حاوره ساطع نور الدين : التحليق فوق الازمات لا يشبه السير وسط حقول الألغام، لا سيما بالنسبة الى الطيار السابق الذي ما أن يخرج مصر من أزمة حتى يصطدم بأزمة اكبر، بعضها داخلي اقتصادي اساسا، ومعظمها خارجي يفرضه الموقع والمكانة والتاريخ.
ليست مصر، ولا رئيسها حسني مبارك في خوف من الحرب العالمية الدائرة حاليا في افغانستان، بل من آثارها البعيدة المدى، من مراحلها اللاحقة، الاحساس العام انها حرب تدور على تخوم العالم الاسلامي، بل في مجاهله البعيدة التي لا تمت الى الاسلام المصري ذي الطابع المعتدل، برغم وجود بعض الاسلاميين المصريين المغرّر بهم هناك...
ثمة ارتياح ضمني لان الحرب ستنهي حسب الرئيس مبارك ظاهرة الارهاب غير الاصيلة في التراث الاسلامي العريق، وستعيد انتاج صورة الاسلام الحقيقية وصورة المسلم الحقيقي، التي شوهها نفر من الارهابيين.
لكن ذلك لا يعني ان مصر تعتبر ان الحرب على افغانستان كانت الخيار الصحيح او ربما الخيار الوحيد، وأن نتائجها ستكون ايجابية، حتى بالنسبة الى افغانستان حيث يميل الرئيس مبارك الى الاعتقاد ان الحروب الاهلية ستستمر بين الفصائل الافغانية <<ويا ويل اللي ح يرسل قواته الى هناك. أنا لن افعل ذلك، ولن ارسل ابناء مصر الى افغانستان>>.
القلق هو مما بعد تلك الحرب التي تدور خارج اولويات الشارع المصري الى حد ما. هل ستكون المرحلة الثانية هي ضرب العراق؟ يقول الرئيس مبارك انه يشك في ذلك، لكنه يخشى صراحة من سلوك بغداد التي يبدو في بعض الاحيان انها تستدعي الضربة الاميركية اكثر مما تسعى الى تجنبها.
لكن الرئيس مبارك لا يجزم كما جزم الملك الاردني عبد الله مؤخراً بأن الضربة غير واردة للعراق، لكنه يبذل قصارى جهده لكي يعدل في السلوك السياسي العراقي، بقدر ما يلح في تحذيره لاميركا من مغبة استهداف العراق.
اسئلة الحرب الافغانية وما بعدها تبقى معلّقة، لكنها حاضرة في جدول الاعمال المصري، فقط من زاوية انعكاساتها العربية، لا على العراق وحده انما على بقية دول الخليج العربي، التي تواجه اليوم تحديات داخلية وخارجية لم يسبق لها مثيل، ولم تعهدها او تتوقعها اي من هذه الدول.
لكن السؤال المركزي المطروح على مصر رئيسا وحكومة وشعبا اكثر من اي وقت مضى هو السؤال الفلسطيني، الذي يبدو في بعض الاحيان سؤالا حدوديا، كما يبدو شأنا داخليا يتصل بالانتماء والدور والمكانة... وحالة التوتر القائمة حاليا مع اسرائيل، التي استعادت بتصرفات قادتها وتجاوزاتهم ضد الفلسطينيين وتصريحاتهم الاستفزازية موقعها الشعبي كمصدر قلق مناخ عداء، وموقعها الرسمي كمعضلة شائكة لن تجد حلا لها في المستقبل المنظور.
لكن هذه النظرة تختلف الى حد بعيد عما كان شائعا في مصر قبل الانتفاضة من حوارات مع الاسرائيليين حول السلام وحول متفرعاته النظرية العديدة مثل الشرق اوسطية ومناطق التجارة الحرة، وهي حوارات اسقطتها الاحداث والاعمار. والمواقف الاسرائيلية الغريبة، ولم يعد يسمع صوت مصري واحد ينادي باستئنافها، او يراهن جديا على ان اصوات التعقل يمكن ان تتردد من جديد في اسرائيل، على الاقل في المدى المنظور، حيث المهمة المصرية الاكثر إلحاحا هي درء المخاطر والانهيارات الكبرى، وتجنيب المنطقة تهديدا يلوح في الأفق خلال خمس سنوات، حسب تقدير الرئيس مبارك، بالدمار بالاسلحة النووية او الكيميائية او البيولوجية.
من هذه الزاوية، لا تخفي مصر عتبها على الجانب الفلسطيني الذي لم يدرك حالة الجنون السياسي الاسرائيلي التي تحاول ان تستفيد ايضا من الحرب العالمية على الارهاب.. والذي يعطي بين الحين والآخر حكومة ارييل شارون الذريعة للمزيد من البطش والقتل والحصار، بدل ان يحاول تجريد تلك الحكومة من جميع الذرائع للمضي قدما في مشروعها المعطل للسلام، والمؤدي الى الدمار الاقليمي الشامل.
لكن ذلك لا يعني ان مصر سحبت غطاءها عن الجانب الفلسطيني او هي بصدد تركه وحيدا يواجه مصيرا أسود مع حكومة شارون، بل على العكس من ذلك فهي تبذل جهودا غير عادية من اجل اطفاء الحريق وحقن الدماء، بما في ذلك تجديد الاتصال، عبر وزير الخارجية احمد ماهر، مع حكومة شارون الذي لا تكن له الادارة المصرية أي ود، بل يكاد الرئيس مبارك يعبر صراحة عن فقدان الامل بإمكان التقدم نحو السلام مع شارون.
