أجل ــ لا استسلام لما يحدث من همجية عنصرية‏!!‏ همجية تقتل وتغتال وتخطف البشر‏,‏ وتعبث في أراضي السلطة الفلسطينية تخريبا وابادة وارهابا لا تغمض له عين‏!!‏
واذا كانت عملية يوم الأحد الماضي الفدائية‏,‏ في القدس وفي حيفا وفي غزة أسفرت عن عدد من القتلي والجرحي الاسرائيليين‏,‏ فإننا نألم لهم كما نتألم في كل يوم علي الفلسطينيين من ضحايا الارهاب العنصري المتواصل‏,‏ ودون التفرقة بين الصغار أو الكبار‏.‏ وقصة الأطفال الذربعة الذين قتلتهم وحشية الإرهاب الاسرائيلي‏,‏ قد هزت أصداؤها ضمائر العالم‏,‏ والذي لا حول له ولا قوة أمام غابات الارهاب السوداء التي زرعها في المنطقة شارون والنازحوم اليهود من كل الآفاق والذين غرسوا بكل وسائل التهديد الدموي دولة أخري من المستوطنات داخل أراضي السلطة الفلسطينية وحيث تحولت الي قواعد عسكرية مزقت كيان الوطن الفلسطيني وحولته الي جزر متقاطعة البدايات والنهايات‏,‏ فكيف يمكن أن يكون هناك استقرار حتي تبدأ مبادرات السلام‏..‏؟؟
وكيف يمكن أن تبدأ مراحل تنفيذ تقرير جورج ميتشيل عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق‏,‏ أو برنامج جورج تينيت مدير المخابرات الأمريكية أو مهام المبعوثين الأمريكيين الآخرين‏,‏ وشارون يلعب بهم ولا يمكنهم تماما من ممارسة مهامهم لاستئناف عملية السلام؟؟ انهم يحزمون حقائبهم للعودة‏!!‏
وفي توقيت عودة ايريل شارون نفسه حاكم دولة اسرائيل من زيارته للبيت الأبيض الأمريكي وعقده اجتماعا مطولا بالرئيس الأمريكي بوش‏,‏ وهو اجتماع العمل الثالث خلال سبعة أشهر‏,‏ مما لم يحدث من قبل مع أي رئيس آخر في العالم ــ وفي توقيت عودته لتل أبيب كانت عمليات القدس وحيفا وغزة قد اشتعلت فما الذي جري؟
كان المفروض أن يكون دور الرئيس بوش منطلقا الي تطويق ما قد يحدث من مضاعفات‏,‏ ربما تكون أشد خطرا مما سبقها من نكسات ــ لكن الرئيس ــ بوش ــ كما يبدو واضحا ــ أعطي ــ لشارون ــ الضوء الأخضر ــ وقبيل أن تحط طائرته في اسرائيل ــ بأن له حق الدفاع عن النفس‏,‏ أي دفاع عن النفس أيها الرئيس؟ وهو الحاكم العنصري الذي يستخدم كل وسائل الارهاب والتدمير والاغتيالات وحيث أصبحت هذه لغته مع الشعب الفلسطيني ومع قياداته ومع فصائله الوطنية‏..‏؟؟
أي فرق الآن‏..‏ بين شارون ــ وبن لادن‏..‏؟؟
نعود الي تكرار التساؤل‏..‏ ماذا يكون هناك من فرق في الإرهاب بين ــ تنظيم القاعدة ــ وممارسات شارون ــ الإبادية‏..‏؟؟
ياللعار وياللخيانة الأخلاقية‏,‏ وهم يشاهدون علي مسرح اللاشعور الآدمي شعبا تجري ابادته من يوم الي الآخر وبكل الأسلحة التي تعتبر هبة من أحدث الترسانات الأمريكية‏,‏ ولا يكون ذلك إلا لحليف أو شريك‏,‏ وهل هناك من حليف أكثر وفاء وأبعد اخلاصا وولاء من الحليف الأمريكي لإسرائيل؟؟
معذرة‏!!‏
ماذا نقول اذا جاهرنا بالقول واعترفنا بحقيقة الانحياز والموالسة في الموقف الأمريكي تجاه اسرائيل؟؟ وأيضا العجز الشائن في الحالة الأوروبية؟؟
