏,‏ فلابد من مخاطبة تلك المظالم ومعالجتها حتي تزول‏,‏ وحتي يشعر الجميع أنهم جزء من السودان‏,‏ وأن لهم حقوقا وواجبات متساوية‏,‏ لايفرق بينهم سوي مقدار العطاء‏.‏
وقال أكول إن الجنوبيين حينما يتحدثون اليوم عن حق تقرير المصير‏,‏ فإن ذلك لايعني إنهم يريدون الانفصال‏,‏ وإنما يعني طرح خياري الوحدة أو الانفصال‏,‏ وأن كليهما سيكون واردا‏.‏
ودعا الشماليين في السودان الي إيجاد الجو المناسب لتعزيز خيار الوحدة لدي الجنوبيين‏,‏ مؤكدا أن الجنوبيين لن يتنازلوا عن حق تقرير المصير حتي يتأكدوا أن حقوقهم المهضومة ردت إليهم‏,‏ وقال إن الذين يتحدثون عن الوحدة في ظل هيمنة جزء من السودان علي أجزاء أخري لابد أن يغيروا سياساتهم الي أخري أكثر شمولا ورعاية لكل الشعب السوداني‏.‏
وقال إنه لابد من تغيير الخطاب السياسي في السودان من خطاب يقسم الناس‏,‏ الي خطاب يوحدهم ويلم شملهم‏,‏ وأن الكرة الآن في ملعب الآخرين وليس الحنوبيين‏,‏ مشيرا الي أن الحكومات السودانية المتعاقبة عمقت قضية الجنوب وعجزت عن حلها‏.‏
وأعرب عن اعتقاده بأن مهمة المبادرة المصرية ـ الليبية بشأن السودان‏,‏ هي إيجاد المناخ المناسب واقناع الأطراف السودانية بالجلوس للنقاش والوصول لحل مقبول للجميع‏,‏ ولايجب أن يدعي طرف أن لديه مواقف لاتقبل النقاش‏,‏ فيجب أن تخضع كل الأمور للتفاوض‏,‏ حتي تتبلور رؤية مقبولة من الجميع‏.‏
وحول الدور الأمريكي الراهن في السودان‏,‏ قال أكول إن الولايات المتحدة ليست جديدة علي المشكلة السودانية‏,‏ ويمكنها أن تضغط علي أطراف النزاع‏,‏ ومن يؤثر في هذا النزاع لوقف الحرب اذا اقتنعت أنها تريد الحل السلمي في السودان‏,‏ مشيرا الي أن واشنطن تابعت قضية الجنوب كشريك من شركاء منظمة الإيجاد‏,‏ وعبر نفوذها في المنطقة مع دول جوار السودان‏,‏ وعبر علاقاتها مع الحركة الشعبية بزعامة جارانج‏,‏ والآن من خلال علاقتها التي بدأت في التحسن مع الحكومة‏.‏
وقال أكول إن الجنوبيين كانوا أكثر السودانيين حرصا وإصرارا علي وحدة بلادهم‏,‏ حتي أنهم كانوا يسمون كل البنوك والشوارع والفنادق والآبار باسم الوحدة‏,‏ وسموا إحدي ولاياتهم ولاية الوحدة‏.‏
لكنه أضاف أنه لابد من دراسة الأسباب التاريخية التي حدت ببعض الجنوبيين اليوم‏,‏ الي المطالبة بانفصال الجنوب‏,‏ وأوضح أن الجنوبيين يطالبون بالمساواة وبإدارة أمورهم دون وصاية من أحد‏,‏ ويعتبرون أنفسهم مجموعة موحدة موجودة في النسيج الاجتماعي السوداني‏,‏ لكن كل الحكومات التي أتت منذ الرئيس الأسبق جعفر نميري فشلت في مخاطبة هذه الرغبة الأكيدة لدي الجنوبيين‏,‏ والتي تشكل أساسا للوحدة المبنية علي العدالة والديمقراطية والمساواة‏.‏
ودعا الي الاستفادة من اتفاقية أديس أبابا عام‏1972,‏ بوصفها الاتفاقية التي استطاعت إحلال السلام في السودان لمدة‏11‏ عاما‏,‏ وخاطبت قضايا أساسية في جوهر مشكلة الجنوب‏,‏ وأهمها أن يختار الجنوبيون قياداتهم دون وصاية من أحد‏,‏ وأن الجنوب وحدة سياسية واحدة تجاه الشمال‏,‏ رغم التباين الموجود داخلها‏,‏ مشيرا الي أن الاتفاقية انهارت عندما تراجع نميري عن هذين الشرطين‏,‏ وقامت الحرب مرة أخري عندما قسم نميري الجنوب الي‏3‏ أقاليم‏,‏ وأصبح يعين حكام تلك الولايات بدون انتخاب‏.‏
وأشار أكول الي أن تاريخ العلاقات بين الشمال والجنوب بالسودان مليء بنقض العهود والمواثيق‏,‏ وهو ما لا ينبغي أن يتكرر الآن ثانية‏,‏ حيث تريد بعض القوي الشمالية التنصل من حق تقرير المصير الذي اعترفت به جميعها‏,‏ حيث وقعت عليه الحكومة في اتفاقيتي الخرطوم وفاشودة‏,‏ والمعارضة في مقررات أسمرة المصيرية‏,‏ وأكد أن تراجع القوي الشمالية الآن عن اعترافها بحق تقرير المصير يعزز فرص الانفصال ويدعو الجنوبيين الي فقد الثقة بالشماليين‏.‏(الأهرام المصرية)