الغضب هو ما شعرت به القاهرة لدى إعلان شارون الحرب على السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الاعزل، وهو عمل وصفه الرئيس مبارك بأنه خطيروسخيف للغاية، ولن يؤدي الى اخراج المنطقة من الحلقة المفرغة من الفعل وردات الفعل. وأكد انه من الوهم الاعتقاد ان الشعب الفلسطيني اليائس سيقف مكتوف الأيدي ولن يرد على هذه الحرب، بالأشكال المتاحة له، وفي الداخل والخارج.
والرئيس مبارك مرتاح لأن أميركا ما زالت متورطة في العمل من أجل السلام في المنطقة، والنظرة المصرية ايجابية ومشجعة الى مقترحات وزير الخارجية الأميركية كولن باول الأخيرة، التي تشكل حلقة من سلسلة تبدأ بتقرير ميتشل وتقرير تينيت، <<لكن المهم التنفيذ او الشروع في التنفيذ>> وإعادة المفاوض الإسرائيلي الى المائدة التي ليس لها بديل.
والرهان على الدور الأميركي كان وما زال كبيرا، لأن أميركا قادرة فعلا، حسب الرئيس مبارك، وبغض النظر عن التفاصيل، على إعادة إسرائيل الى مسار السلام والى منطق السلام ولو بعد حين.. لذلك لا يرى حاجة الى مشروع سلام عربي في هذه المرحلة، حتى لا تتضارب المشاريع وتتنصل إسرائيل وتجد مهربا من طاولة المفاوضات..
مقترحات باول كافية وحدها، ويمكن ان تشكل أساسا سليما للوصول الى مفاوضات الوضع النهائي التي طال تعثرها، والتي كادت تصل الى نتيجة في كامب ديفيد الثانية العام الماضي، لو لم يحصل ما حصل.. وهناك التفاف عربي حول هذه المقترحات التي تحدثت فيها أميركا وللمرة الأولى علنا عن دولة فلسطينية وعن ضرورة زوال الاحتلال من جميع الأراضي العربية المحتلة..
وفي هذا السياق، يبدو الرئيس مبارك مطمئنا الى الوضع على الحدود اللبنانية السورية، وداخل لبنان وسوريا، ويعرض المساعدة في أي شأن تحتاجه الدولتان، لأن المسؤولية المصرية تستدعي مثل هذا العرض، ولأن الاستقرار الاقليمي يتطلب مثل هذا التوجه.
ثمة تقدير للمقاومة اللبنانية التي خرج منها حسب تعبير الرئيس مبارك الشباب الذين قاوموا وحرروا أرضهم من الاحتلال ولا يمكن ان يصنفوا كإرهابيين، تماما مثلما لا يمكن ان يصنف الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه ويريد استردادها، إرهابيا.. لكن قضية مزارع شبعا يمكن ان تكون مفتاح عودة الجميع الى طاولة المفاوضات، وقد تركها الإسرائيليون متعمدين تحت الاحتلال لهذا الغرض.
عند سؤال الرئيس مبارك عن الجوانب الأخرى من العلاقات المصرية اللبنانية، فإنه يقاطع دوما بسؤال عما إذا كانت هناك مشكلة محددة لكي يتم النظر فيها فورا، سواء على مستوى التجارة او مشروع الغاز.. وعندما يتيقن من انه ليست هناك مشكلة يجدد ثقته بأن ما بين البلدين والشعبين أكبر بكثير مما هو قائم بين أي دولتين عربيتين..
لبنان على موعد مع الرئيس مبارك في القمة العربية المقبلة في شهر مارس آذار المقبل، والقاهرة تساهم في التحضيرات التي بدأت بالفعل على مستوى الوفود التقنية والإدارية، وهي تنتظر أي طلب لبناني بهذا الشأن، لكي لا تتردد، لأنه من الآن وحتى ذلك التاريخ، تبدو المنطقة مقبلة على تحديات غير مألوفة من قبل.
الحديث مع الرئيس مبارك في مكتبه في قصر الاتحادية طال أكثر من الوقت المحدد له، لأن الرجل الذي تظلمه صورته الخارجية وتعطي الانطباع بأنه قاس بعض الشيء، عبّر عن طبيعته الودودة، على المستوى الشخصي، وعلى المستوى السياسي ففتح قلبه وعقله ل<<السفير>>، في هذا الحوار الذي دارت وقائعه على النحو الآتي:
حرب شارون
? كيف قرأتم الضربة الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية؟
? هذا عمل خطير وسخيف للغاية. ضرب المطار والمقار، واعتبار السلطة الفلسطينية جماعة إرهابية. هو قفز فوق الموضوع المهم، نحن نريد أن نتحدث عن السلام. نحن ضد قتل الأبرياء، سواء في إسرائيل أو فلسطين. هذا بشر وذاك بشر أيضا، إن قتل الأبرياء، موضوع خطير جدا. ومنذ أن جاءت حكومة شارون فدائرة الفعل ورد الفعل لم تتوقف <<شغالة على طول>>، ضرب وانتقام. والسؤال ماذا بعد ذلك: هل الموضوع سينتهي عند هذا الحد. لقد دخلنا في دائرة مفرغة لا بد من كسرها ولن يتحقق ذلك إلا بالجلوس حول مائدة التفاوض والبداية تتمثل في رفع الحصار عن القرى والمدن حتى يتنفس الناس الصعداء ويشعرون بالأمل بالمستقبل، بحيث يمكن أن يوقفوا العنف عندما يطلب منهم ذلك. ان استمر الوضع الراهن حيث القرى محاصرة، المدن محاصرة، المنازل تهدم، المستوطنات تبنى، هذا وحده استفزاز غاية في البشاعة يولد الإحباط واليأس لدى المواطن الفلسطيني.