ومادامت الدولة العظمي الوحيدة في العالم ــ أمريكا ــ هي في موقع الكفيل الأساسي‏,‏ الذي يتحمل كل المسئولية بتوفير الضمانات الكاملة التي تكفل تفوق اسرائيل عسكريا‏,‏ علي كل جيوش الدول العربية مجتمعة‏,‏ كان عليها أن تقوم بدورها في تطويق ما قد يكون هناك من ردود فعل غير مسئولة تزيد الموقف اشتعالا وتخريبا‏!!‏ وبالتالي ينعكس بالسلبية علي العلاقات الأمريكية ــ العربية‏!!‏
ومع ذلك فإن القيادة المصرية‏,‏ كانت علي مستوي السمو الانساني والأخلاقي‏,‏ عندما أكد الرئيس مبارك ادانة مصر لكل أعمال العنف المتبادل‏,‏ وطالب علنا بالتصدي لمحاولات نسف جهود السلام‏,‏ وأن الجميع يتحمل مسئولياته تجاوبا مع تطلعات وجهود المجتمع الدولي التي ترمي الي تحقيق الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي‏..!!‏
الأمن الدولي قد يهتز‏!!‏
أجل كل المؤشرات والتحليلات العلمية والرؤي السياسية‏,‏ تسير من بعيد‏,‏ الي أن الكارثة الدولية قادمة لا محالة وذلك اذا ما تمكنت الحركة الصهيونية من الوصول الي مقعد الرجل الثاني في القيادة الأمريكية‏,‏ وذلك عن طريق اختيار شخصية يهودية تحتل مكان نائب رئيس الجمهورية ــ وكان ذلك حدث فعلا في انتخابات الرياسة‏,‏ بعد انتهاء مدة الرئيس السابق بيل كلينتون‏,‏ وترشيح نائبه آل جور الي منصب الرياسة للحزب الديمقراطي‏..‏ واختار نائبه فعلا شخصية يهودية رأسمالية‏,‏ لتكون في موقع نائب الرئيس‏,‏ وكاد يقترب من الفوز‏,‏ لولا ما حدث من مفاجآت‏,‏ أدت الي انتقال كفة الميزان الي جانب المرشح الجمهوري الرئيس بوش دبليو بوش‏,‏ وبفارق أصوات ضئيل جدا وأدي ذلك الي اعتزال آل جور والعمل بالقاء محاضرات بإحدي الجامعات الأمريكية ثم اطلاق لحيته ثم أخيرا الاعتكاف في منزله‏..‏
لكن الذي تبين أخيرا أن الرئيس بوش‏,‏ كان أكثر انحيازا الي اسرائيل‏,‏ الي أن وقعت كارثة الحادي عشر من سبتمبر الماضي التي أدت الي كثير من البلبلة والاضطراب ومحاولة التسلل الي مجتمعات المسلمين الأمريكيين‏,‏ وتوجيه ضربة لمنظماتهم المختلفة وهي منظمات اجتماعية‏,‏ لا صلة لها بالسياسات الداخلية غير أن الرئيس بوش‏,‏ سارع بالتحرك لتطويقها وزيارة المركز الاسلامي بواشنطن والقاء كلمة فيه تعتبر توجها تاريخيا غير مسبوق في عهود كل الرؤساء الأمريكيين‏,‏ وهو الأمر الذي أدي الي قيام الأجهزة الاعلامية والصحف الأمريكية الشهيرة المنحازة الي اسرائيل باتخاذ سياسة دعائية مضادة‏,‏ وكان وراءها ما يسمي باللوبي اليهودي‏,‏ أي قوي الضغط الشهيرة المعروفة باسم منظمة ايباك والتي لها دور كبيرفي المشاركة في صنع القرار الأمريكي‏..!!‏
وعلي أي حال ستتضح الحقائق علي مسرح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط‏,‏ وسيكون لكل حادث حديث في ضوء ما سيتكشف عن حقيقة دورها تجاه سياسة الإرهاب الاسرائيلية ومطامعها التوسعية في المنطقة‏,‏ وآثارها التي قد تنعكس سلبا أو ايجابا علي علاقات الدول العربية والكثير من الدول الإفريقية والآسيوية‏,‏ بالولايات المتحدة الأمريكية‏!!‏
كذلك‏..‏
يجب أن نأخذ في اعتبارنا الحقيقة التي لا جدل فيها‏..‏ وأن نعترف بأن هناك موالسة في الموقف الأمريكي‏,‏ وعجزا شائنا في الاسترخاء الأوروبي‏,‏ وخطرا داهما في القصور الدولي‏!!‏
والشاعر يقول‏:‏
وإذا رجوت المستحيل فإنما‏..‏ ..... تبني الرجاء علي شفير هار‏!!(الأهرام المصرية)‏