القاهرة : نبيل شرف الدين
بينما تحتكر الدولة في مصر استيراد التبغ وتجارته ، وترفض خصخصة شركات السجائر بالكامل على غرار غيرها من الشركات الأخرى التي كانت مملوكة للدولة ، فقد أكد أحدث تقرير رسمي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أن المدخنين المصريين أنفقوا خلال العام الماضي حوالي خمسة مليارات جنيه بزيادة قدرها 300 مليون جنيه عن العام السابق ، وأضاف التقرير أن تدخين المصريين للشيشة وحدها تكلف أكثر من 300 مليون جنيه بزيادة 5.6% عن العام السابق& 1999 ، وهو ما يفوق الزيادة في أسعار الدواء .
وأشار التقرير الرسمي إلى أن مبيعات السجائر من الانتاج المحلي بلغت 45 مليار سيجارة& وان استهلاك السجائر المحلية والأجنبية بلغ يوميا 35 مليون سيجارة. واستحوذت خزانة الدولة في صورة ضريبة مبيعات على السجائر والشيشة على 8.3 مليارات جنيه، بينما ضاعفت الشركة الوحيدة المنتجة للسجائر في مصر من إنتاجها من 20 الى 40 مليون سيجارة يوميا. لمواجهة التزايد المستمر في الطلب عليها ، رغم زيادة سعرها بنسبة تصل الى 9%.
وتحرص الدولة في مصر على استمرار احتكارها لهذه الصناعة وعدم السماح للقطاع الخاص بالعمل فيها على نطاق واسع ، نظرا لعوائد تلك الصناعة في تحقيق حصيلة كبيرة من الايرادات ، لذلك فقد تضمن برنامج خصخصة شركات قطاع الأعمال العام بيع 40% فقط من أسهم الشركة الوطنية للدخان ، مع الاحتفاظ بـ60% من أسهمها ملكاً للدولة .
المثير في تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر هو أن عدد المقاهي "المرخصة" في القاهرة وحدها وصل الى 42 ألفا و750 مقهى ولم تعد مقصورة على الأحياء الشعبية وحدها بل وصلت للأحياء الراقية في الزمالك ومدينة نصر ومصر الجديدة. وهو ما اعتبره التقرير قد أسهم في تلك الزيادة المطردة في أعداد المدخنين عامة ، ومستخدمي الشيشة بوجه خاص ، التي وصفها التقرير أنها أصبحت ظاهرة مرضية في أوساط الشباب .
من جهة أخرى أعلنت منظمة الصحة العالمية عن مسابقة دولية هي الأولى من نوعها هدفها الإقلاع عن التدخين ، وحددت شروط الذين يحق لهم المشاركة في المسابقة وهم المدخنون الذين أقلعوا عن التدخين طوال شهر مايو بأكمله, شريطة أن يكونوا قد بدأوا التدخين منذ أكثر من عام ، وتأتي مسابقة (توقف عن التدخين واربح عشرة آلاف دولار) هذه في اطار محاولة شاملة لمواجهة الازدياد العالمي الكبير في أعداد المدخنين. ويذكر ان هناك حوالي 1.2 مليار مدخن في العالم, وان أربعة ملايين يموتون سنويا من الأمراض ذات العلاقة بالتدخين ، وتؤكد منظمة الصحة العالمية ان المدخنين لا يحصلون على ما يكفي من التشجيع في محاولاتهم للإقلاع ، كما تتوقع أن يصبح التبغ عام 2030 السبب الأول للوفاة والعجز الجنسي , وأن يقتل أكثر من عشرة ملايين إنسان سنويا بحيث يفوق أسباب الوفيات نتيجة الأيدز والدرن وحوادث السيارات والانتحار والجريمة مجتمعين .
تجدر الإشارة إلى أن مسابقة (توقف عن التدخين واربح) تجرى كل عامين منذ عام 1994 في إطار حملة دولية لزيادة الوعي بالمخاطر الصحية للتدخين والمشكلات المصاحبة للإقلاع عن هذه العادة وعلى المتنافسين الحصول على شهادة من أحد الشهود بأنه توقف عن التدخين فعلا, بالإضافة لخضوع المتسابق لاختبار كيميائي لفحص آثار النيكوتين .
وتقدر منظمة الصحة العالمية مشاركة أكثر من مليون مدخن في هذه المسابقة. وستقوم كل دولة في المنظمة بتنظيم مسابقتها الخاصة بها. وبعد انتهاء المسابقة يتم السحب على الجوائز وهي عشرة آلاف دولار على مستوى عالمي وست جوائز إقليمية بقيمة 2500 دولار
ورسمياً ، فقد صرح الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة بأن‏5%‏ من دخل الأسرة المصرية ينفق علي التدخين مقابل‏2%‏ تنفق علي الصحة‏,‏ مشيرا إلي أن الدول النامية تنفق‏200‏ مليار دولار علي التدخين‏.‏ وحذر الدكتور علي الدين هلال وزير الشباب من أن عدد الشباب المدخنين في تزايد‏,‏ مشيرا إلي أن الشباب أقل من‏35‏ عاما يمثلون‏66.5%‏ من السكان‏.‏ جاء ذلك في افتتاح مؤتمر مكافحة التدخين الذي حضره الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر‏,‏ والبابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية‏ .
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن أحدث إحصائية رسمية في مصر أشارت إلى أن المصريين استهلكوا تبغاً للشيشة بلغت قيمته 250 مليون جنيه مصري في شهر رمضان فقط .