? إعلان شارون الحرب على السلطة الفلسطينية، هل هو خطوة نحو تقويضها؟
? ماذا يقصد بإعلان الحرب، هل سيحارب دولة، فهو لديه ترسانة من السلاح والطائرات، والفلسطينيون ليس لديهم شيء. شارون أعلن الحرب إذاً على شعب أعزل. حتى الكلام نفسه سخيف: إعلان الحرب على من؟
? ما هو المدى الذي يمكن أن يصل إليه في هذه الحرب؟
? لن يصل إلى أي شيء.. ولن يحقق شيئا.. لا أمن لشعبه ولا استقرار بالمنطقة..
? وماذا عن تهديده بتقويض السلطة الفلسطينية؟
? لن يكون هذا نهاية المطاف. إذا كان هذا ما يفكر فيه، فهذا لن يكون نهاية المطاف. العملية لن تهدأ. بل سينفجر العنف أكثر من ذي قبل، وسيكون عنفا في الداخل وفي الخارج. هل نحن بحاجة الى ذلك. نحن بحاجة الى منطقة مستقرة تعيش وتبحث عن تنمية نفسها وترعى شعوبها حتى تعيش بأمان، لكن المؤكد أن حالة الإحباط التي يعيشها المواطن الفلسطيني ستدفعه إلى تفجيرات أخرى. وأنا أخشى من رد الفعل الفلسطيني بعد ما فعله شارون في الأيام القليلة الماضية، ربما بعد أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة. لا أحد يستطيع أن يضمن ذلك. الفلسطيني بشر، وليس لديه من سلاح سوى أن يلف نفسه بالمتفجرات ويفجر نفسه.
? هل أقفل باب الأمل بالمفاوضات؟
? عندما تكون في قرية أو مدينة في فلسطين لا تستطيع أن ترسل أولادك إلى المدرسة أو المستشفى أو أن تطعمهم.. ستشعر بالإحباط. وستقرر الانتحار وقتل أحد معك. هذا ما يحدث الآن، وسيستمر في الحدوث إذا لم نجد له حلاً. ليس المقصود بكلامي دعوة الى استمرار العنف الواجب أن تتوقف الأطراف. كانت المفاوضات قائمة قبل أن يأتي شارون، الذي عمد الى إشعال الموقف أكثر من مرة بداية بزيارته الاستفزازية للحرم الشريف.
أما عن اتصالاتنا بشارون.. فقد اتصل هو بي مرة واحدة.. أما في ما قبل فكانت اتصالاتنا برابين وبيريز وباراك متعددة ومتعاقبة، حتى نتنياهو وشامير، كنا نتحدث معهما باستمرار.. إلا الحكومة الحالية. لا أحد يتحدث فيها أو معها..
? هل هناك حالة يأس مصرية من هذه الحكومة؟
? أنا لا أيأس. إنما أقول إن هناك حالة إحباط من هذه الحكومة وتصرفاتها، ومن قرارات شارون شخصيا التي قد لا يكون للحكومة يد فيها.
? تيار التطرف في إسرائيل أكبر من أي وقت مضى؟
? لقد انتخبوا شارون لكي يأتي لهم بالأمن. وقد جاء بمبدأ ان استخدام القوة العسكرية والقتل والضرب ستأتي بالأمن ولكنه فشل. هل هناك أمن في إسرائيل الآن؟ لم يتحقق الأمن للمواطن الإسرائيلي كما لم يتحقق للمواطن الفلسطيني الأعزل، كلا الشعبين يريد أن يعيش، والشعب الإسرائيلي اختار شارون لكي يوفر له الأمن، لكن ما يقوم به شارون لا يوفر الأمن لشعبه.
مستقبل عرفات
? هل تشعر بالخوف على ياسر عرفات؟
? أنا أخاف على السلام في المقام الأول. إذا ارتكبوا خطأ قتل عرفات سيعني ذلك أنهم ارتكبوا جريمة في حق الشعب الفلسطيني وكذلك الإسرائيلي. لأنه سيكون من الصعب العثور على شخص يلتف حوله الشعب الفلسطيني. ستبرز قيادات عديدة، وهذه القيادات تريد أن تكسب شعبية، وستتسابق في عمليات العنف ضد إسرائيل في الداخل والخارج، عندها سندخل في فوضى، يجب أن يفهموا هذا الكلام ويعرفوا أن هذا خطر.
