&
ايلاف - طارق السعدي: منذ العهود الاولى لظهور شبكة الانترنت وهذه الاخيرة تعتبر فضاء رائعا لحرية التعبير، لكن بعضهم لا يتردد في استعمال هذه الاداة السحرية في طرح او "التنديد" بأي شيء. وهكذا يتحول الخصوصي الى العالمي مع كل النتائج السلبية التي يمكن ان تترتب عن ذلك. لكن هل يملكون حقا مطلقا فيما يصنعون؟
فقد انتشرت على صفحات الويب عشرات من المواقع الشخصية منها على الخصوص والتي تحاول القاء الاضواء الكاشفة الفاضحة على سلوكات يعتبرها اصحاب هذه المواقع بالمشينة او سياسات تجارية مزيفة او لجوء مشغليهم الى اساليب غير قانونية اثناء تشغيلهم او اتجاه زبائن المؤسسة...
الكثيرون منا يعتبرون نشر الغسيل الوسخ لأي كان على شبكة الانترنت امرا محمودا وهو من حسنات الشبكة بل تضمنه الحرية "المطلقة" للويب. بل ان البعض منا يفتخر بتواجد هذا النوع من المواقع ويدعو الى نموها المتواصل.
لكن ينسى الجميع بان القوانين والتشريعات والاعراف العالمية واضحة في هذا الاتجاه فحريتك مقيدة دائما بمجال حرية الآخر. تنتهي حريتي عند حدود حرية الآخر. وهذه مقولات اصولية شهيرة يعلمها الجميع ولايمكن عذر الجاهلين بها ابدا.
فكم من مرة فكرت وانا "أدين" الآخر، كوني قد اعتديت على حريته وحقه في الاختلاف والتعبير، بل والوجود حتى؟!
فقد حدث بالمغرب مؤخرا أن "تجرد جبان يختفي وراء اسم مستعار (كما وصفه بيان مندد على الانترنت) من كل القيم الإنسانية ليحول حياة فتاة بريئة إلى جحيم لا يطاق".&
"ابتدأت الحكاية عندما تعرف عليها و أبدى إعجابه بها معبرا عن رغبته في الارتباط بها بغرض بناء أسرة فوافقت بدون تردد. غير أنها أخذت يوما بعد يوم تلاحظ زيف الوعود مما أدى بها في النهاية إلى فسخ خطوبتها منه...بعد مناقشة حادة و صريحة& واجهنه فيها بالأسباب التي دفعتها إلى الافتراق عنه".
لكن هذا الخطيب السابق "وبعد عدة محاولات عديدة لاستعادة علاقته بها، استعمل فيها الترغيب تارة و الترهيب تارة أخرى لجأ إلى التشهير،& حيث أخذ يشهر بها على صفحات الانترنيت متخفيا و راء بريد مستعار هو& [email protected]& عن طريق نشر إعلانات& مخلة بالآداب& باسمها و اسم أفراد عائلتها".
"وبعدما علمت بالأمـر،& عندما أصبح العابثون يتصلون بها و بأفراد عائلتها على هواتفهم الشخصية التي كان هذا الشخص يمدهم بها،& حاولت الاتصال بصاحب الموقع الذي نشرت فيه الإعلانات بقصد بترها من دون جدوى. كما أن الشخص& المعني لا زال يهددها و يتوعدها و يدعي أنه يتمتع بحمايـة خاصة من شخصية نافذة جدا تجعله في منأى عن أي عقاب".
لذلك قررت مجموعة من الشخصيات الحقوقية بالمغرب مساندتها و تكوين لجنة لجنة مساندة ومارست ضغوطاتها حتى تم حذف الاعلان المذكور المخل بحريتها الشخصية وكذا الغاء بريدها الالكتروني الذي تم استغلاله من طرف الخاطب السابق الذي فقد صوابه.
في هذه الحالة ربما كانت صاحبتنا محظوظة لتواجد اناس حقوقين بالقرب منها ساندوها واستغلوا نفس الاداة التواصلية لرد الحيف عنها. لكن في فرنسا حدثت قصة مغايرة لعب الانترنت دور الرابط.
قرر مؤخرا فرنسي تم طرده من مؤسسة معلوماتية تصميم موقع على الانترنت للتنديد بقرار طرده معتبرا اياه قرار تعسفيا.
وعلى الموقع يشرح مايعتبره الاسباب الحقيقية التي ادت الى عزله عن وظيفته وصور مشغليه السابقين في وضعية لايحسدون عليها ابدا.
بل انه ارسل بيانا الكترونيا الى كل زملائه السابقين على بريدهم المهني ودعاهم الى فهم الحقيقة من خلال زيارتهم لموقعه وزودهم بعنوانه في نفي الارسال.
الا ان مشغله السابق اخذ الموضوع بجدية ووصلت الامور الى قاضي التحقيق بباريس حيث اعتبر هذا الاخير صاحب الموقع بانه نهج سلوكا لايليق مع مشغله السابق وحكم عليه باداء فرنك فرنسي واحد كتعويض على الضرر المرتكب في حق المشغل!.
هذه "النازلة" تحيلنا على عبرة اساسية فالقاضي هنا لايهمه في هذه الحالة الكشف عن الحقيقة وعن من هو الصادق أالمشغل ام المستخدم المطرود؟ وهل ادعاءات الطرفين قائمة على اسس موضوعية او قانونية. بل ان حكم القاضي جاء فقط للتذكير بحدود حرية التعبير التي نعتبرها شططا -مع عهد الانترنت- مطلقة وتصل سعتها الى آلاف الجيغابايت.
فلتسقط كل المشاريع الانترنيتية التي لاتؤمن بحرية الآخر...