&
إيلاف-أحمد نجيم: بلغت الحرب الكلامية وتبادل التهم نهاية هذا الأسبوع ذروتها بين كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وأمينه العام الوزير الأول المغربي عبد الرحمن اليوسفي وحزب الاستقلال وأمينه العام وزير التشغيل في حكومة اليوسفي عباس الفاسي.
يغذي هذه التراشقات الكلامية والحرب الإعلامية بين أقوى حزبين في المغرب والمشاركين في الحكومة إعلان العاهل المغربي محمد السادس أن الانتخابات الجماعية التشريعية لن تؤجل وأنها ستجرى في موعدها المحدد بكل شفافية ونزاهة.

وتعود تداعيات التراشق بالكلام والتهم حول طبيعة وسرعة الأداء الحكومي منذ تعيين عبدالرحمن اليوسفي عام 1998 من قبل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، حيث كثر الحديث قبل تعيينه عن مكانة الأمين السابق لحزب الاستقلال محمد بوستة. واعتبر حزب الاستقلال& ذلك مسا بنضاله التاريخي، وارتفعت أصوات من داخل الحزب تطالب الأمين العام ألا يقبل إلا بالوزارة الأولى، غير أن الحزب شارك في الحكومة تحت القيادي اليساري عبد الرحمن اليوسفي وقبل بست حقائب وزارية.. حقائب جعلت مهمة الوزراء الاستقلاليين صعبة وغير ذات نتائج ملموسة،&لاسيما في قطاعات الإعلام والاتصال والصحة. &بيد أن حزب الاستقلال لجأ إلى "المساءلة النقدية" للأداء الحكومي،&واصفا اياه بـ"البطيء".
وارتفعت الانتقادات من قبل حزب الاستقلال حتى الوزراء منهم، حيث اتهم وزير التجهيز الاستقلالي عمر تغوان وزير المالية الاتحادي فتح الله ولعلو بعدم تقديم مشروع ميزانيته كما&فعل الوزير الاستقلالي.
انعكست الصراعات بين الحزبين المشكلين لما يعرف بأحزاب الكتلة الديموقراطية والمشاركين في الحكومة في جرائدهما الناطقة باللغتين العربية والفرنسية.. جرائد عكست حدة الصراع ورفعت حدة اللغة الموظفة بين الحزبين.
سياسيا، لجأ الأمين العام لحزب الاستقلال إلى صيغة أخرى تمثلت في إرساله مذكرة-رسالة قوية في حدتها إلى الوزير الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي، رسالة أوضح فيها أن الشعب المغربي يشعر "بالخيبة أمام أداء حكومي لم يظهر بتميز وتيرته وأسلوبه" ودعا الوزير الأول إلى توفير الظروف لإحداث التغيير المنشود.
وقدم الأمين العام اقتراحات تهم تخليق الحياة العامة واكد أن تطبيق هذا المشروع لا يحتاج إلى ميزانية ترصد له، في إشارة إلى التذكير المستمر للوزراء الاتحاديين من أن عدم تطبيق برنامجهم الإصلاحي يعود أساسا إلى قلة الموارد المالية.
لم تتوقف الحرب الإعلامية بين الحزبين.. &وهكذا، وبعد تعديل حكومي عام 2000، اقترح اليوسفي إشراك الأمين العام في الحكومة بحقيبة التشغيل، كما أسندت حقيبة الوظيفة العمومية لأحد قياديي الحزب وهو امحمد خليفة، غير أن دخول هذين المسؤولين الاستقلاليين لن يوقف سلسلة الاتهامات والاتهامات المتبادلة مع حزب الاتحاد الاشتراكي.
وأمام تاكيد&وزير التشغيل عباس الفاسي& أنه وفي ظل معاناة الشباب-حاملي الشهادات-من البطالة فإن هناك أكثر من خمسين ألف منصب شغل في الإدارة العمومية شاغرا، بدأ تراشق&الاتهامات لتعكسه& صحافة الحزبين، ليرد وزير المالية الاشتراكي ويؤكد أن هذا الرقم ضرب من الخيال.
موضوع آخر زكى الصراع بين الحزبين وهو ذلك المتمثل في اعتماد التوقيت المستمر. الوزير الاستقلالي خليفة قدم مشروعا لم يعرف طريقه الطبيعي وظل محل انتقاد استقلالي خصوصا للأمين العام للحكومة الاتحادي أحمد لحليمي.
ملفات مدونة الشغل والانتخابات وأحداث سياسية ونقابية... وسعت الهوة بين الحزبين واتهم كل واحد الآخر بتهم وصلت حد القذف وصدرت في شأنها بلاغات من المكتب السياسي للحزبين، واعتبر نائب برلماني ميزانية السنة المقبلة التي قدمها الوزير الاتحادي ميزانية انتخابية.
وفي حوار أخير للأمين العام الاستقلالي، أجرته أسبوعية "الأيام" المغربية أكد عباس الفاسي أن القبول في المشاركة في الحكومة كان دافعه التحضير لإنجاز انتخابات نزيهة.
وأوضح الفاسي أنه يشعر بأن الحسابات الضيقة والأنانية تطغى على الأداء الحكومي. وطلب من حزب الوزير الأول القيام بنقد ذاتي ومراجعة لأدائهم في الحكومة. الوزير والأمين العام لحزب الاستقلال أوضح أن قيادة حزبه قادرة-في حال فوزهم في الانتخابات المقبلة 2002-على ما لم تستطعه حكومة الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي.

أمام هذا التصعيد بدأ حزب الاتحاد الاشتراكي بالتنسيق مع حزب التجمع الوطني للأحرار-المشارك هو الآخر في الحكومة-حيث قبل هذا الأخير بنظام الترشيح باللائحة، بعد تردد، الذي دعا إليه كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال. حزب كان يعتبره الحزب الاشتراكي صنيعة الإدارة المغربية.

وتتجاوز الصراعات الحزبية في المغرب السياسي لتشمل التاريخي، ذلك أن جل الأحزاب السياسية المغربية، والتي يفوق عددها عشرون حزبا، قد خرجت من رحم حزبين وهما حزب الاستقلال وحزب الحركة الشعبية، مما يوضح أن التعطش للسلطة وحب الظهور بمظهر زعيم قيادي كانت أساس الانشقاقات التي وقعت في هذه الأحزاب، وأن الاحتجاج بالسياسي ما هو إلا در الرماد في العيون.&&&&&