? وهذا يعني اغتيال رئيس دولة..؟
? علاوة على أنه اغتيال رئيس دولة. سيؤدي ذلك الى حالة فوضى ستعود بالضرر على إسرائيل، ماذا بعد عرفات وعلى من ستلقي إسرائيل المسؤولية، على زعماء حماس أم الجبهة الشعبية أم غيرهما. هناك ستة أو سبعة أو ثمانية زعماء سيظهرون وسيتسابقون على إثبات جدارتهم بثقة الشعب الفلسطيني.. وسيتم هذا من خلال عمليات ضد إسرائيل. عندها تحدث الفوضى. وإذا استمرت هذه الأوضاع. فإن الأزمة لن تنتهي، والشعوب ستنفجر عندما ترى إسرائيل تتسلح، وهم لا يستطيعون القيام بشيء. هل ستقبل الشعوب الاستمرار في هذا الوضع، وإلى متى؟ لا بد ان يأتي وقت ينفد فيه صبر الشعوب. مما يجبر الحكومات على الدخول في سباق التسلح بغية الحصول على أسلحة فتاكة، بيولوجية، <<برطمان صغير من الجراثيم يمكن أن يضيع شعب بكامله>>. أسلحة كيميائية، ونووية، تشترى في حقائب من دول الاتحاد السوفياتي السابق. عندها ستصبح المنطقة مهددة بالدمار الكامل، بما فيها إسرائيل. إذا لم تع إسرائيل ذلك، ونحن أيضا. النهاية ستكون تدمير المنطقة.
مقترحات باول
? هل ما جرى في الأيام الماضية أنهى مقترحات باول؟
? لا، لا أظن ذلك. لأن الجنرال زيني ما زال موجودا بالمنطقة. ونحن طلبنا من الإدارة الأميركية ألا تسحب زيني، لأن ما حدث يجب أن يؤدي إلى إصرار أميركا على الدفع بقوة باتجاه تطبيق ما تم الاتفاق عليه في تقرير ميتشل وتينيت. ضروري، ليس هناك حل آخر، يجب الجلوس حول طاولة المفاوضات. أولا، يجب أن تحدث انفراجة تريح الناس. تعطيهم الأمل وتخرجهم من حالة الإحباط الشديد التي يعيشونها حاليا.. مما يخلق مناخا مواتيا لمفاوضات جادة.
? في ظل هذا المناخ هل ما زال احتمال المفاوضات قائما؟
? لا حل بغير المفاوضات، سواء أكمل شارون ما أسماه حربا أم لم يكملها، وهو لا يستطيع أن يكملها.
? لكن شارون ليس جاهزا وكذلك حكومته والمجتمع الإسرائيلي كله؟
? الإدارة الأميركية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة يستطيعان أن يدفعا شارون إلى التفاوض. فهم الذين يساعدونه.. شارون لا يريد التفاوض بدليل إصراره على وقف العنف بالكامل لمدة سبعة أيام، وهذا لن يحدث وغير عملي، وهو ما يمنح أعداء السلام الفرصة لتعطيل المسيرة. لا يمكن أبدا وقف إطلاق النار بشكل كامل طوال سبعة أيام، وهو يعلم ذلك، وبالتالي فإنه لن يفاوض وليس هناك دولة تستطيع أن تطالب بوقف العنف تماما ولو لمدة يوم واحد. التفاوض وحده يعطي بصيص أمل، يؤدي أولا الى فك الحصار والعودة إلى الحياة الطبيعية فتتوالى الخطوات.
? التفاوض لم يعد له موضوع طالما أن شارون خرج من أوسلو وغيره..؟
? المطلوب هو تطبيق تقريري ميتشل وتينيت، ثم نبدأ بالحديث عن الحل النهائي، مع الالتزام الضروري بكل الاتفاقات الموقعة، أوسلو، مدريد وغيرها من المبادئ. صحيح ان شارون ضد أي سلام، لكن يجب إحضاره الى مائدة المفاوضات، ليس هدفي إحراجه أمام الرأي العام العالمي بل الإتيان به إلى المفاوضات أما إذا كان يريد أن يوقف كل شيء سواء كان اتفاقا أو جهدا ولا يريد التفاوض حول أي موضوع ولا يريد الوصول إلى الحل النهائي، عندها يجب أن يعرف الرأي العام العالمي أين المشكلة، وما هي حقيقة شارون ومخططاته؟
? وما هو دور مصر ودور العرب في هذا السياق؟
? نحن لنا اتصالات مع الإسرائيليين، كنا نتحدث ونتفاهم ونتوصل إلى نتائج أما مع الحكومة الإسرائيلية الحالية هناك مشكلة لأنها تعطي وعودا ولا تنفذها. وقد أعطاني شارون منذ توليه السلطة ثلاثة وعود، لم ينفذ أياً منها، ثم أرسل لي من ينكر هذه الوعود.
? هل هناك ما يبرر القول ان أميركا ستضغط جديا على إسرائيل؟
? لا مفر من الضغط الأميركي والأوروبي على شارون لدفعه الى طاولة المفاوضات وكل ما نبذله من جهد هدفه الأساسي استئناف المفاوضات بين الطرفين ونحن كنا وما زلنا نستقبل الوفود ونرسل المبعوثين. وقد أرسلوا لنا زيني الذي ما زال موجودا في المنطقة من أجل إنهاء الخلل وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات. وأعتقد ان على أميركا وأوروبا أن تبذلا أقصى جهد الآن، لأن العنف سيزداد والموقف سيتفاقم.. وهذا ما أخشاه.
