&
جيرالدين امييل: دخل اثنان من أقطاب الاقتصاد العالمي الثلاثة، الولايات المتحدة واليابان، في مرحلة انكماش اقتصادي في وقت تترنح فيه دول ناشئة مثل الأرجنتين، تاركين لعناية أوروبا المتأرجحة دعم الاقتصاد العالمي وحيدة. واعلنت الحكومة اليابانية الجمعة دخول البلاد مجددا في مرحلة انكماش حيث تراجع إجمالي الناتج الداخلي بمعدل 0.5% بين تموز (يوليو) وايلول (سبتمبر) مقارنة مع الفصل السابق.
الانهيار الارجنتيني
وكان إجمالي الناتج الداخلي تراجع خلال الفترة الممتدة بين نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو) بمعدل 1.2%.
وفترة الانكماش تحدد حين يسجل النشاط الاقتصادي تراجعا على مدى فصلين متتالين.
ومن جهتها دخلت الولايات المتحدة في مرحلة الانكماش في آذار (مارس) كما أعلن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، المعهد الخاص المكلف رسميا تسجيل أنشطة الدورات الاقتصادية الأميركية.
وحسب الأرقام التي نشرتها وزارة التجارة الأميركية فان إجمالي الناتج الداخلي الأميركي بدأ بالانكماش فقط في الفصل الثالث من العام 2001 حين تراجع 0.4% حسب الوتيرة السنوية بعد ان سجل نموا بمعدل 0.3% في الفصل الثاني و1.3% في أول ثلاثة اشهر من السنة.
لكن دخول اليابان في مرحلة انكماش في نفس الوقت مع الولايات المتحدة يزعزع استقرار أخر قطب اقتصادي غربي لا يزال في كامل نشاطه: أوروبا.
وذلك بدون تعداد الآثار المدمرة على الاقتصاديات الناشئة التي يرتبط أداؤها الاقتصادي إلى حد كبير بصادراتها إلى الدول الغنية. وفي هذا الإطار ترى الأرجنتين، التي تواجه وضعا حرجا، فرصها في الخروج من الأزمة تتراجع لا سيما وان اثنين من ابرز زبائنها يواجهان صعوبات اقتصادية.
واصبحت أوروبا تبدو بمثابة القلعة الحصينة لكن في الحقيقة فان التفتت قد بدأ يظهر في المقاومة التي تبديها حاليا منطقة اليورو التي يفترض ان تكون محمية "من مخاطر العالم الخارجي" كما يؤكد المحللون في "بيه ان بيه باريبا" في دراسة وضعت أخيرا.
وبالتالي في ألمانيا، أول اقتصاد في منطقة اليورو اصبح 33% من إجمالي ناتجها الداخلي يترنح. وبعد ان سجلت بين حزيران (يونيو) ونهاية أيلول (سبتمبر) تراجعا بمعدل 0.1% لاجمالي ناتجها الداخلي مقارنة مع الفصل الثاني فانها يمكن ان تسجل مجددا نموا سلبيا في الفصل الأخير وان تدخل في الانكماش.
وذكر وزير المالية الألماني هانس ايشل قبل أيام بان ألمانيا "شهدت خلال الفصل الثالث نموا سلبيا طفيفا بمعدل 0.1%" معتبرا ان بلاده قد تشهد "وضعا مماثلا في الفصل الرابع".
أما في فرنسا، القوة الاقتصادية الأخرى في منطقة اليورو، فان النشاط الاقتصادي لا يزال قويا لا سيما بسبب الاستهلاك الداخلي، لكن إلى متى؟. وحذر اقتصاديون بان نهاية هذه السنة ومطلع العام 2002 "ستكون اصعب بسبب تراكم أثار الأجواء الدولية المحبطة وفترة المماطلة التي تسبق عادة الانتخابات".
حتى إسبانيا، التي لا يزال أداؤها الاقتصادي متينا اضطرت لمراجعة توقعات نمو إجمالي ناتجها الداخلي عام 2002 سلبيا ليصل إلى 2.4% مقابل الرقم الأساسي الذي كان 2.9%. وفي ايرلندا التي سجلت تقدما اقتصاديا كبيرا قبل اشهر، هناك توقعات بتباطوء النمو إلى +4% في 2002 بعدما كان من المتوقع ان يصل إلى +6.75% هذه السنة.
وقال بيدرو سولب المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية الجمعة "نحن مقتنعون بان التباطوء الاقتصادي في منطقة اليورو لن يكون شديدا كما في الولايات المتحدة وانه لن يكون هناك فترة انكماش" للاقتصاد الاوروبي.
من جهته اعتبر مكتب الإعلام والتوقعات الاقتصادية في إطار الأفاق الاقتصادية للعامين 2001-2003 ان "أوروبا ستلامس الانكماش خلال الشتاء" لكنها ستتفاداه بفضل المستهلكين في انتظار انتعاش الاقتصاد العالمي في الربيع المقبل.