? هل زيني وحده ما زال يكفي؟
? طبيعي أن يأتي زيني أولا، ثم باول بعده، كما كان الحال مع بيكر، لكن المهم أن يكون هناك أمل بأن النية موجودة لتحريك الأمور.
? لكن ليس هناك أمل من شارون؟
? هذا هو تقديري، وأرجو أن أكون مخطئا، ما أراه يوحي بأنه ليس هناك أمل، لكن قد تحدث معجزة، وقد يستطيع الأميركيون تحريك الموضوع وإعطاء الأمل. أنا بطبعي لست يائسا، لكن ما أراه بعد كل المحاولات أنه <<ما فيش فايدة>> طالما واصل شارون سياسته الراهنة. قبل ذلك كنت أقول أعطوه فرصة. قلت ذلك لمدة ثلاثة شهور، لكني وجدت أنه يواصل سياسات الضرب والهدم ولا يسمع النصيحة.. والنصيحة ليست للجانب الفلسطيني أو الإسرائيلي بل للسلام في المنطقة كلها.
? لكن هناك تناقضا جذريا. نحن نريد السلام وهو لا يريد، بل يعتقد أن الوضع الحالي يناسبه لأنه يساعده في تحقيق مطامح سياسية كبرى؟
? إذا كان هذا هو تفكيره فهو بالتأكيد مخطئ خطأ جسيما جدا لأن ما يتمناه أو يدور في رأسه، ونحن نفهمه، لن يحصل أبدا. شعوب المنطقة لن تقبل أن تموت القضية الفلسطينية أو تهدر الحقوق الفلسطينية المشروعة، إن التسويف لن يجدي وقيام دولة فلسطينية الى جوار دولة إسرائيلية لا مفر منه وهو خير ضمان لأمن إسرائيل نفسها وإذا كانت القمة العربية قد أقرت السلام كخيار استراتيجي فإنها تعني السلام العادل والشامل والمتوازن والشعوب العربية كافة قد أجمعت على الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، وأنا لا أستطيع أن أعمل ضد إرادة الشعب في مصر، وقراراتي نابعة طبقا لما أشعر به لدى الرأي العام في مصر، في بعض الأحيان أجد من واجبي أن أشرح الموضوع لكي يسير الرأي العام معي باقتناع، ولكن لا أقدم على شيء يضايق الناس.
? نشعر الآن ان فلسطين استقرت أكثر من أي وقت مضى في وجدان الشعب المصري؟
? هل تعرف لماذا؟ لأن الشعب لا يقبل السلام الذي تريد إسرائيل فرضه، الظروف تغيرت عنها منذ عشر سنين. في الماضي كان هناك جدل بين الأفراد أما الآن شاشة التلفزيون أمام الجميع، أصبح الريف المصري يعرف في السياسة أكثر من الحضر. في مصر المواطن الذي يسكن في <<عشة>> لديه ديشات (صحون لاقطة) وهو يتابع السي ان ان، وقد لا يعرف الإنكليزية. لكنه يرى الصور ويتابع المحطات كلها، ويرى الصورة حية، وهو ما يؤثر فيه كثيرا. أنا شخصيا، عندما سقط الطفل محمد الدرة، شاهدت الصورة، واعتبرت انه ابني، شعرت بالأسى، الحقيقة إني كدت أجن مما حدث. لذلك تحدثت عن تلك الحادثة الشنعاء في اليوم التالي بعنف وسلطت عليها الأضواء ثم بدأت الصحافة العالمية تهتم. قلت للجميع يومها تنبهوا إلى خطورة ما ترتكبون.
? مقترحات باول لماذا قدمت في هذه المرحلة؟
? أميركا تريد حلا. كان لدينا تقرير ميتشل وتوصيات تينيت، مقترحات باول تكملهما، ولا تنفصل عنهما. تقرير ميتشل هو لوقف إطلاق النار يؤدي بعد ذلك الى مفاوضات حول قيام دولة فلسطينية. إنها سلسلة متصلة الحلقات. وقد وجهت رسائل كثيرة إلى أميركا قبل 11 سبتبمر (أيلول)، حول رؤيتنا وتقديرنا لخطورة الموقف وعادة تقديراتنا نتيجة الخبرة المتراكمة تأتي متمشية مع الواقع. قلت للرئيس جورج بوش بكل الصراحة والموضوعية ان القضية الفلسطينية لا تتحمل التأجيل، لأن الموقف يتدهور يوما بعد يوم وستضطر الى التدخل بعدما يزداد الموقف تعقيدا وخطورة.
? هل مقترحات باول كافية؟
? المقترحات جيدة، المهم ان يتم تنفيذها على أرض الواقع، وهو ما سيأتي عبر المفاوضات.
? لكن هل تعتقد ان الإدارة الحالية لديها القدرة على إجبار إسرائيل على التنفيذ؟
? أعتقد ان أي إدارة أميركية تستطيع ذلك. أميركا تمثل شريان الحياة لإسرائيل، السلاح، الموازنة، الدعم، إسرائيل تتمرد أحيانا معتمدة على اللوبي اليهودي، لكني حذرت ممثلي المنظمات اليهودية عندما التقوا بي، ان هذا التمرد قد يؤدي الى تدمير المنطقة بما فيها إسرائيل، لا أقول بعد سنة أو سنتين، بل قد يكون بعد خمس أو عشر سنوات، المنطقة ستدمر، اما بالسلاح النووي أو الكيميائي أو البيولوجي، ودي تبقى مصيبة سوده ولن يسلم أحد من الخطر، لذلك نحرص على إخلاء المنطقة من أي أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية.
أميركا لديها مصالح في المنطقة ولا تستطيع أن تستغني عنها، وعدم استقرار المنطقة قد يعصف بتلك المصالح وأميركا لا توافق على شرط السبعة أيام (الذي وضعه شارون)، وهي تؤيد للمرة الأولى علنا قيام دولة فلسطينية. هذه مبادئ تتطلب التنفيذ على الأرض.
? هل اتخذ الأميركيون هذا الموقف نتيجة الحرب في أفغانستان؟
? لا أظن ذلك، فقد أكد الرئيس بوش في خطاب لي بتاريخ 30 أغسطس أي قبل أحداث 11 سبتمبر أن قيام الدولة الفلسطينية جزء من الرؤية الأميركية، أفغانستان هي مسألة أخرى تماما.
الحرب الأفغانية
? ما هي رؤيتكم لنتائج ما يجري في أفغانستان؟
? أولا الاقتصاد العالمي كله في أزمة، ليس فقط منذ حرب أفغانستان، بل منذ ضرب البرجين، أميركا القوة العظمى، لم تكن تتوقع هذا الحدث ولم يكن أحد يتوقع ذلك، كان لدينا توقع أن أمرا قد يحدث، وقلنا للأميركان، وأبلغناهم، لكن لم يكن أحد يتصور أو يتوقع حجم الحدث الذي وقع، ولم نكن نعرف أنهم سيضربون هذا الهدف أو ذاك، فوجئنا جميعا بأن طائرات مدنية بركاب تضرب البرجين، أنا كنت حينها أشاهد ال<<بي. بي. سي>> شاهدت الطائرة تصدم البرج الأول وظننت أنها مجرد لعبة، ولديهم مثل هذه الألعاب، ثم شاهدت الطائرة الثانية تصطدم بالبرج الثاني وأدركت عندها أن المسألة جدية. النتيجة ان ما جرى عطّل الاقتصاد العالمي، حركة السياحة والطيران تأثرت بشكل جذري في مصر، وفي أوروبا وفي العالم كله.
? هل تشبه هذه الحرب حرب الخليج الثانية؟
? لا هذا موضوع، وهذا موضوع آخر. في حرب الخليج، هناك شخص استولى على دولة، فقامت الحرب لوضع نهاية لهذا العدوان وإعادته الى حدوده، حرب أفغانستان هي ضد إرهابيين في أرض لا تخضع لأحد، فيها كل الأشكال والأجناس في الدنيا، ولا يمكن السيطرة عليها، أحد الروس قال لي: نحن استولينا على المدن كلها في أفغانستان، لكن ذلك لا يعني أننا سيطرنا على أفغانستان، هناك كهوف ومغاور..
? هل تنهي هذه الحرب الحالة الأصولية الإسلامية المتشددة؟
? شوف. ما يجري هو حرب ضد الإرهاب ولا نستطيع أن نقول إن هذه الحرب ستنهي ظاهرة الإرهاب، أولا نحن نتكلم عن الإرهاب الناجم عن بعض الممارسات الخاطئة لجماعات تتستر بالإسلام، منذ مدة طويلة جدا، ومعروف أن مشاكل مصر مع الإرهاب بدأت مع انسحاب القوات الروسية من أفغانستان، عندما وجد الإرهابيون الذين جرت تسميتهم بالمجاهدين، أنفسهم فجأة بلا عمل، وتسلل بعضهم الى مصر عبر ليبيا والسودان وبدأت العمليات الإرهابية، وليس هناك واحد قام بعملية إرهابية هنا إلا وكان في أفغانستان، كلهم بلا استثناء والمعتقلون أيضا.
? ألم يكن نظام السادات متواطئا في تشجيع الإسلاميين؟
? لا، هناك أناس نصحوا السادات بأن يشجع جماعات إسلامية على مقاومة الشيوعية، طبعا هذه النصيحة لم تكن في محلها، لأن الشيوعية لم تكن بحاجة إلى مقاومة، الشيوعية لا تعيش في بلادنا، وهي أيضا لم تنجح في بلادها، لكن هذه الجماعات، عندما ذهب من سموا بالمجاهدين إلى أفغانستان، بدأوا التشدد وأطلقوا الأفكار المتطرفة، مثل عمر عبد الرحمن وبن لادن، وقد كانوا أبطالا أميركيين، وهذا ما قلته للأميركيين أنفسهم على التلفزيون.
انتهت الحرب في أفغانستان ضد الروس، فتركوهم، فوجد بن لادن نفسه مع المال والمخدرات، والآخر عمر عبد الرحمن أخذوه إلى السعودية ثم إلى السودان، ثم أعطوه تأشيرة وذهب إلى أميركا، فقلت لهم انه مطلوب للمحكمة هنا، فقالوا بعد ذلك هل تحب أن نرسله إليكم، فقلت لهم: خلوه عندكم، لكنكم ستدفعون الثمن غاليا، وأعقب هذا حادث مركز التجارة العالمي الأول.
? لكن أليست حربا ظالمة على الشعب الأفغاني؟
? نحن تحدثنا مع الأميركان وقلنا لهم أرجوكم لا تضربوا الناس الأبرياء، المدنيين العزل، لكن الواقع في خلال الحروب يضار المدنيون، خاصة هناك حيث لا تعرف المدني من العسكري، فضلا عن أنهم يقتلون بعضهم البعض، ولن يتوقفوا عن ذلك، أفغانستان لن تهدأ، ويا ويل قوات حفظ السلام التي ستذهب إلى هناك.
العلاقة مع أميركا
? في العلاقة المصرية الأميركية أحيانا يظهر أن هناك طرفا ثالثا سريا هو إسرائيل؟
? علاقاتنا مع أميركا علاقات وطيدة ومتينة وتقوم على المصالح المشتركة، رغم أن اللوبي اليهودي يحاول أحيانا عرقلتها، بإثارة الزوابع بين الحين والآخر كما حدث مؤخرا بشأن صفقة أسلحة وما شابه، لكن الواضح ان الأمور تسير في طريقها السليم، لأن أميركا لها مصالح عندنا وعلاقتنا قوية جدا، اللوبي اليهودي يحاول لكنه لن ينجح في أي حال من الأحوال، المحاولات تعكسها بعض الصحف، وبعض الأقلام، بإيحاء من الإسرائيليين. نحن نعرف أن الإسرائيليين هم الذين يدفعون اللوبي اليهودي، عندما كان باراك يتفاوض مع الفلسطينيين، وطلبوا منا الضغط على الجانب الفلسطيني رفضنا، بدأت الحملة، وهكذا، لكننا دائما نعرف كيفية الرد عليهم.
الحملة على مصر
? ماذا كان مطلوبا في هذه المرحلة من مصر مما استدعى شن الحملة؟
? وهل نحن فقط، السعودية أيضا، الصحافة هي التي قامت بالحملة.. تحت دعوى أننا لا نساعد كثيرا في أفغانستان، مع أننا أكثر دولة عانت من الإرهاب، وأول دولة دعت الى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، ونحن ساعدنا في ذلك بطرق أخرى، وليس عبر إرسال قوات لتحارب في أي مكان فذلك يتطلب موافقة البرلمان، ومن العجيب أن البعض يردد أن إسرائيل هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، أنا أقول إنها الدولة الدكتاتورية الوحيدة، لأن القرار عندهم في يد شخص واحد، أما في مصر القرار ليس بيدي لوحدي، يجب أن يوافق البرلمان بأغلبية الثلثين، قبل أن أرسل أبناءنا إلى مهام قتالية بالخارج، ويجب أن تكون المهمة معروفة ومحددة المعالم.
? لكن لماذا السعودية أيضا تتعرض لهذه الحملة؟
? أيضا الأمر غير مفهوم لعله تشنيع يهودي مدفوع من إسرائيل، لكن ماذا حققت الحملة بالنسبة لنا، لا شيء، في الماضي في عهد الرئيس كلينتون تعرضنا لحملات مشابهة، لكننا لم نهتم، قمنا فقط بما هو صواب وتفرضه مسؤوليتنا وأنا أرى أن الرأي العام المصري يتفهم ذلك، أقول لك ان هذه الحملة <<لا تهز شعرة في رأسي>>، لا تظن أني <<أقلق أو أتنرفز>>.
حملاتهم لن تجدي ولن تحقق شيئا، لأن الأمور معروفة لدى الرأي العام المصري، ليس هناك أسرار، الحرية موجودة، الصحافة، القضاء، المجالس النيابية، كل القضايا مطروحة على الساحة بكل الصراحة والشفافية.. وسنواصل الطريق السليم والرؤية السليمة ولا نهتم بتلك الأقلام المغرضة والمدفوعة والمصريون يعرفون الحقيقة أنه لو لم يكن لي موقف لما كانت هناك حملات ضد مصر أو تهجم على رئيسها.
الأزمة الاقتصادية
? هل تمت السيطرة على الأزمة الاقتصادية ومشكلة ارتفاع أسعار الدولار؟
? نعم العملية ماشية، لكن العملية سلسلة متصلة الحلقات، ليست فقط إجراءات اقتصادية تتخذ على مستوى الحكومة والمصارف، بل الشعب أيضا يجب أن يساعد، والأزمة الاقتصادية حاليا أثرت على الجميع الكبيرة والصغيرة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر الماضي، وطبيعي وفي كل العالم وآخرها دول الشرق الأقصى ان هناك هبوطا وصعودا يمر بهما الاقتصاد واقتصادنا ليس في خطر.
? لكن هناك انطباعا أن هناك مليارات من الجنيهات نهبت من مصر وأصبحت في الخارج، هذا ما نقرأه في الصحافة المصرية؟
? ليس هناك حالات تهريب أموال ولكن كانت هناك حالات هروب لعدد من الأشخاص لا يعدو أصابع اليد الواحدة وذلك تهربا من سداد ديون مستحقة عليهم للبنوك الى جانب تعثر عدد من أصحاب المشروعات عن السداد، وحجم إجمالي هذا كله في حدود 11 مليار جنيه، وجميع الذين هربوا للخارج تتم ملاحقتهم قضائيا، والآخرون المتعثرون يجري الاتفاق بينهم وبين البنوك على إعادة الجدولة حتى يتمكنوا من السداد واستمرار مشروعاتهم، وللعلم فإن حجم ما تتعامل فيه البنوك من إقراض للقطاع الخاص وحده يصل الى نحو 180 مليار جنيه، ولذلك فالأمر لا يمثل تهديدا للاقتصاد القومي.
التغيير الحكومي
? أيضا حسب الصحافة المصرية، كان هناك تقدير بأن التعديل الحكومي الأخير سيكون أوسع وأشمل وأكبر؟
? الصحافة تريد كل يوم تغييرا حكوميا حتى تكتب عنه، ما يجري من تغيير هو فقط لمصلحة البلد، من أرى أنه لا يستطيع أن يعمل أغيّره، الحكاية مش حكاية تغيير فقط، وزارة عاطف صدقي هاجموها لسنين طويلة مع أن عاطف صدقي ووزارته هي أكثر وزارة عبرت بالبلد من مرحلة الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الحر من دون أن يتضرر المجتمع، أو يتضرر صندوق النقد، وبقيت في الحكم سبع سنين، هذا ما قلته للوزارة الحالية: لن يخرج أحد منكم، إلا السيء، أو ذو السمعة السيئة، أما بالنسبة إلى الاقتصاد، فإن ديون مصر كانت 54 مليار دولار أصبحت الآن 26 مليارا، وهو رقم يتجه إلى الانخفاض، ونحن لا نقترض، إلا في الإطار المسموح به وفقط القرض الذي يمكن تسديده.
? وماذا عن الكلام عن حل مجلس الشعب؟
? لا. لا. يؤلفون مثل هذا الكلام، المجلس باق لأنه يعمل لمصلحة الشعب، وعندما يتوقف أحد عن القيام بمثل هذه المهمة سأطلب منه الرحيل.
? ما هو دور الأحزاب السياسية في مصر، حيث يبدو أن هناك صحفا حزبية، وليس هناك أحزاب، بما في ذلك الحزب الوطني؟
? من المهم أن تعمل الأحزاب على القيام بدورها، أنا أتولى رئاسة الحزب الوطني لسبب وحيد، ليس سعيا لإضافة أعباء بل من أجل أن يكون هناك حزب كبير يتمتع بالأغلبية.. ويسير دولاب العمل التنفيذي والتشريعي، وحتى نتفادى أن نضطر الى تشكيل حكومات ائتلافية، ولديك مثل في إسرائيل ودول أخرى يأتي حزب صغير ويفرض رأيه حيال بعض القضايا مهددا بإسقاط الائتلاف إن لم تنصع الحكومة له.. نحن لا نستطيع تحمل ذلك، نحن بلد نام.
? ماذا عن دور نجلكم جمال مبارك؟
? يقوم بدور ونشاط في الحزب الوطني الديموقراطي بعيدا عن العمل التنفيذي ولكن تنطلق شائعات بين الحين والآخر أعرف مقصدها أنه سيصبح نائبا لرئيس الجمهورية. جمال كان في إنكلترا واشتغل في بنك، واكتسب خبرة ويهتم بالاستثمار والاقتصاد، لذلك أقول لك لا تصدق <<كلام الشائعات>> الذي يتردد بين الحين والآخر... هذا كلام لا أساس له من الصحة.
لبنان
? هل تشعر بالاطمئنان على لبنان، سياسيا واقتصاديا؟
? أنا أتابع الوضع في لبنان، وهو مستقر الى حد بعيد، الوضع الاقتصادي يواجه تقلبات ويتأثر بالاقتصاد العالمي، كما يحصل بالنسبة لنا، حيث واجهنا متاعب نتيجة ما جرى في الشرق الأقصى، لا نستطيع كما لا تستطيعون فصل اقتصادكم عن الاقتصاد العالمي، المهم أن يستمر الإصلاح دائما.
? لكن هناك تحديين يواجههما لبنان: ان يصبح هدفا للحملة على الإرهاب، ومشكلة مزارع شبعا المحتلة؟
? هذه التحديات نتحدث عنها عندما يبدأ التفاوض مع سوريا، الإسرائيليون يثيرون هذه المسألة من أجل أن يتفاوضوا مع سوريا، كانت المفاوضات أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد على وشك التوصل الى نتيجة، لكن حصل ما حصل، عندما يتم التفاوض مع سوريا لن يبقى لإسرائيل عذر أو حجة.
? وماذا عن المقاومة في مزارع شبعا التي تحاول أميركا أن تصفها بالإرهاب؟
? لنكن واضحين، الذي يدافع عن أرضه داخل أرضه، ليس إرهابيا، أن أطرد مستعمرا من أرضي كيف تسمي هذا إرهابا... الشباب اللبناني الذي ارتبط بأرضه وخرج يدافع عنها تماما كالفلسطيني الذي يكافح ويدافع عن أرضه ويريد استردادها، دعك من كلام شارون الغث. (السفير اللبنانية)
&